وترفض تعيين حسين الشيخ كأمين سر للمنظمة

تحليل: مراكز قوى داخل "فتح" وخارجها تقود معركة خلافة الرئيس عباس وتُغذي شائعات وفاته

الرئيس عباس وحسين الشيخ
حجم الخط

رام الله - خاص وكالة خبر - مي أبو حسنين

في خطوة مفاجأة أعلن الرئيس محمود عباس، بتاريخ 26 مايو المنصرم، تعيين حسين الشيخ، في منصب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وذلك بعد فراغ المنصب لمدة عام ونصف بعد وفاة الراحل صائب عريقات؛ حيث اعتبر مُراقبون ذلك تمهيداً لخلافة الرئيس عباس.

لكِن غياب التوافق الشعبي والرسمي حول شخص السيد حسين الشيخ، غذى الشائعات حول مرحلة ما بعد الرئيس محمود عباس، بتداول أخبار حول تدهور حالته الصحية إلى درجة الحديث عن وفاته.

ما سبق يطرح تساؤلات حول مصدر هذه الشائعات، والأهداف منها، وخطورة الانجرار خلفها، إضافةً إلى المخرج الآمن منها في ظل تغذية الاحتلال الإسرائيلي لها.

تناغم وانسجام مع الاستهدافات الإسرائيلية

بدوره، رجَّح الكاتب في جريدة الأيام الفلسطينية، عبد المجيد سويلم، أنَّ يكون مصادر الشائعات حول تدهور صحة الرئيس محمود عباس، مراكز "قوى فلسطينية" من داخل حركة فتح ومن خارجها تتقاطع في ترويجها أو الوقوف خلفها بالتناغم والانسجام مع الاستهدافات الإسرائيلية للعبث بالساحة الفلسطينية.

وقال سويلم، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنَّ معركة خلافة الرئيس محمود عباس، وما يُمكن أنَّ تؤدي إليه من انتقال سلمي للسلطة، مسألة تهم الشعب الفلسطيني بأسره"، مُستدركاً: "لكِن إذا غرق الوعي العام للشعب الفلسطيني في مسألة "خلافة الرئيس" على حساب الموضوعات الرئيسة الأولى -أيّ الصراع مع الاحتلال من أجل التحرير والاستقلال-؛ يعني أنَّ الاستهداف أكبر من الشائعات وليس الحدث بحد ذاته؛ وإنّما تغييب الوعي الفلسطيني عن الحالة الوطنية القائمة".

وأضاف: "من المفترض أنّ ينصب الانشغال الفلسطيني الرئيسي حول الكيفية التي تتم من خلالها عملية الانتقال بصورة ديمقراطية، وبدون تدخلات من مراكز القوى الداخلية أو تدخلات عربية أو أمريكية أو إسرائيلية".

وتابع: "المسبب وراء الوضع الغير طبيعي الذي نعيشه يعود لأنّنا لم نقم بالإصلاح المطلوب، من إعادة بناء المنظمة وإعادة بناء العلاقة ما بين السلطة والمنظمة، وأيضاً لأنّنا لا زلنا نعيش في ذروة الانقسام الذي أصبح جزء كبير من الوعي العام للشعب الفلسطيني لا يكترث به".

رضا إسرائيلي على غزة وهجوم على السلطة

وبالحديث عن أهداف "إسرائيل" من نشر الشائعات حول صحة الرئيس عباس، قال سويلم: "إنَّ مصدر هذه الشائعات فلسطيني وليس إسرائيلي، لكِن إسرائيل تُعيد هذه الأخبار بطريقتها الخاصة بهدف اختبار وقياس ردود الأفعال".

وأوضح "أنّه باستثناء ما كتبه الصحافي المخضرم، حسن عصفور، لم ينتبه أحد، إلى العلاقة التي تربط ما بين كل الإشاعات والموقف الإسرائيلي من حالة الرضا عن الوضع في غزّة والهجوم الشامل على السلطة في الضفة"، مُضيفاً: "لم يلحظ أحد العلاقة رغم وجودها".

وحذّر من معركة الشائعات بهدف حرف الاهتمامات الحقيقية للشعب الفلسطيني عن مسارها النضالي، مُرجحاً في ذات الوقت وجود ضغوط على الرئيس من خلال هذه الشائعات، حتى يقوم بتسريع تسمية خليفته ويحسم أمره بهذا الاتجاه.

وأردف: "التدخلات الإسرائيلية ليست بريئة أو بالون اختبار تُلقيه أجهزة الإعلام الإسرائيلية، بل هي جزء من عملية الصراع القائمة ضد الشعب الفلسطيني".

وبالحديث عن المخرج الآمن للحالة الوطنية الفلسطينية في مسألة الرئيس محمود عباس، قال سويلم: "إنَّ أفضل الحلول هو البدء في ورشة عمل وطنية لإعادة بناء النظام السياسي"، مُردفاً: "حين البدء وقطع شوط في هذا الملف سنكتشف أنّ لدينا الإمكانات للانتقال إلى نظام آمن بدون الإشعاعات والتربصات والمناورات".

وحذّر سويلم من إضاعة الوقت طويلًا في" مسألة الخلافة"، وحرف البوصلة عن المأساة الحقيقة التي يعيشها شعبنا الفلسطيني الذي يرزح تحت الاحتلال مُنذ 76 عامًا؛ مُضيفاً: "سنكتشف حينها أنَّنا أضعنا وقتنا في قضايا يُمكن حلها ببساطة".

المخرج الآمن في الانتخابات

من جهته، رأى الكاتب والمحلل السياسي، عمرعساف، أنَّ  "الشائعات حول صحة الرئيس عباس، لها علاقة بتسخين معركة الخلافة، في ظل وجود خلافات داخل حركة فتح بالدرجة الأولى حولها"، مُعتقداً أنَّ "الرئيس وضع اللبنة الأولى على طريق وراثته بتعيين حسين الشيخ في أمانة سر للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية".

وقال عساف، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنَّ ما يزيد من تعقيد المشهد الداخلي هو غياب المجلس التشريعي الفلسطيني وغياب الانتخابات العامة"، مُتسائلاً: "المُستغرب أنّه لا يوجد أيّ حديث عن الانتخابات العامة، رغم أنّها المخرج الآمن والسلمي والديمقراطي الذي يُلبي حقوق الشعب الفلسطيني".

وبيّن أنَّ هدف "إسرائيل" من نشر شائعات حول صحة الرئيس عباس، هو خلق نوع من البلبلة وتغذية الصراعات والانحياز نحو طرف دون الآخر بهذا الاتجاه؛ مُشيراً في ذات الوقت إلى أنَّ الإشكالية داخل حركة فتح؛ خاصةً مع توارد أخبار عن وجود مجموعة داخل اللجنة المركزية تعتبر السيد حسين الشيخ خياراً غير مقبول.