بالضبط قبل سنة، في تموز 2021، فاجأ يائير لابيد عندما قام بإلقاء خطاب فريد في المنتدى العالمي لمكافحة اللاسامية. على مدى السنين دفعت إسرائيل من فوق كل منصة ممكنة بالمقاربة الخاصة بالكارثة مقابل المقاربة العالمية ("كارثتنا لن تتكرر ضدنا أبداً"، مقابل مقاربة "كارثة إنسانية" عبرتها أنه لن تتكرر أبداً ضد أحد).
فجأة لابيد، وزير الخارجية الإسرائيلية في حينه، قال وبشجاعة أمام العالم إن اللاسامية هي في الواقع أيضا نوع من العنصرية وكراهية الأجانب مهما كانوا.
تجار العبيد، "داعش"، والذين يضطهدون المثليين، أيضا هم لاساميون، و"كل من يضطهد الناس ليس بسبب ما فعلوه، بل بسبب ما هم عليه" – قال بصورة شاعرية.
رغم العاصفة التي أثارتها أقواله في اليمين، فإن لابيد لم يخشَ، وواصل دعم ترسيخ الرسالة العالمية – الأخلاقية للكارثة.
حتى أنه أكد بصورة صريحة في رده على أنه "يجب علينا أيضا أن نخفض منسوب الهستيريا أمام كل انتقاد. ربما كل لاساميّ يعارض سياسة إسرائيل في غزة، ولكن ليس كل من يعارض سياسة إسرائيل في غزة هو لاسامي".
أعود لهذه الأقوال الآن، وأفرك عينيّ وأتساءل إذا كان هذا هو نفسه لابيد الذي كتبها عندما أقارن المنشورات المبررة والمهذبة جداً مع رده الشعبوي والسطحي والصبياني على قضية "المقاطعة" لشركة "بن آند جيريز" في "المناطق": "اللاساميون لن يهزمونا".
بالمناسبة، ما بيع لنا نصرا إسرائيليا على حركة المقاطعة هو في الحقيقة حل وسط بين شركة يوني ليفر وشركة بن آند جيريز، يقول إن هذا الصنف الأميركي الأصلي سيتم فصله عن الشركة الإسرائيلية، التي لم تعد تابعة لها. لن تحتوي الصيغة المحلية من الآن فصاعداً على اسم المنتج بالانجليزية، أي الانتصار الإسرائيلي الكبير هو أنه باسم الدفاع عن المستوطنات فإن المنتج الأصلي اختفى من جميع أراضي الدولة.
من، إذاً، بالأساس هم "اللاساميون" بالنسبة للبيد في قصة البوظة؟ إنهم المؤسسون اليهود لشركة بن آند جيريز، الذين هم غير معنيين، لأسباب أخلاقية، بأن يباع المنتج الذي أسسوه في المستوطنات غير القانونية وغير الأخلاقية.
أي أنه حسب رؤية لابيد فإن من يقاطع المستوطنات لأسباب سياسية هو ليس أقل من لاسامي.
لنترك جانبا لحظة النقاش المعروف في مسألة هل مناهضة الصهيونية هي بالضرورة لاسامية فإن معنى كلام لبيد هو أنه في نظره أيضا فإن مقاطعة مشروع الاستيطان فقط، وهي خطوة يؤيدها عدد كبير من الإسرائيليين أيضا، هي لاسامية.
هذه شعبوية نقية. ليس فقط أنه يخرج ضد ادعائه هو نفسه بأن العبرة من الكارثة يجب أن تكون أيضا أخلاقية بالمعنى العالمي، بل هذا أيضا على العكس تماما من ادعاءاته بأنه ليس كل من يعارض سياسة إسرائيل هو لاسامي.
في الأسبوع الماضي تألقت الاتهامات باللاسامية أيضا في حملة بنيامين نتنياهو ضد حزب "راعم".
لا يوجد ازدراء أكبر للكارثة ودروسها من ازدراء التعبيرات اللاسامية التي تحولت إلى ادعاء فارغ ضد منتقدي سياسة إسرائيل في "المناطق".
كنت أرغب أن أرى على كرسي رئيس الحكومة الانتقالية لبيد 2010، الذي عرف كما يبدو كيفية التفريق بين النقد السياسي والعنصرية، ولكني غير متفائلة. فهو مرة أخرى انجر وراء "الأنا" العليا السطحية والمحرضة له.
عن "هآرتس"
الاحتلال يستهدف موظفي شركة الاتصالات الفلسطينية في غزة
08 يناير 2025