قال النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، حسن خريشة، إنَّ الحياة السياسية الفلسطينية العامة، تسير من سيئ إلى أسوأ، في ظل تغييب المؤسسات التشريعية المُنتخبة، وسيادة "حكم أفراد" قائم على المزاجية في التعامل مع المعارضين؛ مٌُشدّداً في ذات الوقت على أنَّ ما جرى مع الدكتور ناصر القدوة وغيره بسحب جواز السفر الدبلوماسي الفلسطيني، يندرج في سياق المزاجية ومخالفة القانون الأساسي الفلسطيني.
وأضاف خريشة، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر"، اليوم الثلاثاء: "إنَّ القرار المتعلق بالجواز السفر الدبلوماسي الفلسطيني، الذي أصدره الرئيس محمود عباس، في السادس من شهر فبراير الجاري، يُعطي الرئيس صلاحيات لمنح وسحب الجواز الأحمر، حسب مزاجه في مخالفة واضحة للقانون الأساسي الفلسطيني".
وأشار إلى الإساءة الكبيرة للجواز الفلسطيني الأحمر، بمنحه للكثير من الفئات الغير مؤهلة، التي تلجأ إلى استخدام جوازات أخرى بمجرد وجودها على الجسر مع الأردن؛ مُوضحاً أنَّ القرار الجديد جاء لمنحه لأعضاء المجلس المركزي الجُدد.
واعتبر أنَّ سحب الرئيس عباس جواز السفر الدبلوماسي من عدد كبير من أعضاء المجلس التشريعي؛ رغم أنَّ القانون يمنحهم إياه بعد حلّ المجلس وتقاعدهم.
وتابع: "في مسألة منح وسحب جواز السفر الدبلوماسي الفلسطيني، كان هناك قانوناً يحكم العملية، فالذين يُسمح لهم بامتلاك جواز السفر الفلسطيني الدبلوماسي، كانوا كُثر من أعضاء المجلس التشريعي وزوجاتهم، بالإضافة إلى الذين يعملون في السلك الدبلوماسي، من الوزراء والسفراء وأعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والأمناء العاميين للفصائل الفلسطينية وغيرهم".
وأردف: "القرار زاد عليه، أعضاء المجلس المركزي الفلسطيني مُؤخرًا، وبالتالي الأمور كانت تجرى دائمًا بطريق الاستثناءات؛ والقانون الذي وضعه به ثغرة؛ لأنّه يُتيح للرئيس بشكلٍ أو بآخر، إعطاء من يشاء ومنعه عمن يشاء تحت ذرائع أنّه يُسبب الضرر للسلطة الفلسطينية ولا يسير كما يجب".
واستدرك: "لكِن المزاجية في التعامل يجب أنّ تتوقف؛ لأنَّ جواز السفر الفلسطيني الأحمر الذي يُسمى الدبلوماسي يتم الإساءة له من كثرة أعداد الذين يحملونه وعدم أهلية هؤلاء لتمثيل فلسطين، حيث يستخدمون الجواز الآخر وليس الفلسطيني؛ أو أنّ يُنكر وجوده، وهذا أمرٌ مُعيب".
وكان الرئيس عباس قد أصدر قراراً بسحب الجواز الدبلوماسي من القيادي الفتحاوي د. ناصر القدوة، فيما تم إصدار جواز سفر عادي له ووضع عليه "مهنة طبيب أسنان" في خانة المهنة، مع احتمال أنّه لم يتم إدراج الجواز الأخير في أجهزة الكمبيوتر على المعابر ليُصبح نافذاً، ما أدى إلى تخوّف القدوة من عدم استطاعته دخول الأراضي الفلسطينية المحتلة".
والقدوة هو ابن أخت الرئيس الراحل ياسر عرفات، وهو موجود في زيارة منذ نحو ثلاثة أشهر لفرنسا حيث عائلته، وعيّن عرفات القدوة في منصب الممثل الدائم لمنظمة التحرير الفلسطينية في الأمم المتحدة منذ عام 1991 وحتى عام 2003، وشغل القدوة منصب وزير الخارجية منذ عام 2003 وحتى 2005.
وسبق أنَّ أصدر الرئيس عباس قراراً بقانون في السادس من شباط الجاري، يُعدّل فيه شروط منح وسحب جواز السفر الدبلوماسي، وتم نشر القرار في الجريدة الرسمية ليصبح نافذاً، ويمنح التعديل الجديد للقانون الرئيس حق استخدام الجواز الدبلوماسي لمكافأة الموالين له، حيث تم توسيع الفئة التي يُمكن منحها هذا الجواز، إضافةً إلى قمع المعارضين له عبر سحبه منهم.
وبالحديث عن الجهة المخولة بمتابعة مسألة سحب جواز السفر الدبلوماسي، قال خريشة: "إنَّ الجهة المخولة هي صاحبة إصدار هذه القوانين، أيّ المجلس التشريعي الفلسطيني؛ لكِن تم حلَ المجلس والتعدي على حقوق كثيرين من نوابه".
ولفت إلى أنّه تم إحلال المجلس المركزي، بدلاً من التشريعي والوطني؛ مُبيّناً أنَّ المجلس المركزي يسوده لون سياسي واحد؛ ويُمكن اللجوء للمحاكم؛ لكِن القضاء بصورته الحالية لا يُعطي عدالة ناجزة.
أما عن التداعيات السياسية لمثل هذه الخطوات التي تقوم على إقصاء المعارضين، أوضح خريشة، أنَّ "تغييب المؤسسات الشرعية المنتخبة، وعدم وجود أجسام منتخبة، يفتح المجال أمام ممارسات كثيرة لا يرضى عنها المواطن ولا المعارضة".
وشدّد على أنَّ وجود أفراد يتحكمون بكل شيء، يُوسع قاعدة الفساد، وممارسات خارجة عن القانون، لافتاً إلى أنَّ فلسطين لا يحكمها شخص أياً كان.
وحسب القانون الجديد فإنَّ جواز السفر الدبلوماسي يُسترد تبعاً لعدة شروط، هي: "في حال فقدان الجنسية الفلسطينية، أو في حال صدور حكم قطعي بحق حامله من مجلس تأديبي أو من محكمة مختصة في جناية مخلة بالشرف أو الأمانة، وفي حال فقدان الصفة التي حاز جواز السفر الدبلوماسي بموجبها أو في حال استخدام جواز السفر الدبلوماسي في ارتكاب جريمة يعاقب عليها القانون".
كما يوجد شرط ضبابي في القانون الجديد، ومن المرجح أنّه الذي استُخدم ضد القدوة وقد يُستخدم لاحقاً ضد معارضي سياسة الرئيس، ويفيد حسب القانون الجديد المعدل "دعم أو مناصرة جهة خارجية أو داخلية ضد دولة فلسطين ومؤسساتها الدستورية، أو تهديد مصالحها الوطنية واستقرارها الدستوري والنظام والسلم الأهلي فيها".
وختم خريشه حديثه، بالقول: "لا يوجد خيار أمام الشعب الفلسطيني وكافه قواه، سوى الضغط لإجراء الانتخابات العامة، من أجل تجديد الشرعيات وإلا سندور في ذات الدوامة"، مُؤكّداً على أنَّ الحريات العامة في فلسطين تعيش أزمة حقيقية.