بين راشيل كوري وشيرين أبو عاقلة

slsE4.png
حجم الخط

بقلم: حمادة فراعنة

 

راشيل كوري المواطنة الأميركية التي تم دهسها تحت جنازير الجرافة الإسرائيلية، أمام الكاميرات، بعناد وتصميم من قبل المجند المستوطن الإسرائيلي، حينما واجهته، واعتصمت امامه، رافضة هدم منزل فلسطيني، فماذا كانت النتيجة؟؟ ماذا كانت ردة فعل الإدارة الأميركية سواء نحو المستعمرة وسياساتها وإجراءاتها الهمجية؟؟ أو نحو المستوطن الذي قام بدهسها؟؟.

لا شيء يُذكر يستحق التوقف أو التذكر أو ردع المستعمرة وجنودها ومستوطنيها، لا شيء، ولو فعل الأميركيون شيئا ذا أثر على قتل راشيل، لما واصلت أدوات المستعمرة جرائمها في قتل المدنيين الفلسطينيين، وقتل شيرين أبو عاقلة.

بيان وزارة الخارجية الأميركية، وممثلي الأمن اعتماداً على التحقيق الأميركي الإسرائيلي المشترك، لم يتضمن إدانة لجيش الاحتلال، ولم يتضمن البراءة، بل ترك التقديرات والتخمينات بين الشبهة والبراءة، بهدف مقصود لتبقى النتيجة معلقة، غير محسومة، والحصيلة موقف اميركي مقصود خبيث، بهدف إضاعة دم شيرين وخسارة قضيتها، وتمييعها، والتهرب الاميركي من توجيه الإدانة للاسرائليين وعدم تحميلهم المسؤولية نحو قتل شيرين، وتسجل ضد مجهول، وهكذا لا تتطوع الإدارة الأميركية ولا تبذل جهداً نحو حماية مواطنيها طالما يتعرضون للقتل على يد المستعمرة وأدواتها المحصنين بحائط الصد الأميركي في مواجهة من يمسها ويسعى لإبراز جرائمها وتظهيرها.

كما فعلوا بالمواطنة الأميركية راشيل كوري التي قُتلت دهساً، ولم يفعلوا شيئاً لقضيتها بحق المجرم القاتل الإسرائيلي المعروف الهوية في حينه، سيفعلون مع قضية شيرين أبو عاقلة.

مع ذلك ثمة ما يستحق الفعل والعمل والجهد باتجاهين: أولهما عبر السلطة الفلسطينية لدى محكمة الجنايات الدولية رسمياً، وثانيهما عبر عائلتها بالتعاون مع قناة الجزيرة لتسجيل قضية جنائية لدى المحاكم الأميركية، نظراً لكونها مواطنة أميركية وعائلتها كذلك.

محاكمة قتلة أبو عاقلة يجب أن تبقى مفتوحة، متواصلة، جدية، لتعرية المجرم وحماته، الذين يوفرون له الغطاء والتهرب من الجلب والمساءلة والإدانة، فكلاهما يقوم على العنصرية في سلوكه السياسي الأمني، فالمستعمرة تشبه تجربتها ولادة الدولة الأميركية واستيطانها على ارض أهل البلاد الأصليين المعروف عنهم أنهم الهنود الحمر، وتم تصفية عشرات الملايين منهم، بوسائل جرمية عديدة، حتى باتوا محدودي العدد والأثر، والمشروع الصهيوني مثل هجمة البيض الأوروبيين في أميركا، استوطنوا فلسطين وعملوا على تصفية الشعب الفلسطيني وتشريده، ارتكبوا عشرات المجازر الفردية والجماعية، وتم طرد وتشريد نصف الشعب الفلسطيني خارج وطنه، وبقي نصفه الآخر، صامدا، مقاوما، باسلا، شجاعا، أحبط استكمال المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، الذي نجح باحتلال كامل خارطة فلسطين، ولكنه فشل إستراتيجياً في تشريد كامل الشعب الفلسطيني خارج وطنه.

مهما فعلت وزارة الخارجية الأميركية لتشكل غطاء للمستعمرة ستبقى قضية شيرين كما كانت وستبقى قضية راشيل، مشهد وشهادة إدانة جرمية للمجرمين الإسرائيليين بما فعلوا، أو سيفعلون.