51 عاماً من عمر الثورة الفلسطينية

صورة سميح شبيب
حجم الخط

الثورة الفلسطينية المعاصرة، هي أطول ثورة في التاريخ. ٥١ عاماً مرت من عمر هذه الثورة، التي خاضت حروباً ضروسة، ما بين حروب فلسطينية - فلسطينية، وفلسطينية - عربية، وفلسطينية - إسرائيلية.

وتحكمت عوامل جغرافية بمساراتها، ما بين سورية والأردن، وتونس، غزة وأريحا، لتصبح رام الله عاصمتها السياسية (المؤقتة).

مسار طويل ودام، شاركت به شرائح المجتمع الفلسطيني، المشتت والمبعثر، وكان وقوده النار والبشر.

أفرزت هذه الثورة، أشكالاً تنظيمية شتى ظهر بعضها واندثر، وبقي منها ما بقي. حافظت هذه الثورة الطويلة على الشخصية الوطنية الفلسطينية، بل إنها قامت ببلورتها وإحيائها، بعد سنوات طويلة من الاستلاب ١٩٤٨ - ١٩٦٥، خضعت به الجموع الفلسطينية، في دول اللجوء والشتات، أو تحت الحكم الإسرائيلي العسكري.

حولت هذه الثورة المجيدة، جموع اللاجئين الى جموع الثائرين، ومن خلال التجربة والخطأ، نشأت أجيال، لها خبراتها السياسية والتنظيمية، والاعلامية.

نشأت القيادات واشتد عودها، من خلال الثورة، وفي أطرها. منذ الخمسينيات حاول شبان فلسطينيون، تشكيل منظمات وفصائل، في ظل العمل السري، ذلك ان هكذا نشاط، كان ثمنه السجن والمصادرة، في الدول المضيفة، الاردن، سورية، لبنان، مصر.

كان لـ «فتح» دور قيادي رائد في مسار الثورة الفلسطينية، فهي حركة، لم تحدد إطاراً أيديولوجيا لها، ودعت الفلسطينيين جميعاً للانخراط في حركة تحرر وطني، وكانت «فتح» قائدتها.

كان في قيادة فتح، من هم في حزب التحرير الإسلامي، ومنهم في حزب البعث العربي الاشتراكي، ومنهم في الحزب الشيوعي، ساعد الانفتاح في «فتح»، وسعة صدرها لاستيعاب الجميع، وتوظيف الحالات الفلسطينية المختلفة، في انتماءاتها وارتباطها، للمصلحة الوطنية الفلسطينية العليا. تطورت «فتح» في أتون الصراع الدامي، سياسياً وتنظيمياً، ومن خلال عملها المسلح ١٩٦٥ - ١٩٧٣، كسبت حب الناس وتأييدهم، ومن ثم انخراطهم في العمل المسلح. كان لمعركة الكرامة الفضل الأكبر في ذلك. تدفقت الآلاف للانخراط في «فتح»، ولم تكن «فتح» مهيأة لذلك.

كان من الصعب، تصنيف اللاجئين، هل هم أعضاء في «فتح» أم لا، ليصبح المقياس، هو سؤال اللاجئ نفسه عن ذلك؟!! الآن، وبعد كل ما شهدته هذه الثورة من تطورات، ووصولها الى ما وصلت اليه، في الضفة الغربية وقطاع غزة، تحديداً، بالإضافة لما وصلت اليه في سورية ولبنان.. من الطبيعي والمشروع، أن يبرز السؤال المركزي، وهو: لماذا لم تنتصر هذه الثورة، وهل هي قادرة على الحفاظ على روحها، في ظل السلطة المنخنقة، بإجراءات الاحتلال الإسرائيلي، وأبرزها الاستيطان، الذي يحول عملياً دون تحقيق هدف اقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة؟!! للإجابة على هكذا سؤال، تبرز اجتهادات شتى، بعضها يحمل مسؤولية ذلك للقيادات السياسية الفلسطينية، وبعضها الآخر يحمله للعوامل التي تحكمت في مسارات تلك الثورة، وأبرزها العوامل العربية، وبعضها الآخر يحمله للمتغيرات الدولية، واستثمارها من لدن إسرائيل.

بالمقابل، يبرز تساؤل آخر، وهو: هل حققت هذه الثورة، بعضاً من أهدافها؟!! بالتأكيد حققت هذه الثورة، هدف الحفاظ على الكيانية السياسية الفلسطينية والهوية الوطنية، والشروع الجدي في إقامة الدولة، وكل ذلك يحتاج للحفاظ عليه، والاعتماد عليه، كنقاط ارتكاز، باتت قوية، وعلينا أن نحولها إلى ثابتة.

لا بد من مراجعات جدية، ومسؤولة، لمسارات الثورة وتطوراتها عبر مفاصل استراتيجية، وفي ذلك فوائد شتى، لواقعنا ومستقبلنا في آن!!! -