هل يجوز الجمع بين نيتي القضاء وصيام العشر من ذي الحجة؟

العشر من ذي الحجة
حجم الخط

رام الله - وكالة خبر

هل يجوز الجمع بين نية صيام القضاء وبين صيام عشر ذي الحجة، فلقد خصّ الله – سبحانه وتعالى- الصّيام من بين العبادات بأنّه العبادة التي يجزي به عباده من شاء  وهو لله وحده، وقد جعل الله للصائم فرض الصّيام فرحتين، فرحةٌ يوم فطره وفرحةٌ يوم لقاء ربّه، وذلك لما سيُنزل الله عليه من الأجر والثّواب، فجعل لأهل الصّيام باباً لا يدخل الجنّة منه إلا أهل الصّيام، والصّيام تطوّعاً لا يقلّ أجره عن صيام الفريضة فمن صام يوماً تطوّعاً أبعد الله وجهه عن النّار سبعين عاماً.

صيام القضاء في ذي الحجة

قبل الإجابة عن السؤال المطروح في بداية المقال، هل يجوز الجمع بين نية صيام القضاء وبين صيام عشر ذي الحجة، فإنّ صوم رمضان ركنٌ من أركان الإسلام وقاعدةٌ مهمّة من قواعد الدّين، وقربة من أعظم القربات إلى الله، وكان صيام رمضان فرضاً على كلّ مسلمٍ ومسلمة، ولكن قد يطرأ على المسلم بعض الطوارئ التي أحلّ الله له أن يفطر بها في رمضان، كالمرض والسّفر والحيض والنّفاس للمرأة، والتي يجب على المسلم أن يقضي هذه الأيّام بعد زوال العذر عنه وانتهاء شهر رمضان المبارك، ويجوز له أن يقضيها وقتما شاء، ويستحبّ الاستعجال في ذلك.

ولو صام المسلم وقضى ما عليه من قضاء في أيّامٍ مباركة كالعشر الأوائل من ذي الحجّة، فذلك أفضل للمسلم ويُرجى أن يكون ثوابه فيها أعظم، وقد اختلف أهل العلم في هذا الأمر وكراهة صوم القضاء في أيام العشر، ولكنّ الرّاجح في القول أنّه جائزٌ وغير مكروه، وقد عللّ من العلماء الذين قالوا أنّ صيام القضاء فيها غير مكروه، بأنّ هذه الأيّام خير الأيّام ويكون فيها القضاء أفضل من غيرها من الأوقات، وأمّا من قالوا أنّها مكروهة فاستدلّوا بأنّ القضاء فيها يحرم من أجر نافلة صيام التّطوع في هذه الأيّام المباركة، وقال بعضهم إذا صمت القضاء في هذه الأيّام فربّما تدرك أجر القضاء وأجر صيام النّافلة بصيام هذه الأيّام.

هل يجوز الجمع بين نية صيام القضاء وبين صيام عشر ذي الحجة

أما في جواز الجمع بين نية صيام القضاء وبين صيام عشر ذي الحجة هي أنّ أهل العلم قد رأوا أنّ ذلك جائز وأنّه يجوز للمسلم أن ينوي بقضاء الفرض وصوم النّافلة معاً وذلك أرجى ليكسب أجرين، فلقد فرض الله -سبحانه وتعالى- الصّيام في شهر رمضان، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.وجعل أجر الصّيام مختصّاً به -سبحانه وتعالى- فهو يؤجر به من شاء من عباده، وقد روى الصّحابي الجليل أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: ” يقولُ اللهُ تبارك وتعالى : كلُّ عملِ ابنِ آدمَ له إلا الصومَ ، فإنه لي وأنا أجزي به”.فالمسلم الذي يفطر في رمضان بعذرٍ شرعي، واجبٌ عليه قضاء اليوم الذي يفطره، ولا بدّ أن يكون في قضائه نيّة القضاء، وله أن يصوم قضاءه في العشر الأوائل من ذي الحجّة، وينوي بصيام قضاء الفرض  أوّلاً ثم يجمع بينها وبين نيّة نيّة صيام النّافلة في هذه الأيام الفاضلة، ويحصل للمسلم بذلك وبإذن الله ثواب العشر الأوائل وثواب القضاء والله ورسول أعلم.

هل يجوز صيام عشر ذي الحجة قبل القضاء

بعد معرفة جواب هل يجوز الجمع بين نية صيام القضاء وبين صيام عشر ذي الحجة، سيتمّ الخوض في مسألة أخرى وهي هل يجوز صيام عشر ذي الحجّة قبل القضاء، فالوارد في الأمر أن العلماء لم يتّفقوا في هذه المسألة، فمنهم من حرّم صيام النّافلة قبل قضاء الأيّام التي على المسلم، ومنهم من أجاز ذلك، فإذا اعترض صيام الفريضة وصيام النّافلة فالأولى أن يبدأ المسلم بصيام الفرض، لأنّ الفريضة دينٌ عليه وواجبٌ عليه سدادها، لكن مادام الوقت متاح لقضاء رمضان فالنّفل جائز للمسلم، فقضاء رمضان وقته حتّى رمضانفي السّنة التّالية، فإن دخل المسلم على العشر الأوائل من ذي الحجّة وأراد أن يصومها وعليه قضاء، جاز له أن ينوي صيامها قبل أن يقضي ما عليه، ومن صامها بنيّة القضاء ونيّة النّافلة كُتب له أجران ونال الثّواب الجزيل، فكما ورد عن أهل العلم وما تمّ الحديث عنه سابقاً أنّه يجوز للمسلم الجمع بين نيّتي قضاء الفريضة ونيّة النّافلة والله ورسوله أعلم.

حكم جمع صيام عرفة مع القضاء

بعد الخوض في إجابة هل يجوز الجمع بين نية صيام القضاء وبين صيام عشر ذي الحجة، سيتمّ تحديد يومٍ مهمّ في هذا الأمر من بين أيّام العشر الأوائل وهو يوم عرفة، اليوم التّاسع من ذي الحجّة، ويعدّ هذا اليوم من خير أيّام الدّهر لدى المسلمين، يقف فيه حجّاج بيت الله الحرام في عرفات شرق مكّة، ويعدّ الوقوف في عرفات ركنً من أركان الحجّ، وقد جعل الله -سبحانه وتعالى- صيام هذا اليوم لغير الحاج من الأمور المستحبّة، وجعل صيامه فيه سبباً لمغفرة عامين اثنين من حياة المسلم، عامٌ قادم وعامٌ مضى، وذلك لما فيه من الأجر العظيم، ولكن لا يستحبّ للحجّاج صوم عرفة لأنّ الصّيام يضعفهم عن أداء مناسك الحج، ولو كان المسلم عليه قضاء فريضة الصّيام، وأراد أن يصوم نافلة يوم عرفة، فيجوز له ذلك وصيامه صحيح لكن أن يقضي فرضه قبل ذلك أفضل وأسلم له، وهذا ما ورد عن أهل العلم، وقالوا أيضاً أنّ المسلم لو جمع بين قضاء الفرض والنّافلة فهذا يجوز، وله أجران أجر الفرض وأجر النّافلة والله وورسوله أعلم.

في نهاية المقال كنّا قد تحدّثنا عن مسألةٍ مهمّةٍ تعترض حياة المسلمن وهي أن يتقاطع قضاء الفريضة وضيام النّافلة في وقتٍ واحد، ولأنّ للصّيام منزلةٌ عاليةٌ بين العبادات وهو أحد أركان الإسلام، قد أجاب المقال على سؤال هل يجوز الجمع بين نية صيام القضاء وبين صيام عشر ذي الحجة، مبيناً حكم صيام القضاء في العشر الأوائل من ذي الحجة، ومبيّنا جواز صيام عشر ذي الحجة قبل القضاء، خاتماً بذكر حكم صيام يوم عرفة مع القضاء.