نشر حراك الحقيقة الأرثوذكسية أمس بيانا، عقب مشاركة بعض المقدسيين، مسيحيين ومسلمين، في الاحتجاج الذي نظمته بطريركية الروم الأرثوذكس في فندقي إمبيريال وبترا، ضد اقتحام المستوطنين لمبنى ليتل بترا، بحماية ورعاية ومساندة سلطات الأمن الإسرائيلية، وجاء في الفقرة الثالثة من البيان حرفيا:
".....خسارة فندق بترا الصغير كمقدمة لسلسلة خسائر متتابعة...."
حراك الحقيقة الأرثوذكسية، وكذلك المجلس المركزي الأرثوذكسي، لمن لا يعلم، يعملان ضمن التيار العربي المسيحي الأرثوذكسي المناهض للهيمنة اليونانية على الكنيسة الأرثوذكسية في البلاد، والتي يتهمها الحراك بالفساد وبتسريب عقارات الكنيسة التابعة لرعايا الكنيسة العرب، ويطالب بفرض رقابة شفافة نزيهة على ممتلكاتها وأموالها.
أنا كمقدسي شارك في تجمع الأمس، وكذلك في زيارتين سابقتين لبطريرك الروم ثيوفيلوس الثالث، أؤيد إخواننا المسيحيين العرب في جميع مطالبهم العادلة.
قبل سنوات نشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية العالمية تحقيقا، ذكرت فيه أن بطريركية الروم الأرثوذكس في عهد البطريرك الحالي ثيوفيلوس الثالث، باعت أو سربت 21 عقارا في فلسطين التاريخية مقابل 101 مليون دولار.
هل أنا متهم بأنني سعيد بتسريب عقارات الكنيسة أو التفريط بها بثمن بخس؟
نحن في القدس بالكاد نستطيع التعامل مع قضايا الشيخ جراح وسلوان والبلدة القديمة، ونفشل في أكثر الأحيان في صد هجمات المستوطنين واستيلائهم على عقارات القدس.
كما أن أكثر قضية تهمني كمقدسي، هي مكافحة الاستيطان في باب الخليل، والحفاظ على عروبة ميدان عمر بن الخطاب.
"هل ندعو لأندلس إذ حوصرت حلب؟"
فلنعد قليلا إلى الوراء.
سنة 2019 صدر قرار المحكمة الإسرائيلية العليا، بتثبيت حقوق الشركات الاستيطانية التي احتكرت عقارات باب الخليل سنة 2004، من الإدارة السابقة لبطريركية الروم الأرثوذكس بقيادة البطريرك المعزول إيرينيوس.
بعد ذلك بأيام قليلة قدمت الشركات الاستيطانية دعاوى ضد السكان المحميين لهذه العقارات، وبدأت تضيق عليهم الخناق.
خلال سنة واحدة أوشك فندق إمبيريال على السقوط بيد المستوطنين، وبعد ذلك بأسابيع انهار فندق بترا أيضا، بجزئيه الكبير والصغير.
الطريقة الوحيدة التي كانت متاحة لمنع المستوطنين من دخول الفندقين، كانت ضخ أموال طائلة.
إنتظرت القدس من ينقذ باب الخليل، فحضر الجميع للتضامن والتقاط الصور التذكارية، إلا أن أحدا لم يمد يد العون أو يفتح دفتر الشيكات.
كما أصدر المجلس المركزي الأرثوذكسي وحراك الحقيقة الأرثوذكسية بيانا تلو بيان، لإدانة بطريركية الروم والقائمين عليها، وتحميلهم مسؤولية تسريب العقارات وتسليمها للمستوطنين.
بعد أن فقدنا الأمل وأغلقت في وجوهنا كل الأبواب، سعينا لمقابلة بطريرك الروم ثيوفيلوس الثالث، وعلى رأسنا وزير القدس الأسبق السيد حاتم عبد القادر، لتوصيل رسالة واضحة له:
"بطريركية الروم و إيرينيوس باعا الحجر وعليك أن تنقذ البشر".
بعد ذلك بأسابيع دفعت بطريركية الروم 2 مليون شيكل وأنقذت فندق امبيرال، ثم دفعت 2 مليون شيكل أخرى وأنقذت فندق بترا.
قبل أسابيع زرنا البطريرك مرة أخرى، ليس فقط لشكره لأنه أنقذ عقارات باب الخليل، بل لتثبيت موقفه في الاستمرار في ضخ الملايين اللازمة في السنوات القادمة.
أما خسارتنا لمبنى ليتل بترا الذي هو جزء من فندق بترا، فليست نهائية، وسوف نسترجعه خلال يومين بإذن الله، وفي أسوأ الأحوال خلال بضع سنين، وليس لنا أن نلوم بطريركية الروم على هذه الخسارة المؤقته، وليس هذا الوقت المناسب لتوضيح كيف حدثت هذه الخسارة ومن المسؤول عنها.
بالعودة إلى بيان إخواننا في حراك الحقيقة الذي يبشرنا بأن بقية عقارات باب الخليل ستسقط تباعا بيد المستوطنين، يحق لنا أن نتساءل إن كانوا ضد أو مع سقوط العقارات بيد المستوطنين.
للأسف يبدو من بيانهم أنهم يتمنون سقوط هذه العقارات، لكي يتهموا بطريرك الروم مرة أخرة بالمسؤولية عن ذلك.
ألرجال مواقف، ولا شك أن موقف غبطة بطريرك الروم ثيوفيلوس الثالث من قضية باب الخليل، موقف مشرف، وكذلك موقف كل الشرفاء الذين يدافعون عن عروبة ميدان عمر بن الخطاب، أما موقف إخواننا في حراك الحقيقة الأرثوذكسية، فمؤسف حقا.
في النهاية، فقد تمكنت الإدارة اليونانية لبطريركية الروم قبل يومين من حشد المئات لنصرة باب الخليل، ولا شك أن حراك الحقيقة الأرثوذكسية يستطيع أن يحشد الألوف في ميدان عمر بن الخطاب، وعندما يحدث هذا سأشارك معهم أيضاً.