قراءة اولية في ألنتائج المتوقعة للإجتياح العسكري الروسي لآوكرانيا

حجم الخط

بقلم:محمد النوباني

 

ليس واضحاً بعد فيما إذا كان الهدف من الهجوم العسكري الذي أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قوات بلاده بشنه على آوكرانيا في ساعة مبكرة من صباح امس هو إستعادة الاراضي ألتي يقول بأنها كانت تاريخياً أراض روسية اهداها لينين لآوكرانيا،وهي بالمناسبة تشكل معظم مساحة هذه الجمهورية السوفياتية ألسابقة،فقط،أم أنه يتجاوز ذلك إلى السيطرة على كامل الاراضي الآوكرانية وضمها إلى روسيا ، وإن كنت ارجح الإحتمال الثاني لا سيما بعد أن قال بوتين قبل ايام بأن اي هجوم على الدونباس سيؤدي إلى زوال آوكرانيا كدولة مستقلة.
ولكن وبصرف ألنظر عن ذلك، فإن ما استطيع قوله على عجالة أن قرار بوتين الذي لا رجعة فيه هو قرار مدروس بعناية ويهدف إلى منع آوكرانيا من الإنضمام لحلف شمال الاطلسي “النيتو” على إعتبار أن خطوة من هذا النوع تشكل تهديداً إستراتيجياً خطيراً للأمن ألقومي الروسي.
وأمام هذا الإصرار الروسي على استعادة آوكرانيا ومنع توسع حلف الناتو شرقاً فإن الأمر المؤكد ايضاً أن الرئيس الأمريكي جو بايدن وحلفائه في الغرب لن يغامروا بالتدخل عسكرياً لنجدة عملائهم في كييف لا سيما وإن روسيا مصرة على تحقيق هدفها حتى لو ادى ذلك إلى إشعال فتيل حرب نووية تؤدي إلى فناء العالم حيث قال بوتين قبل ايام لا حاجة لهذا العالم بدون روسيا قوية.
وقراءتي الشخصية أن الخطوة التي اقدم عليها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإجتياح آوكرانيا تشبه عملية جراحية إستئصالية نسبة النجاح فيها عالية جداً ،وإن كانت لا تخلو من بعض المخاطر.
بمعنى آخر فإن الروس يدركون بأن معركتهم في آوكرانيا وعلى آوكرانيا هي معركة من اجل بعث روسيا دولة عظمى وبالتالي فهي ليست سهلة ولن تكون مفروشة بالورود. فهم سيتعرضون لعقوبات وضغوط وحتى لحصار خانق ولكنهم متأكدون بأنهم سينجحون في تحقيق أهدافهم ولكن امريكا ومعها حلف الاطلسي سوف يفشلون.
فمواجهة عسكرية امريكية اطلسية مع روسيا تعني حرباً نووية،وحرباً من هذا النوع ليس بمقدورهم الإنتصار بها،بل ستؤدي إلى فناء البشرية، ولذلك فإنهم سيتجنبوها. وبناء على ذلك فإن الرئيس الأمريكي جو بايدن، سوف يصعد كلامياً، ولكنه في نهاية الأمر سوف يتخلى عن الرئيس الآوكراني فلاديمير زيلينسكي، عميل واشنطن في كييف، وسيتركه لمواجهة مصيره كما تخلى العام الفائت عن عميله في كابول افغانستان اشرف غني الذي فر هارباً من بلاده وهو يحمل حقائب مليئة بالدولارات التي سرقها من اموال الشعب الافغاني.
فأمريكا كانت تتخلى عن عملائها وهي في اوج قوتها، فكيف سيكون حالها وهي في مرحلة ضعفها وأفولها؟!.
وقد عبر عن هذه الحقيقة وزير الدفاع البريطاني بن والاس حينما قال معقباً على هروب القوات الامريكية من افغانستان وتخليها عن عملائها في كابول بقوله أن ذلك يؤكد بأن الولايات المتحدة الامريكية لم تعد قوة عظمى بل باتت دولة كبرى فقط منوهاً إلى أن القوى العظمى لا تتخلى عن إلتزامتها.
وفي ألختام ،فكما كانت المعركة في سورية وعلى سورية،مقدمة لعودة روسيا دولة عظمى، فإن المعركة الحالية في آوكرانيا وعلى آوكرانيا ستكون مقدمة لتشكيل عالم متعدد الاقطاب على انقاض عالم القطب الواحد الامريكي الذي نشأ بعد إنهيار وتفكك الاتحاد السوفياتي السابق.