رسالة الطائرة المُسيّرة: "حزب الله" لم يعد يخشى خرق السيادة الإسرائيلية

عاموس-هرئيل.jpg
حجم الخط

بقلم: عاموس هرئيل

 

 



بعد تردد وجدوا في الجيش الإسرائيلي المفهوم السلبي المناسب للجسم الطائر الذي تسلل إلى إسرائيل من لبنان ظهيرة يوم الجمعة، وحلق في سماء البلاد دون إزعاج دقائق عديدة.
هل هو طائرة بدون طيار؟ هذه الصفة كبيرة على تلك الأداة. هل هو طائرة شراعية؟ هو أكثر بقليل من ذلك. في نهاية المطاف اختار الجيش الإعلان بأن ما يدور الحديث عنه في الاختراق هو طائرة صغيرة، تملصت من الإسقاط ويبدو أنها نجحت في العودة بسلام إلى حضن مشغليها، رجال "حزب الله" في جنوب لبنان.
أعلنت المنظمة الشيعية المسؤولية عن إطلاق الطائرة الصغيرة، لكنها لم تنشر الصور.
ربما أن الأمر يتعلق بقيود تقنية؛ وربما أن المنظمة تنتظر الوقت الإعلامي المناسب في إطار الحرب النفسية التي تشنها ضد إسرائيل.
صفة طائرة صغيرة بالتحديد تضع هذا الحادث في نصابه. عندما اخترق "حزب الله" للمرة الأولى سماء إسرائيل في أحداث 2003 و2005 ومرة أخرى في 2012، كانت هذه بشكل عام طائرة مسيرة أثقل، كما يبدو وضعت في طياتها أيضا إمكانيات كامنة لضرر طبقا لذلك.
في هذه المرة يدور الحديث عن طائرة صغيرة من الصعب كما يبدو تحديد مكانها وإسقاطها أثناء طيرانها. في المقابل، يمكن التفكير في رد إسرائيل.
فاجأ اختراق الطائرة الصغيرة الجيش الإسرائيلي كما يبدو بسبب غياب تحذير استخباراتي مسبق، لذلك تم تشغيل صافرات الإنذار في شمال البلاد وأثارت ذعرا معينا في أوساط المواطنين. بعد ذلك تم الإبلاغ بأن طائرات حربية لسلاح الجو قامت بطلعات منخفضة في سماء بيروت.
قبل شهر تقريبا نشر في "هآرتس" عن الاستخدام المتزايد الذي يقوم به "حزب الله" للطائرات الشراعية لاختراق الحدود في الشمال، سواء لجمع المعلومات أو لاستفزاز متعمد ضد إسرائيل.
الخميس الماضي تم إسقاط طائرة شراعية أخرى. إطلاق الطائرة الصغيرة، قبل أيام، يبدو رسالة من "حزب الله": حتى لو أسقط الجيش الإسرائيلي في كل مرة طائرة لنا، سواء سموها مسيرة أو طائرة صغيرة أو طائرة شراعية، يمكننا أن نواصل الإطلاق نحو الجليل متى أردنا. إذا كانت إسرائيل تعتقد أنه يمكنها خرق سيادة لبنان عبر طلعات لطائرات مسيرة وطائرات حربية فان "حزب الله" أيضا سيعمل بصورة مشابهة من الجنوب.
السؤال الذي يجب طرحه بعد ذلك على المستوى السياسي وفي الجيش هو هل الانشغال الواسع بالطائرات المسيرة بشتى أنواعها يخدم إسرائيل؟ وتشغيل أجهزة الإنذار، ناهيك عن طلعات الاستعراض للتخويف في لبنان، تخلق نوعا من المعادلة الجديدة لاستخدام القوة الجوية بين إسرائيل و"حزب الله"؟ فعليا لا توجد احتمالية كبيرة للمقارنة. ففي المجال الجوي إسرائيل أقوى بدرجة لا تقاس من "حزب الله". السيطرة الجوية الإسرائيلية في لبنان واضحة منذ سنوات كثيرة.
في المقابل، تتطور أمام إسرائيل مشكلة بعيدة المدى، لا تكثر من الحديث عنها علناً.
يوجد "حزب الله"، بمساعدة إيران، في السنوات الأخيرة في عملية متواصلة من تطوير منظومة الدفاع الجوي.
بصورة مشابهة يتصرف النظام السوري بمساعدة روسيا. التزود بمنظومات دفاع جوي متطورة تضع تحديا أمام سلاح الجو وتقتضي تخطيطا حذرا أكثر للطلعات من أجل مواصلة تنفيذ المهمات الملقاة عليه في الجبهة الشمالية.
أيضا بهذه الصورة تتجنب إسرائيل تقريبا كليا إجراء هجمات جوية على أراضي لبنان. يحدث هذا في ظروف استثنائية جدا مثلما في الرد على إطلاق الصواريخ في السنة الماضية أو في القصف الفريد للحي الشيعي في جنوب بيروت الضاحية في آب 2019. في ذاك الهجوم، كما نشر، تم تدمير مكون حيوي في "مشروع الدقة" التابع لـ"حزب الله" من أجل تحسين دقة ترسانة الصواريخ والقذائف التي بحوزته.
يوجد إغراء لوسائل الإعلام للربط، تقريبا بشكل أوتوماتيكي، بين الأحداث على حدود لبنان والتوجهات الأوسع في الشرق الأوسط.
فقط في الأسبوع الماضي تم الاقتباس عن مصدر سياسي رفيع في الجيش، تحدث عن الخطر الذي يواجهنا من الطائرات المسيرة الإيرانية. ولكن يجب الانتباه أيضا للفروق. إسرائيل قلقة من الاستخدام الواسع للمسيرات الهجومية، والذي تقوم به إيران بوساطة مليشيات شيعية تقوم بتشغيلها في العراق وفي سورية وبمساعدة المتمردين الحوثيين المدعومين من قبل طهران في اليمن.
في السنوات الأخيرة كانت هناك عدة هجمات كهذه، كانت ذروتها المؤقتة في الإضرار الشديد الذي تسببت به لمواقع نفط لشركة "أرامكو" في السعودية في أيلول 2019.
يدور هنا الحديث عن اختراق طائرة صغيرة من لبنان. تصعب المقارنة.
حسب معرفتنا، إيران غير متورطة في الحادث الأخير في لبنان. في الأسبوع الماضي نشر أن "حزب الله" يؤيد الاتفاق الآخذ في التبلور بوساطة أميركا بين إسرائيل ولبنان بشأن التنقيب عن الغاز في المنطقة محل الخلاف التي توجد في البحر المتوسط.
الظروف الاقتصادية في لبنان صعبة جدا، إلى درجة أن "حزب الله" لا يتجرأ على الظهور كمن يتسبب بفشل جهود الإنقاذ المحتملة للاقتصاد في الدولة. هذا الوضع لا يضمن كبحا كاملا لـ"حزب الله" في كل ما يتعلق بمواجهة عسكرية مع إسرائيل. ولكن يبدو أن الأزمة الاقتصادية تؤثر مع ذلك على "حزب الله" ليتجنب الانزلاق إلى مواجهة مباشرة مع الجيش الإسرائيلي طالما أن الاقتصاد يوجد في أزمة شديدة جدا.

عن "هآرتس"