لماذا لم يُنَفِّذْ السِّنْوار تهديداتِه؟

حجم الخط

بقلم: ياسين عبد الله السعدي

 

 

كان الشغل الشاغل للإعلام العربي عامة ولقناة الجزيرة خاصة ترديد أسطوانة مسيرة رفع الأعلام الإسرائيلية يوم الأحد 29\5\2022م. ومع انه يوم تقليدي جرت العادة أن يتم بهدوء وبدون صخب وضجيج ودون الاعتداء على المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم ومظاهر الفرح والرقص والزيادة في أعداد المحتفلين بالرغم من تحديد الشرطة لعدد الذين يسمح لهم بالتواجد في باب العمود والوصول إلى ساحة البراق وإقامة الشعائر التلمودية هناك.

كل ما جرى من توترات وتشنجات واعتداءات هي بسبب التنافس الشديد بين التيارين المتنافسين على الحكم في اسرائيل ومحاولة نفتالي بينت أن يظهر أمام بنيامين نتنياهو وحزبه بأنه لا يلين أمام تهديدات خصومه في الداخل وأمام المقاومة الفلسطينية التي استطاعت في العام الماضي تسجيل موقف غير مألوف في تاريخ المواجهات مع الفلسطينيين خاصة ومع العرب عامة.

كانت ضربة أيار من العام الماضي موجعة ومذهلة لم تكن إسرائيل تتوقعها ولم يكن نتنياهو يدور في خلده أن زخم رشقات الصواريخ الغزية سوف تجبره على دخول الملجأ.

وبالرغم من غياب نتنياهو عن المسرح إلا إن خلفه أراد أن يثبت لليمن الذي يتزعمه انه أكثر حزما من سلفه نتنياهو في مواجهة المقاومة في غزة، ولا نقول حماس، لأن المقاومة التي شاركت كانت تضم الفصائل مجتمعة وإن كانت حماس أكثرها فاعلية وحضورا في الميدان.

لم تستجب إسرائيل للدعوات من الدول والجهات التي كانت ترى بتخفيف مظاهر الصخب الفوضى خلال مسيرة الأعلام التي لم يستطع آلاف الجنود الذين جيء بهم لتنظيم المسيرة وعدم السيطرة عليها.

كانت قلوب المتابعين تخفق وهي تتوقع ردا قويا من المقاومة في غزة على استهتار المستوطنين بمشاعر المواطنين المقدسين والفلسطينيين الذين يتابعون ما يجري لحظة بلحظة والكل يراهن على ما يمكن أن يحدث حتى إلى ما بعد عصر (اليوم الموعود) الذي مر بما فيه من توجسات وتوقعات وتنبؤات.

أما لماذا لم ينفذ السنوار تهديداته التي أعلنها قبل أسبوع تقريبا من (اليوم الموعود) وكانت نبرته الخطابية توحي بثقته في ما يتحدث عنه وبأنه يملك زمام المبادرة إذا حاولت إسرائيل القيام بما دأبت عليه دون اكتراث لمشاعر العرب والمسلمين وليس الفلسطينيين فقط.

تعليقات وردود عليها في الفيسبوك عن (اليوم الموعود)

كنت قد علقت على صفحتي في الفيسبوك على أحداث اليوم التاسع والعشرين من شهر ايار الماضي وتداعياته وموقف المقاومة في غزة: ليس تبريرا لعدم الرد من غزة ولكن يبدو ان السنوار جاءه تحذير أن إسرائيل أعدت العدة لتدمير غزة كما تفعل روسيا باوكرانيا، مع فارق ان اوكرانيا اكبر مساحة وعدد السكان ويتدفق عليها السلاح من كل الجهات ويصلها الدعم المالي بالمليارات؛ اما غزة فيحاربها الكل ويحاصرها حتى من يُتوقع نجدتُهم لها.

علق بعض من لم يعجبهم كلامي بما يشتم منه رائحة الفئوية فأجبت: يا صديقي المحترم يجب ان نحكم على الأمور دائما بمنطق الحقيقة ولا يكون الحكم حسب الهوى الشخصي وتحيزا لجهة معينة. هل كان أداء المقاومة في العام الماضي مجرد كلام وادعاء؟ ما حدث في العام الماضي أذهل العالم وأذهل إسرائيل وجعلها تستنجد بالوسطاء لكي يتوقف (إطلاق الصواريخ) وليس إطلاق النار، كما يقال، وبعد احد عشر يوما فقط لأنها لم تتحمل المزيد من النتائج المزلزلة التي حلت بها لأنها لم تتعود على تلقي الضربات الموجعة، بل تدمر وتقتل وتستمر في عدوانها لما يقرب من شهرين حتى توقف منهاج التدمير الذي دأبت عليه حتى قبل انشائها كما حدث في عدوان 2014م وغيره من الاعتداءات السابقة وكما يحدث في اوكرانيا من تدمير كأننا في الحرب العالمية الثالثة ونعتقد ان قيادات فصائل المقاومة أرادت أن تفوت الفرصة على إسرائيل في تحقيق الثأر من المقاومة في غزة بسبب ما واجهته في أيار من العام الماضي.

كان شرف الانتصار في معركة أيار من العام الماضي يعود للوحدة الوطنية التي شاركت فيها الفصائل الفلسطينية جميعها، فهل من ينكر ذلك؟ وإن كان جهد البعض أكبر بسبب توفر إمكانات البعض أكثر من بعض؟.

لم يُضْعِف العمل الفلسطيني عامل أكثر من عامل التشرذم الذي حل بمنظمة التحرير وحدث للمقاومة عامة، وغذت ذلك العامل الجهات التي حاربت بجانب العدوان عليها قديما وحديثا.

أما عن موقف قطر، فما العيب في موقف قطر؟ هل لأنها (تنقّط) بحلوق المحصورين منذ أكثر من عشر سنوات في سجنهم الكبير المسمى قطاع غزة؟ هل دور مصر العروبة والإسلام هو مجرد القيام بدور الوساطة التي لا ترضى بها إسرائيل إلا بعد أن تجدها مناسبة لها وكما تريدها؟

في عدوان العام الماضي كانت إسرائيل هي التي بادرت إلى طلب الوساطة من مصر وغير مصر، أما في عام 2014م فقد بدأ العدوان في الثامن من تموز ولم يتوقف إلا في السادس والعشرين من آب بعد وساطة مصرية وممانعة إسرائيلية حتى أكملت إسرائيل مهمتها حسب منهاجها المعروف.