الخطر يتهدد الطفل محمد حجازي وغيره

تقرير: مرضى السرطان يُواجهون الموت البطيء في غزّة بسبب إغفال وزارة الصحة عن حقوقهم 

تقرير: مرضى السرطان يُواجهون الموت البطيء في غزّة بسبب إغفال وزارة الصحة عن حقوقهم 
حجم الخط

غزّة - خاص وكالة خبر - مي أبو حسنين

"لا يوجد علاج لك".. تلك الكلمات هي ملخص قصة الطفل المريض بالسرطان من غزّة، محمد حجازي "13 عامًا"، مع مستشفى النجاح في نابلس، وذلك في إطار تكرار حادثة الفتى سليم النواتي "17 عامًا"، الذي تُوفي في ديسمبر من العام الماضي، بعد مماطلات من وزارة الصحة في رام الله، لتقوم بعدها بتشكيل "لجنة تحقيق" في الحدث.

لكِن ما حدث مع الطفل حجازي، يكشف أنَّ "لجنة التحقيق" في وفاة الطفل النواتي؛ لم تكن جدية وجاءت لامتصاص غضب الرأي العام بعد سوء معاملة النواتي، والتي كشفت حجم التمييز بين مرضى غزّة والضفة؛ خاصةً المُصابين بمرض السرطان.

فصول قصة الطفل حجاوي لم تنته، حيث نجح الضغط الشعبي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في دفع وزارة الصحة إلى تحويله لمشافي الداخل المحتل؛ على أمل أنّ لا يكون الوقت قد أزف، وينتهي به الحال كما الطفل النواتي؛ الأمر الذي يستدعي وضع حد سريع لهذا المسلسل في انتهاك حقوق مرضى غزّة.

الاحتلال يدرس طلب المريض من 30 إلى 80 يوم

ونتيجةً لعدم توفر العلاج اللازم لمرضى السرطان والأمراض الخطيرة الأخرى، ومنع سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" إدخال أجهزة الفحص والعلاج بالإشعاع إلى غزّة وغير ذلك من العلاجات، يلجأ المرضى لطلب العلاج في مشافي الضفة الغربية والقدس والداخل المحتل.

فيما تسمح سلطات الاحتلال لنحو 50 في المئة فقط من مرضى السرطان في غزّة، بالعلاج بمستشفيات القدس والضفة الغربية والداخل الفلسطيني المُحتل، كما تضع شروطاً ومعايير بحسب الأوضاع الأمنية، إذ يخضع طلب التصريح للانتظار بذريعة دراسة الطلب الذي يعني البحث الأمني عن صاحبه حتى وإن كان رضيعاً، وقد تصل مدة دراسة الطلب إلى 80 يوماً، مع ضرورة أنّ يكون عمر المرافق للمريض فوق الـ50 عاماً، وغيرها من الشروط، إلى جانب ابتزاز المرضى وذويهم من المرافقين للتعاون مع "الإسرائيليين"، وكذلك تعرضهم للاعتقال، وتلك القيود تمنع وصول كثيرين لتلقي العلاج، وقد تُوفي عدد من المرضى بسبب هذه الإجراءات.

وبعد أيام من تقديم طلب التصريح رد الاحتلال "الإسرائيلي" بأنَّ الطلب قيد الدراسة، ما يعني المزيد من الانتظار وتدهور الحالة الصحية للمريض، فدراسة الطلب قد تستغرق من 30 إلى 80 يوماً.

انتهاكٌ مُستمر

بدوره، رأى رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني، د. صلاح عبد العاطي، أنَّه وفق المعطيات المقدمة من عائلة الطفل، فقد تم إبلاغهم بعدم وجود علاج له في المستشفى؛ مُردفاً: "لكِن بالإجمال حق مرضي غزّة وعلى وجه الخصوص المصابين بالسرطان يتعرض لانتهاكات عدة".

واستعرض عبد العاطي، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر"، أسباب انتهاك حقوق مرضى السرطان بغزّة الذين يتم تحويلهم للعلاج في الضفة، ومنها "نقص الدواء والعلاج اللازم لهن، وأيضاً عملية التحويل والتأخير في إنجاز التحويلات الطبية؛ ما يعني تعرضهم لكثير من انتهاكات حقوق الإنسان".".

وأضاف عبد العاطي: "السلطة تراجعت عن تقديم مستوى الخدمات الملائمة بالذات لمرضى غزّة؛ ونحن الآن أمام حالات متكررة من امتناع بعض المستشفيات في الضفة الغربية عن استقبال مرضى غزّة، عدا عن سوء المعاملة وعدم توفير كل ضمانات العلاج اللازمة لمرضى السرطان".

وأكّد على ضرورة التحقيق في كل الحالات السابقة، وضمان توفير العلاج اللازم لمرضى غزّة، وإدخال الأجهزة والمعدات الطبية اللازمة لمرضى قطاع غزّة.

إعادة دراسة " سيستم وزارة الصحة"

من جهته، قال المُدون والمختص في الشأن الفتحاوي، هشام ساق الله: "إنَّ تكرار هذه الحوادث؛ سببه خلل في وزارة الصحة وعلاقاتها مع المؤسسات التي تُقدم هذه الخدمات"، لافتاً إلى أنّها الحادثة الثانية خلال وقت قصيرة؛ رغم تشكيل "لجنة تحقيق" في وفاة الفتى سليم النواتي.

وتابع ساق الله، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنَّ وزارة الصحة تُكرر الأخطاء ذاتها، وذلك بتعاملها مع مُستشفى النجاح دون أيّ عقاب على عدم استقبالها مرضى قطاع غزّة".

كما اعتقد أنَّ المسؤول الأول عن حادثة الطفل حجازي هي وزارة الصحة، مُشيراً إلى أنَّ الطفل حصل على تحويلة للعلاج في الداخل المُحتل، وذلك في تصحيح من وزارة الصحة برام الله للخطأ.

وأوضح أنَّ التمييز في المعاملة بين مرضى الضفة وغزّة في العلاج؛ يأتي بسبب وجود خلل إداري في وزارة الصحة؛ مُتسائلاً: "ما ذنب المريض الذي يحصل على تحويله من وزارة الصحة لمستشفى النجاح؟".

وأكمل: "للموضوعية هناك حالات مرضية تم تحويلها من وزارة الصحة لمستشفى النجاح، وخضعت للعلاج على أكمل وجه؛ لكِن أيّ خلل في هذا الشأن المهم تتحمل نتائجه وزارة الصحة".

وختم ساق الله حديثه، بالتأكيد على ضرورة إعادة دراسة النظام المعمول به في وزارة الصحة؛ لضمان عدم تكرار هذه الحالات التي تستهدف الأطفال؛ داعياً إلى معاقبة كل جهة لا تستقبل مريض يتم تحويله بشكل رسمي من وزارة الصحة.