خطاب "بايدن"..اعتراف تاريخي بالهزيمة السياسية القادمة!

621b0ea0423604318e76b961.jpg
حجم الخط

كتب حسن عصفور

 أنهى الرئيس الأمريكي خطابه حول "الحال الاتحادي" فجر يوم الأربعاء، دون أن يخرج عن متلازمته في الخلط بين الأسماء والصفات، عندما استبدل دعم "الأوكرانيين" بدعم "الإيرانيين"، وخصص ما يقارب 25 % منه الى الوضع في أوكرانيا، والحرب الدائرة فيها.

قد يبدو منطقيا تخصيص تلك المساحة في خطاب الرئيس الأمريكي السنوي، نظرا لما سيكون لنتائج تلك الحرب على النظام الدولي، والذي بدأ يتكون عمليا، وقبل أن تصل الى محطتها الأخيرة، حيث عادت أوروبا للتذكر أنها "قوة قادرة"، فيما قررت الدول العربية أن تكون حاضرة بلا ذيلية.

خطاب بايدن، أشار موضوعيا، الى انتهاء نظام الرئيس الأوكراني الحالي اليهودي زيلينسكي، وأن المستقبل لنظام غيره، عندما أشار بلا التباس أن "بوتين سيربح أوكرانيا لكنه سيخسر كثيرا"، ولم ينس التأكيد أن أمريكا لن تخوض حربا مع القوات الروسية، ولكنها تستعد للدفاع عن بلدان أخرى، فيما لو أكملت تدخلها (إشارة لدول خانت العهد مع روسيا وانضمت الى حلف الناتو ومنها إستونيا ولاتفيا ولوتوانيا) في تمييز واضح عن أوكرانيا.

بايدن، استعرض ملامح العقوبات التي بدأ يفرضها على روسيا، سواء حظر الطيران والتفكير "القانوني" بمصادرة أموال وأملاك "فئة الأولغارشية" الروسية، ومهددا بالمزيد، وواعدا الأمريكان وغيرهم بأنه سيعمل على توفير بدائل الطاقة والغاز، وهو ما يشغل الذهن الإنساني العام.

ولكن، ربما الأهم الذي يجب ملاحظته ليس ما قاله بايدن فقط، بل ما لم يقله في الخطاب، سواء لجهة قضايا دولية مركزية، أو الخسائر المرتدة من جراء "العقوبات" المفروضة وأثرها على الاقتصاد العالمي، ومنه الأمريكي.

بايدن، وبعدما خصص ربع خطابه لأوكرانيا والرئيس الروسي بوتين الذي سيطر اسمه كثير، تجاهل بشكل مثير، قضية الشرق الأوسط بكل ما بها من صراع مخزون، أو ما يتعلق بتطور علاقات دول عربية مع دولة الفصل العنصري "إسرائيل"، ما يعرف بالتطبيع العام، تجاهل يشير الى أن أمريكا تنسحب من الاهتمام بالمنطقة، رغم أنها قد تحتاج خلال سنوات قادمة الى مخزون الطاقة والمال.

أن يتجاهل الاتفاقات التطبيعية، فتلك ربما أحد مظاهر "المناكفة السياسية" مع "عدوه الخاص" الرئيس السابق ترامب، خاصة بعدما كسر تقاليد بمدحه الرئيس الروسي بوتين بعد العملية العسكرية في أوكرانيا، لكن أن تختفي المنطقة بكاملها عن خطاب استمر 65 دقيقة منها 33 لأوكرانيا، فذلك مؤشر على فقدان "مركزية الدور الأمريكي" في الشرق الأوسط والمنطقة العربية.

وغابت الإشارة كليا الى الملف النووي الإيراني ومباحثات فيينا، المفترض أنها دخلت مرحلة حساسة جدا، الى جانب انعكاسها وأثرها على المشهد الدولي بكامله.

ولم يقف الأمر عن ذلك، فقد تجاهل بايدن المسألة الأفغانية، رغم أن ارتدادها لم ينته بعد داخل الولايات المتحدة، خاصة في ضوء الانسحاب المرتبك.

وقد يكون حذره من الحديث عن العلاقات مع الصين وموقفها من روسيا، بدأ ملموسا جدا، ما يحمل محاولة لعدم استفزازها أو العمل على محاصرة اندفاعها في العلاقة مع روسيا.

مجمل الغائب عن خطاب بايدن تؤكد بوضوح كامل، فقدان "رؤية استراتيجية متسقة" فيما تتعلق بالقضايا المركزية عالميا، وأن المعالجة انتقلت من "الفعل المسبق" الى "رد الفعل المرتبك والحذر"، مؤشرات على بداية فقدان "هيبة الدولة الأعظم" أو "القطب الأوحد".

خطاب بايدن، رسالة اعتراف تاريخي بالهزيمة السياسية القادمة، وبأن العملية العسكرية الروسية بدأت في تحقيق نتائجها لكسر معادلة الهيمنة وحيدة القرن السياسي، وبداية لولادة نظام دولي جديد، بمراكز جديدة

ملاحظة: مشهد سفير نظام زيلينسكي في تل أبيب مرتجفا متوسلا لفتح باب استقبال "المهاجرين"، تكشف "رعب" حكومة الإرهاب الحكم من "الغضب الروسي"..يهود الكيان مش واثقين لا بأمريكا ولا بأوروبا..حاسة الشم للجاي كبيرة!

تنويه خاص: لا تزال الرسمية الفلسطينية غائبة عن المتابعة السياسية لتطورات ملف الحرب في أوكرانيا.. خطاب اليهودي بلينكن (وزير خارجية رأس الحية) في مجلس حقوق الانسان ما كان لازم يمر بتغريدة..جد الواحد مش عارف شو يقول عنكم..فعلا  إنكم خزوة!