بقلم/ حسام الدجني
الفتنة الطائفية خطر يحدق بالأمة الاسلامية، ولكن للأسف الأطماع الاستعمارية للجمهورية الاسلامية الايرانية بإعادة احياء المشروع الفارسي الكبير وقعت وأوقعت نفسها في شرك العداء مع الطائفة السنية، وهذا الخطأ الاستراتيجي الذي وقعت به ايران أضعف المنطقة بأسرها، والمستفيد الوحيد هو المشروع الصهيو أمريكي بالمنطقة.
لم يتوقف السلوك الايراني عند هذا الحد، فالعلماء الشيعة ساهموا بقصد أو بدون قصد في تعزيز العداء من خلال الطعن في معتقد أهل السنة، وهذه البيئة المعادية لأهل السنة أخرجت من رحم الطائفة الشيعية في ايران التطرف والعنف والكراهية، حيث يتعرض المسلمون السنة لمذابح وجرائم في الداخل الايراني، ولم يتوقف السلوك الايراني عند هذا الحد، حيث أنشأت ايران قوات الحشد الشعبي، وهي كتائب طائفية بامتياز، تمارس أبشع الجرائم بحق أهل السنة في العراق وغيرها. الدولة الايرانية تنفي عن نفسها تلك الاتهامات، وتستفيد من دعمها لحركات اسلامية سنية في نفي التهم الطائفية لها، حيث يسجل لإيران أنها الدولة الاسلامية الوحيدة التي دعمت المقاومة الفلسطينية وعلى وجه الخصوص حركة حماس بالسلاح والمال، وكل أشكال الدعم اللوجستي، حتى اندلعت الثورة السورية، فكان مطلوب من حركة حماس ثمناً سياسياً مقابل الدعم الايراني والسوري وحزب الله اللبناني، فرفضت حماس ذلك وانحازت للشعب السوري وللأمة الاسلامية، فأوقفت إيران ومحورها الدعم عن حركة حماس، وكان لهذا القرار الايراني أثراً واضحاً على مؤسسات حماس، فالحكومة الفلسطينية التي شكلتها حماس أوقفت صرف رواتب موظفيها كاملة، والجامعة الاسلامية تعاني أزمة مالية حادة لم تتمكن منذ شهور من صرف أكثر من 50% من رواتب موظفيها، ونفس الحال باقي مؤسسات حماس السياسية والعسكرية والامنية والاعلامية والاجتماعية. لكن الذكاء الايراني والذي يجب أن نقر به لم يغلق كل أبواب الدعم، فترك الباب موارباً لبعض الدعم العسكري لكتائب القسام، حيث تهدف ايران وحلفائها من احداث توازنات داخل المطبخ السياسي لحماس، وعدم قطع شعرة معاوية، وكأن ايران تمتلك قناعة راسخة وتراهن بأن الدول العربية لن تقف أو تدعم حركة حماس، وأن الحركة في نهاية المطاف ستعاني أزمة مالية خانقة، وستعود للحضن الايراني الدافئ،
ومن هنا قد يكون موقف حماس من اغتيال سمير القنطار نابع من مرتكزين هما:
1- سمير قنطار اغتيل من الاحتلال الاسرائيلي وبذلك تعمل حماس كل ما بوسعها لا عادة تصويب البوصلة باتجاه الاحتلال.
2- رغبة حماس في ترميم علاقاتها مع ايران وحزب الله، دون المساس بعلاقتها بالآخرين. رغم اجتهاد حماس بذلك واصدارها بيان نعي للقنطار، إلا أن ذلك أثار موجة جدل واستنكار من أوساط صديقة لحماس رسمية وشعبية، ولم يقتصر الجدل على ذلك بل وصل لداخل القاعدة الحزبية للحركة الاسلامية. فالمواءمة كانت صعبة، فحماس غير راضية بالمطلق على ما تقوم به المليشيات الايرانية في العراق وسوريا واليمن.
ولكن قبل جلد حماس حول موقفها من بيان نعي سمير القنطار لابد من التأمل والتفكير بشكل جدي بالأسئلة التالية، وأتمنى بأن تصل لصانع القرار العربي وعلى وجه الخصوص السعودي.
1- هل قامت الدول العربية السنية بتوفير حاضنة مالية وسياسية واعلامية لحركة حماس ولفصائل المقاومة الفلسطينية كبديل للحاضنة الايرانية…؟
2- هل كافأت الدول العربية حماس بعد مواقفها من الثورة السورية واليمنية، بقيادة وساطة حقيقية لإنهاء الانقسام الفلسطيني، وترميم علاقة حماس بالشقيقة مصر، بما يضمن رفع الحصار عن قطاع غزة والقبول بحماس كأحد أركان النظام السياسي الفلسطيني..؟
3- هل قامت الدول العربية والإسلامية بمراجعة نظرية ملء الفراغ التي استفادت منها ايران بالتغول والتوغل على المنطقة العربية والافريقية والاسلامية…؟
4- هل طبقت المملكة نظرية احتواء الاسلام الوسطي المعتدل عبر احتواء المقاومة الفلسطينية التي تنسجم والقانون الدولي الانساني، وعلى وجه الخصوص حركة حماس..؟
خلاصة القول: بحكم متابعتي لمجريات الامور فإن عيون قواعد حماس وكوادرها هو باتجاه العمق السني، ولكن العقل والمنطق باتجاه ايران، والسبب لا يحتاج لتفكير كثير، بل هو نابع من غياب الحاضنة السنية العربية لحركات المقاومة الفلسطينية، فهناك مقولة للأمين العام لحركة الجهاد الاسلامي رمضان عبد الله شلح عندما سألوه عن ولائه لإيران , فقال: ليدعم المقاومة اهل السنة ودولها وعلى رأسها السعودية، ولن نطلب شيئا من ايران.