هل إسرائيل هي بلد السمن والعسل؟!

3U4K2.jpg
حجم الخط

بقلم توفيق أبو شومر

 

 

 

"استغرقتْ رحلتي من إثيوبيا إلى إسرائيل عبر الخرطوم اثنين وثلاثين يوماً، معظمها كان سيراً على الأقدام، كان عمري يومئذٍ تسعة عشر عاماً، اكتشفنا أنَّ إسرائيل ليست أرض السمن والعسل، كما أبلغونا، كنا يهوداً نمارس طقوس اليهودية في إثيوبيا، وعندما وصلنا إسرائيل لم تعترف الحاخامية الدينية في إسرائيل بأننا يهودٌ، أجبرونا أن نخضع لطقس (غيور لوشومرا) وهي عملية تهويد جديدة تُطبق فقط على المشكوك في يهوديتهم، أعادوا حتى ختاننا، غيروا أسماءنا في الهويات وجواز السفر واختاروا لنا أسماءً جديدة، ثُرنا ومزقنا الشهادات، طلب مني مسؤول الهجرة بعد كل ذلك أن أشكره!".
ما سبق كان ترجمة لتحقيق صحافي أجراه الصحافي، يعقوب بار في صحيفة "الجروسالم بوست"، يوم 1-7-2022، مع أبرز زعماء طائفة الفلاشاه، اضطُررتُ لترجمة أهم أجزائه بعد أن احتجَّ عليَّ أحد المتابعين العرب لأنني كتبت مقالاً سابقاً عن العنصرية في إسرائيل قال لي مستهجناً: كيف تعتبر إسرائيل دولة عنصرية، وأنتم الفلسطينيون شركاء في الكنيست؟! ألا يجب أن يَشكر الفلاشاه إسرائيلَ لأنها أنقذتهم من الموت جوعاً وفقراً؟!
صاحب قصة الهجرة لإسرائيل هو الإثيوبي، أديسو مسالا، عضو كنيست في الكنيست الرابعة عشرة، العام 1996، قال أيضاً: "بعد انتهاء فترة (الاستيعاب) منحونا شققاً سكنية، فوجئنا عند وصولنا أن سكان العمارة أغلقوا طريقنا إلى الشقق، طالبوا بإبعادنا ومنعِنا من السكن بجوارهم، وبعد جهدٍ تسلمنا الشقق، دعَوْتُ بعد وقتٍ كلَّ سكان العمارة إلى وليمة، لإزالة حاجز الكره بسبب (لوننا وعرقنا)، لم يحضر أحدٌ من ساكني العمارة، فأكلنا الطعام كله، ورقصنا على وقع موسيقانا".
أشار عضو الكنيست الإثيوبي كذلك إلى أن الاضطهاد العرقي ضد الفلاشاه ليس من اليمينيين الحارديم فقط، بل إن العنصريةَ طالت اليساريين في إسرائيل، ممن يرفعون شعار الديموقراطية، قال، أديسو مسالا: "انتميتُ إلى حزب العمل، وهو الحزب المصنف في وسائل الإعلام حزباً يسارياً، اكتشفتُ أنه حزب ذو الوجوه البيضاء فقط، حظيتُ بالمرتبة التاسعة والعشرين في قائمة الانتخابات، ولكنهم استثنوني، ثم أقصوني من المقعد المخصص للمهاجرين، حتى أنني وجدت نفسي بلا عمل العام 2007، خجلت من طلب وظيفة، أنقذني مرتب زوجتي الشهري من الحاجة، كان أعضاء حزب العمل يُعاملونني كأجنبي، ليس صحيحاً ما يعلنه الحزب من أنه حزبٌ يسعى للتعددية بمن فيهم شمعون بيرس (اليساري) غادرتُ إسرائيل فترة طويلة، وأنا اليوم أعمل وسيطاً بين الشركات الإثيوبية والإسرائيلية!".
هذا المهاجر الإثيوبي أشار إلى أبشع الممارسات العنصرية في تاريخ العالم، حين تحدث عما سماه، (الفعل الفاضح) لمنظمة إسرائيلية كبرى، وهي المؤسسة الطبية، نجمة داود الحمراء، وذلك حين ألقت هذه المنظمة أكياس الدم التي تبرع بها اليهود الإثيوبيون في القمامة، لأن دماء الفلاشاه ملوثة!
هذا المهاجر الجديد، حامل الهوية وجواز السفر الإسرائيلي وصف بدقة التمييز العنصري الفاضح في إسرائيل، عندما شبَّهَ الفلاشاه الإثيوبيين بأنهم لا يُعتبرون بشراً عند الشرطة الإسرائيلية، فهم (أكياس ملاكمة) تنفِّس شرطةُ إسرائيل عنصريتَها فيهم!.
"اشتكى كثيرٌ من آباء الطلاب الإثيوبيين، الفلاشاه من مديري روضات الأطفال التابعة للحارديم في القدس لأن مديري المدارس يرفضون قبول أبنائهم في رياض الأطفال والمدارس الابتدائية بسبب لون بشرتهم السوداء!  
كتبتْ عضو الكنيست من طائفة الفلاشاه، من حزب "هناك مستقبل"، بنينا تامانو شاتا، إلى رئيس بلدية القدس، موشيه ليون رسالة قالت فيها: يُعامل الإثيوبيون معاملة عنصرية، في مدينة القدس"!! (يديعوت أحرونوت 5-1-2019م).
لا تنسَوْا، أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم، التي تُطبق الفحص الجيني كشرط على الانتماء للدين اليهودي، وهي الدولة الوحيدة التي تحظر زواج اليهودي بغير يهودية، أو العكس، ولا تعترف بعلاقة المحبة بين الأجناس والأعراق، هناك جمعية لا مثيل لها في كل دول العالم (لهبا، ولافاميليا) هذه الجمعية تختطف كل يهودية تتزوج بإرادة ومحبة من غير يهودي!