اسرائيل هيوم : مصلحة إسرائيل في التغيّر العربي تجاه سورية

اسحق ليفانون.jpeg
حجم الخط

بقلم: إسحق ليفانون

 





اذا كانت التقارير عن المبادرة لتهيئة الرئيس السوري الاسد للعودة الى حضن العالم العربي مقابل طرد الايرانيين من بلاده صحيحة، وارتعدت فرائص اسرائيل تجاهها لدرجة الاعتراض – سيكون هذا تفويتا للفرصة. وهذا ليس اول تفويت للفرص.

توجد فجوة غير مفهومة بين قدرات اسرائيل المبهرة على اخذ المبادأة العسكرية وبين قدراتها الضيقة في المبادرات السياسية. فالتقدير بان الاسد غير قادر على أن يخرج الايرانيين من سورية يعتمد على قراءة قديمة للواقع السوري. ففي الشرق الاوسط كانت في الماضي مفاجآت، بينما لم يعطِ كل الباحثون والسياسيون لهذا احتمالا، وليس فقط في الجيش. فكل المحللين في حينه قضوا بانه لا توجد قوة في العالم تخرج السوفيات من بلاد النيل، فجاء الرئيس السادات، وبمفاجأة تامة طردهم.

سيطر السوريون أنفسهم سنوات عديدة في لبنان بشكل مطلق وبيد ممدودة. هنا ايضا قالوا انهم لن يغادروا ابدا إذ ان لبنان في نظرهم هو جزء من سورية. ولكن اللبنانيين فاجأوا وطردوا السوريين من بلادهم.

بعد سنة من نشوب الحرب الاهلية في سورية حصل لي أن تناولت الطعام بالصدفة مع صحافي مشهور ومقدر في مطعم مقدسي شعبي، اغلق حاليا ابوابه. في جواب لسؤاله عن مستقبل الاسد بينما قدر سياسيون اسرائيليون بانه سيبقى بين اسبوعين حتى شهر، قلت ان الرئيس ليس فقط سينجو – بل في النهاية سيسعون الى عتبته ايضا. "انت الوحيد في الساحة الذي تفكر هكذا"، عقب محادثي بمفاجأة. ذكرته أنا بالتعريف بان كل وضعية سياسية تتغير مع الزمن والظروف، وتخلق واقعا جديدا واحدا او اكثر. والان السؤال هو اذا ما نشأ في سورية واقع مختلف عما اعتدنا عليه، واعتقد أن نعم. فمن كون ايران شريكا استراتيجيا منذ عهد حافظ الاسد تحولت الى عبء على اعمار سورية. مصر، الاردن، العراق، الامارات، المغرب والبحرين معنيون باعادة سورية الى حضن العالم العربي. وهم يعلنون ويعملون على تحقيق ذلك. والاسد يفهم بان ليس ايران، ليس الصين وليس روسيا يمكنهم ان يعيدوا بناء دولته المدمرة. الغرب وحده يستطيع.

سورية مستقرة تساهم كثيرا في استقرار الشرق الاوسط، ولكن على الا نقع في الخطأ. فالاسد هو مجرم حرب وما فعله لشعبه لا يغتفر. اذا ادى الواقع الجديد الناشيء الى تغيير جوهري في سورية، ومن هنا ايضا في الشرق الاوسط، ممكن جلب الاسد الى المحاكمة في المستقبل عندما تستقر سورية. في هذه الاثناء، يرى الاسد بانه تتبلور جبهة سُنية ضد ايران ويفهم بانه لن يتمكن من الوقوف جانبا لوقت طويل. اسرائيل مدعوة لان تأخذ جسارة سياسية في هذا الموضوع وتحقق انجازا سياسيا آخر في الشرق الاوسط، الذي كان مسدودا في وجهها سنوات طويلة. يحتمل ألا تقود القدس الخطوة ولكن يمكنها ألا تعرقلها. سورية مستقرة، نقية من القوات الاجنبية وبتأثير الجامعة العربية والعالم السُني، كل هذا ينسجم مع المصلحة الاسرائيلية. هذا هو الوقت للواقعية السياسية.

عن "إسرائيل هيوم"