بعد خطاب عباس..ربحنا "محلل سياسي" خسرنا "رئيس دولة"!

1622458077-1144-3.jpg
حجم الخط

كتب حسن عصفور

في ظل أوسع خلاف سياسي منذ قرار الرئيس محمود عباس بالتخلي عن اجراء الانتخابات العامة، المتفق عليها في وثيقة حوار القاهرة فبراير م مارس 2021، عقد المجلس المركزي دورته الـ 31، بنصاب رقمي واسع وبنصاب سياسي ضيق، حيث غادر حزب الشعب وشخصيات مستقلة ذات تأثير وطني، الى جانب المقاطعين للمجلس المركزي السابق كالجبهة الشعبية من فصائل المنظمة وحركتي حماس والجهاد، رغم لا عضويتهم رسميا في منظمة التحرير.

ومع حجم الإشكاليات السياسية والقانونية المحيطة بالانعقاد، كان منطقيا ان تحاول حركة فتح (م7)، بصفتها الحاكم الفعلي لمسار عمل المركزي، أن تبدأ برسالة تكسر كل الشكوك المحيطة حول الحدث الراهن، من خلال خطاب رئيسها ورئيس (المجمع الرسمي الفلسطيني – منظمة ودولة وسلطة تشريعية وتنفيذية) محمود عباس.

ولكن، الأمر جاء مخالفا، حيث تقدم "رئيس المجمع الفلسطيني الرسمي" عباس بخطاب نقله من دور الرئيس صاحب قرار الى محلل سياسي للأحداث وتطورها، منذ وعد بلفور حتى ساعته، مستعرضا محطات هامة وبلغة تبدو "ثورية"، خاصة في حديثه عن المجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية، وغرق في بعض السرد التاريخي قافزا عن محطات من جرائم حرب حديثة، آخرها خلال حرب مايو على قطاع غزة، دون تفسير لذلك.

خطاب الرئيس عباس، فقد العنصر المركزي الذي كان عليه أن يعلنه مع افتتاح دورة المجلس، الخاص بتنفيذ قراراته السابقة، والتي أشار لها ببعض من الخجل، وليس دوره أن يعيد تكرار المكرر من الكلام، وليس دوره أن يطلب من الآخرين ان يبحثوا، فلا يوجد تطورات جوهرية يمكنها ان تعيد النظر في أي من قرارات سابقة، بل العكس تماما، ما تلاها كان يجب أن يسرع من تنفيذها.

أما أن يذهب الرئيس للحديث عن "لن يبقى صامتا" امام أفعال دولة الاحتلال، وكل الخيارات مفتوحة، فتلك عبارات لا تترك أثرا بل لا تزيل "غبرة" من جسد العدو القومي، الذي بات يدرك تماما أنها كلمات محشوة برصاص صوت وألعاب نارية احتفالية، لتجديد شرعيته التي أصابها عطب وعفن.

تجاهل الرئيس عباس وظيفته الحقيقية التي تتعلق بتنفيذ ما سبق أن تم اقراره، واستعرض قدرته في قراءة ما كتب له نصا يعتقد كاتبوه أنه "ثوري جدا" بل و"مصلح جدا" بعدما أشار الى ضرورته، وكأن ذلك الإصلاح يحتاج الى لجنة جديدة، لتبحث ما يعرفه كل فتيان فلسطين.

ولعل الأمر المستجد والمثير، هو أن الرئيس عباس تحدث عن لجنة اصلاح، لكنه غفل كليا عن المطالبة بتشكيل لجنة خاصة لوضع آليات مناسبة خاصة بتقرير العفو الدولية وما سبقها من تقارير، اعتبرها هو هامة جدا. لكن أهميتها لم يستحق منه تحديد كيفية العمل على ما بعدها، وكيف ستقوم فلسطين بدورها لتنفيذ ما جاء بالتقرير أو بالتقارير.

ولأن منطق الرئيس عباس لم يكن بحثا عن حركة جذب وطني، فقد وضع شرطا جديدا لإنهاء الانقسام، عندما ربطه بضرورة الموافقة على الشرعية الدولية، فلم يعد مكتفيا بشرط ذلك لأي حكومة فلسطينية، بل شرطا لإنهاء الانقسام، بما يعني أنه يطرد مسبقا الجهاد وربما حماس، وأطراف أخرى من أطراف آخر حوار في القاهرة.

التستر خلف "الشرعية الدولية" شرطا لإنهاء الانقسام هو عمليا رسالة باستمراره، ومباركته لبقاء حماس في حكم غزة وخطفها، كهدية سياسية لكل "أنصار الانقسام"، واستمراره بصفته قاطرة استكمال المشروع التهويدي – التوراتي.

بعد خطاب الرئيس عباس أمام المركزي..ربحت فلسطين محللا سياسيا ولكنها خسرت رئيسا..هل نبارك أم نلطم..كل حسب الخيار!

ملاحظة: هو ليش قطعوا بث كلمة الرئيس عباس أمام "المركزي" بعدما روجوا لها بأنها "تاريخية"..حتى ما اعتذروا ولا قالوا نأسف لوجود خلل ما في الربط مع مقر المقاطعة..هاي اسمها "قلة ذوق"..صحيح عارفين انكم بدونه..بس حابين نذكركم!

تنويه خاص: مبروك للسنغال فهذا واجب رياضي..ولكن الصحيح خسارة مصر كانت قاسية بعد انتظار فرحة تمنينا حدوثها لتزيل بعض من "كآبة" مشهد طل علينا من "ريان" فشفشاون ومر على بقايا وطن في فلسطين...مع هيك يا مصر افخري بشبابك القادم!