يديعوت : إسرائيل خطر على نفسها

باراك.jpg
حجم الخط

بقلم: إيهود باراك


سنحلل في مقال اليوم التهديدات التي أمامنا والاستنتاج الناشئ عنها:
عن التهديدات
العملية الإجرامية في إلعاد تهزنا جميعاً وتسبب غليان دمنا. وهي توجب نفض المنظومات ورد فعل حاداً.
الحصانة التي ضمنت، بقدر ما، للسنوار أو لقيادة حماس، يجب أن تزال.
"جدار الفصل" يجب أن يستكمل وأن يصبح استخدامياً، وتزويده بوسائل الإخطار ونشر قوات رد على طوله.
إذا كان هذا يوجب إقامة 15 سرية أخرى من حرس الحدود، هكذا يجب العمل.
يجب فحص إمكانية أن يقام من جديد حرس مدني، مع متطوعين يحملون السلاح كانوا خدموا في الماضي في وحدات ميدانية.
في مدن حريدية مجاورة للجدار مثل إلعاد، موديعين عيليت أو بيتار عيليت ينبغي النظر في بناء جدار محيط وتعزيز حراسة دائمة.
كل هذا ضروري. ولكن ضروري أيضا الوعي. لقد سبق أن كانت لنا أيام أصعب من هذه.
الكفاح ضد الإرهاب سيستمر، هذه ليست العملية الأخيرة. الجيش، الشاباك وشرطة إسرائيل معنا. وبها سنصمد ونهزم هذه الموجة مثلما هزمنا سابقاتها.
علينا أن نعمل ضد التهديدات بوعي وبتصميم، دون أن نفقد صلة العين مع كل فرصة للاعتدال، اللجم، التخفيف وفي نهاية المطاف، حتى لو تلبث، لحل النزاع.
في نظرة تلتقط معاً عقوداً كاملة، نحن نتقدم إلى هناك بالتدريج، حتى وإن لم يكن بالوتيرة التي تمنيناها.
ومحظور أن نمس - على الطريق نحو الحل - بالمصالح الأمنية الحيوية.
إسرائيل أقوى من كل الأعداء. عسكرياً، استراتيجياً، تكنولوجياً واقتصادياً.
علينا أن نعمل على تحقيق هدفنا من موقع قوة وثقة بالنفس. لا مكان لإخافة أنفسنا ومواطنينا ولا مكان لحركة البندول كثيرة العواطف بين التبجح الحماسي والفارغ في يوم ما والتباكي للضحية في شيء ما وهلمجرا، والذي شهدناه المرة تلو الأخرى في السنوات ما قبل تشكيل حكومة التغيير.
أمامنا بضعة تهديدات: أولاً، الإرهاب الفلسطيني. لتونا تلقينا منه ضربة قاسية. هو يشوش الأمن الأساس. لكنه مهما كان أليماً، وأساساً في الأيام التي تدفن فيها العائلات أعزاءها، فإن الإرهاب لم يكن ولن يكون أبداً تهديداً وجودياً على إسرائيل.
ثانياً، الصواريخ والمقذوفات الصاروخية لدى حماس وحزب الله، إلى جانب المحاولة الإيرانية للانتشار في هضبة الجولان وتسريع مشروع الصواريخ الدقيقة لحزب الله، تعكس تطوراً تكافحه إسرائيل ومن شأنه أن يعظم بقدر واضح الضرر المادي، الخسائر والهزة عند الصدام الشامل.
لكن رغم ذلك فإن هذا أيضاً لا يشكل تهديداً وجودياً على الدولة.
ثالثاً، البرنامج النووي الإيراني، إذا ما وعندما تصل إيران إلى أن تصبح "دولة حافة"، ويحتمل أن يكون هذا الصيف من شأنه بالفعل أن يغير الصورة جوهرياً.
مسؤوليتنا أن نستنفد، وإذا كان ممكناً مع الولايات المتحدة، كل سبيل لمنع هذا.
حقيقة أن إسرائيل والولايات المتحدة لم تعدا "خطة احتياط" لإحباط هذه الإمكانية، بالتوازي مع انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق في 2018، تشكل قصوراً تاريخياً صعب جداً إصلاحه.
لكن لا يدور الحديث عن خطر إلقاء سلاح نووي على إسرائيل. يوجد للإيرانيين أسباب وجيهة للامتناع حتى عن التفكير في ذلك.
بالضبط مثل كوريا الشمالية، هكذا في إيران. تطوير السلاح النووي يستهدف الردع وضمان بقاء النظام، وليس لإلقائه على أي جار، كوريا الجنوبية أو اليابان في إحدى الحالتين أو إسرائيل في الحالية الأخرى.
إسرائيل تستعد منذ خمسين سنة باستثمارات ضخمة، لإمكانية أن يطور جار ما قدرة نووية رغم جهودنا لمنع ذلك.
ودون الدخول في التفاصيل نقول إنه حتى في هذا المجال لا خوف على إسرائيل.
يقال بالتالي إنه حتى التهديد الإيراني في هذه المرحلة، وفي المدى المنظور للعيان، ليس تهديداً وجودياً على إسرائيل.
وبالفعل، الخطر الفوري ينبع أكثر من إمكانية أن يدفع التقدم الإيراني بلاعبين آخرين في المنطقة للسعي إلى سلاح خاص بهم. وفي المدى البعيد هذا تعقيد إضافي.

خلاصة واستنتاج
أوجز فأقول، يوجد على إسرائيل اليوم تهديد واحد فقط، والذي في ضوء تجربتنا التاريخية – جوهره وقوته من شأنهما أن يجعلاه وجودياً.
وهذا هو الأزمة الداخلية، الشرخ الداخلي والكراهية المتزايدة بين اليهود واليهود. تحريض عديم الكوابح، تزمت وانقسام يحتدم من سنة إلى سنة.
مؤخراً عرض على الشاشات الفيلم الذي تقشعر له الأبدان من إنتاج غيدي دار، "أسطورة الخراب".
الشخصيات المصورة تبدو وكأنها خرجت من بين صفحات كتب المكرا، لكن النصوص والمضمون تبدو ذات صلة بهذه الأيام. وبالتأكيد الوقود في الجو.
أمامنا حلف غير مقدس بين المتهم الجنائي وبين متطرفي التزمت الظلامي. بسبب العيد والعمليات التي خلفنا، وحقوقه التي اعترف بها أيضاً، لن أفصل هنا اليوم كل حجوم مسؤوليته. لكن هو والنواة الداخلية من مؤيديه يعملون على تسميم الخطاب الجماهيري وفي محاولة منهاجية لصرف اتجاه القضاء وسحق ثقة الجمهور بالجهاز القضائي وبالحكومة وقادتها.
هذا حلف بينهم وبين بن غبير وأمثاله، شخوص كانوا في الماضي منبوذين ومرفوضين من كل حزب صهيوني، أما الآن فقد نالوا الشرعية ممن ترأس منذ سنوات جيل معركة تحريض آخرى انتهت مثلما نعرف جميعاً.
هؤلاء أناس يسارعون للرقص على الدم عند العمليات بدلاً من إسناد محافل الأمن التي ينقذ فعلها الحياة وليس لنا بديل عنها.
رغماً عنك تكتشف أنه رغم أهدافهم المتعاكسة الواحد مع الآخر، فإن رواد الإرهاب في حماس والمتطرفين المسيحانيين في إسرائيل، بن غبير مثلاً، يعملون وكأنهم ينسقون في هدف أسمى واحد لإثارة الخواطر في الجانبين وتحويل النزاع من سياسي – إقليمي بين إسرائيل والفلسطينيين إلى حرب دينية بين إسرائيل والإسلام.
هذا اتجاه سيئ جداً لإسرائيل. ومن يعتقد بأن اتفاقات أبراهام أو السلام مع مصر والأردن ستنجو من حرب دينية كهذه، يخاطر باستقرار مستقبلنا.
قبل نحو أسبوعين شيعنا في طريقه الأخيرة أرول، العقيد احتياط أهرون إيشل، من قدامى المظليين ومن مصممي أنماط القتال في الجيش الإسرائيلي، القائم بالأعمال في سرية مئير هار - تسيون ومن أوائل سييرت متكال.
الرجل الذي علّم الكثيرين منا كيف يكونون مقاتلين. وبطبيعة الأحوال كان عمر معظم الحاضرين بين 75 و 85.
توجه إليّ في الجنازة شخص ترأس في الماضي أحد أجهزة الاستخبارات والعمليات في إسرائيل.
شخص لا قياس لمساهمته لأمننا جميعاً. قال لي: اسمع يا إيهود، يعتمل في داخلي شعور قوي بأننا لا سمح الله في الطريق إلى حرب أهلية.
وبثت سيماء وجهه جدية ثقيلة لم تغب عني على مدى أيام. في الأسبوع الماضي، في ضوء التهديدات على حياة بينيت وعائلته، والذكرى الأليمة التي حتى الأن في تاريخنا القصير، رصاصات أطلقها يهود، نحو رئيس وزراء أو مواطنين آخرين بسبب خلفيتهم، أطلقها كلها متطرفو طرف واحد، أعتقد أن تحذير الرجل في مكانه.
سوابق الماضي قرأناها في التلمود، عن كمتسا وبار كمتسا، عن الوحش وبرميل العسل وغيرها.
حدثا الخراب لم يكونا مكتوبين مسبقاً في السماء. كانا نتيجة مرض شديد من الانقسام وكراهية الاخوة، إلى جانب تزمت أعمى لمن أخذوا على أنفسهم الاحتكار على تشخيص إرادة الرب وعلى تنفيذها عملياً.
إن الأمم التي لم تعرف المرة تلو الأخرى كيف ترص صفوفها في لحظات الاختبار – اختفت عن مسرح التاريخ.
قبل 26 سنة كان العنوان على الحائط ولم نقرأه. مسؤوليتنا هي التعاون حتى مع أولئك الذين يفكرون بشكل مختلف عنا، في صراع مشترك ضد وباء الانقسام، التحريض، رد النهاية والتزمت الأعمى الأمر الذي ضربنا شديداً في الماضي، والإقلاع من هنا معاً إلى آفاق جديدة.
هذا مناط بنا وهذا هو اختبارنا الأساس في بداية السنة الـ75 لاستقلال إسرائيل.

عن "يديعوت أحرونوت"