لم تتوقف النكبة الفلسطينية بتهجير عصابات الاحتلال الصهيوني أكثر من 800 ألف لاجئ فلسطيني من 530 قرية فلسطينية نحو الضفة الغربية وقطاع غزّة ودول الطوق وانطلاقاً منها إلى كافة أصقاع الدنيا، في الـ15 من مايو 1948؛ بل حرصت على سرقة وفرض سيادتها المزعومة على قلب فلسطين "القدس"، باستكمال احتلال قسمها الشرقي في 7 يونيو 1967، بعد احتلال قسمها الغربي في العام 1948.
مُنذ 74 عاماً والقدس تُقاوم مخطط إحلالي استيطاني صهيوني؛ لتغيير معالم المدينة العربية الإسلامية؛ عبر سياسات الأسرلة والتهويد؛ لكِن مُنذ عام 1948 حتى عامنا الحالي 2022، فشلت إسرائيل في مخططاتها رغم الميزانيات الهائلة التي ضختها بتمويل الجمعيات الاستيطانية حول العالم؛ بدليل رفع العلم الفلسطيني عاليًا خلال موكب تشييع الزميلة الصحفية المقدسية شيرين أبو عاقلة؛ حيث رغم الضرب والاعتقال والترهيب؛ كان الصوت الفلسطيني أقوى صوتًا وفعلاً "القدس عربية والقدس مش للبيع".
لكِن دولة الاحتلال التي نجحت في تهدئة روع العالم؛ بتجميدها البناء الاستيطاني مطلع العام الجاري في حي الشيخ جراح، تجعل من شهر النكبة، مناسبة لتنفيذ مخططها لهدم عشرات المنازل في أحياء القدس المختلفة؛ في مجزرة جديدة لا تقل بشاعةً وهمجيةً عن دير ياسين وكفر قاسم وغيره من المجازر التي لم تنته إلا بانتهاء الاحتلال.
تهجير قسري للمقدسيين
رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد من القدس المحتلة، ناصر الهدمي، أكّد على أنَّ "القاسم المشترك بين كل الخطط التي وضعتها سلطات الاحتلال لتهويد مدينة القدس المحتلة هو السيطرة الديمغرافية للوصول إلى الهدف التالي "عرب أقل ويهود أكثر"؛ وذلك من خلال وضع العراقيل أمام المقدسيين؛ لدفعهم للهجرة خارج حدود القدس".
وأشار الهدمي، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر"، إلى أنَّ "إسرائيل" التي تتحكم في كل مفاصل المدينة المقدسة، صادرت أراضي لمقدسيين وقامت بتصنيفها بطريقة يصعب عليهم استغلالها في البناء؛ مُوضحاً أنَّ بلدية الاحتلال التي تفرض مخططات التهويد هي من تقوم بإعطاء رخص البناء.
وأوضح أنَّ بلدية الاحتلال ترفض إعطاء رخص البناء للمقدسيين بذرائع متعددة؛ الأمر الذي اضطر آلاف المقدسين للبناء بدون تراخيص؛ كي يُحافظوا على بقائهم في مدينة القدس، لافتاً إلى أنَّ البناء غير المرخص حسب إحصاءات بلدية الاحتلال مكَّن 150 ألف مقدسي من البناء داخل مدينة القدس.
شروط الحصول على رخص البناء
وبالحديث عن شروط الحصول على رخص البناء في مدينة القدس، قال الهدمي: "إنَّ الاحتلال يضع شروطًا معقدة ومستحيلة، بداية على مستوى البنية التحتية مع العلم، أنَّ المسؤول عن البنية التحتية هي بلدية الاحتلال ولم تُنفذ أيّ من مشاريع البنية التحتية في الأحياء المقدسية للحصول على الرخص في غياب بنية تحتية مناسبة للبناء".
وأضاف: "إنَّ بلدية الاحتلال وضعت شرطاً يتمثل في أنّ تكون المنطقة مُنظمة وفق التخطيط والبناء في بلدية الاحتلال؛ لكِن بلدية الاحتلال لم تُنظم ولم تُخطط أيّ من الأحياء المقدسية؛ وبالتالي في حال ذهاب المقدسيين للترخيص سيُقال لهم إنَّ المنطقة غير منظمة".
وتساءل: "مضى على احتلال القدس الشرقية 55 عاماً فمتى سيتم تنظيمها؟!"، مُضيفاً: "الأراضي هناك التي لم يُصحح ملكيتها، وهي أراضي يتم توارثها من الأجداد للأبناء وللأحفاد؛ لذلك فإنَّ بلدية الاحتلال لا تُصدر رخص بناء لمن ليس له رخص بناء واضحة؛ حتى لو كان عن طريق الإرث؛ في مسعى لمصادرة أراضيهم".
وكشف عن أنَّ الاحتلال يمنح المقدسيين البناء بعد 5 إلى 10 سنوات؛ وبالتالي هناك وقت طويل؛ حتى يتم استصدار الرخص المناسبة؛ بالإضافة إلى الكلفة الكبيرة التي تتراوح بين 30 إلى 50 ألف دولار أمريكي؛ حتى يتم استصدار رخصة بناء لوحدة سكنية واحدة".
الانفجار قادم
أما عن ردود الفعل المتوقعة على عمليات هدم المنازل هذا الشهر، بيّن الهدمي، أنَّ "المواجهة مُستمرة من حي الشيخ جراح إلى سلوان وبيت حنيا والطور وشعفاط وبقية أحياء القدس؛ مُؤكّداً على أنَّ الاحتلال يسعي لطرد كافة المقدسين من أحياء المدينة لتنفيذ مخططاته التهويدية في كل أحياء المدينة وفي المسجد الأقصى المبارك.
ورأى أنَّ الانفجار قادم لا محالة؛ في ظل وجود العديد من الملفات التي يسعى الاحتلال لفرضها بالقوة على المقدسيين لتنفيذ مخططاته نحو أسرلة وتهويد وتغيير طابع المدينة المقدسة؛ ولفرض سيطرته على المسجد الأقصى المبارك.
وختم الهدمي حديثه، بالقول: "إنَّ الشعب الفلسطيني اليوم في أقوى مراحله موحد ثابت خلف قيادة المقاومة، والقدس والمسجد الأقصى على سلم أولوياته، وكل ذلك عائق أمام الاحتلال لتنفيذ مخططاته".