أطلق الفلسطينيون وأخص بالذكر منهم "سكان قطاع غزة" ، خلال الفترة السابقة هاشتاج "#سلموا_المعبر" ، وانتشر هذا الوسم ، كالنار في الهشيم ، ليتصدر جميع منشورات المثقفين والكتاب والإعلاميين وحتى المواطنين العاديين ، حتي أصبح ورقة قوةٍ في أيديهم ، وجاء هذا الوسم بعد قيام السلطات المصرية بفتح معبر رفح ليومين فقط لمرور الحالات الإنسانية وأصحاب الأموال .
هذا الهاشتاج ، كان عبارة عن مطالبة لحركة حماس بتسليم المعبر للسلطة الفلسطينية ضمن الاتفاقيات السابقة للمصالحة ، وتنفيذا للشرط المصري لفتح المعبر بشكل دائم ، ونقول هنا ، سواء كان الشرط المصري بنية حقيقية أم لا ، فهو يحق لها بمنظورها ، رفض التعامل مع "حماس" خاصة في مواقفها الاخيرة من الاخوان المسلمين والأحداث هناك ، ومن هذه الناحية اعتبرت "حماس" هذا الضغط الشعبي عليها ، ظلم ، لأنه في اتجاه واحد ، وأثار غضب قيادتها التي اعتبرته مساً لكبريائها أمام العالم ، بأن شعب غزة يرفض حكمهم .
وكعادتها حاولت خلق ماكنة إعلامية مضادة لهذا "الهاشتاج" ولكن دون جدوى ، لأن الأمر فاق كل التصورات والتوقعات ، واستمرار العناد لربما يجعل "حماس" في مواجهة مباشرة أمام "شعب غزة" ، الذي بدأت ترتفع وتيرة غضبه تدريجياً .
أعتقد أن المحلل الحكيم يستطيع الوصول للقول ، إن أي حماقة ترتكبها حركة حماس في قطاع غزة ستكلفها خسارة الحكم ، والخروج من المشهد الشعبي برمته ، حتى في ذكرى انطلاقتها الأخيرة ، التي كانت أشبه بالمحاولة لإعادة الثقة لأنفسهم بعد زعزعتها ، كانت محاولات فاشلة ، لأن الحشود التي خرجت هي من أبناء الحركة المنتسبين والمستفيدين مباشرة منها ، ولم يكن هناك خروجا شعبيا للمؤيدين كما كان في السابق .
خلاصة الحديث في هذا الاتجاه ، أن الخيار الوحيد أمام حركة حماس في هذا المحك الخطير لمستقبلها الشعبي ، النزول عند رغبة الشارع الفلسطيني والاعلان عن استعدادها تسليم معبر رفح البري للسلطة الفلسطينية دون أي شرط ، حتي ولو كان تكتيكياً فهي لن تخسر شيئا سوى القليل من كرامتها التي أُهدرت دماءٌ لأجلها أكثر من مرة في المحافظة على كبريائها ومقولة ان "أحداث 2007 الدموية التي وقعت في قطاع غزة ، كانت خطوة في الاتجاه السليم" .
خاصة وأن تحدثنا عن انتخابات مقبلة ستكون أشبه بمعركة شرسة لن يفوز فيها إلا صاحب المال والنفوذ العربي والدولي ومن يمتلك مفاتيح فك أزمات الفلسطينيين على كافة الأصعدة .
أهمها على المستوى الغزي ، أزمة معبر رفح البري وأزمة الكهرباء ، والمستوي المعيشي أيضاً ، "البطالة والفساد والعنصرية القيادية .. ألخ " ، وعلى الصعيد العام والمصالحة الفلسطينية ، القدرة على الليونة في التعامل مع هذا الملف ، وتقديم التنازلات للملمة الكل الفلسطيني من خلال مبادرات مدعومة عربياً ومقبولة دولياً .
من يستطيع إخراج حركة حماس من العزلة السياسية العربية والمقاطعة العامة لها ، هو الوحيد القادر على جعل أصوات سكان قطاع غزة في يديه ، فكل المناكفات والمحاولات في إقصاء "حماس" لن تنجح والتجارب السابقة أكبر دليل ، الحل سحبها للمربع العربي والدولي ونسج علاقات مع الدول المعادية لها في الفترة الأخيرة بسبب مواقفها السياسية المنحازة للإخوان المسلمين ، وهنا يكمن التنازل الوطني الحقيقي من قبل حركة حماس .
أما العلاقة مع اسرائيل ، فهنا يحتاج "المنسق الفلسطيني الجديد" ، لتقديم اتفاق يكون بحجم التضحيات ويقبله الفلسطيني المنتفض ، وأيضاً حالة من استراحة لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني والنفسية الداخلية للشعب حتي نكمل الطريق ونعيد البوصلة في اتجاهها الصحيح .
هذا المنسق الذي أشير له ، لا يمكن أن يكون من أصحاب الوجوه الحاليين ، أو المجربين في سدة الحكم ، بل يجب ان يكون منقذا خارجيا ، أو على دكة الاحتياط ، فالسلطة الفلسطينية برئيسها "أبو مازن" لا تستطيع فعل ذلك ، لأنها تعانى من نفس العزلة السياسية التي تعانى منها حركة حماس وإن كانت بأقل حدة .
خلاصة الحديث ، الرئيس "أبو مازن" ممثلا بالسلطة الفلسطينية وحركة حماس ، في مأزق دولي وعربي وشعبي ويجب تخريجهم من هذه الحالة بأية طريقة كانت لإنقاذ المشهد الفلسطيني ، ونحتاج لذلك "منقذا فلسطينيا مقبولا عربياً ودولياً " ولديه حاضنة شعبية حتى ولو كانت ضعيفة مبدئياً ، سواء اتفقت عليه القيادة أو اختلفت ، وعلى الشعب الفلسطيني تقرير مصيره في اختيار هذا المنقذ والضغط لإجراء انتخابات قبل فوات الأوان .