مُنذ العام 2016، لم تنجح كافة جولات المصالحة بين حركتي فتح وحماس في عقد لقاء بين الرئيس الفلسطيني وزعيم حركة فتح محمود عباس، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية؛ لكِن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، نجح في عقد هذا اللقاء على هامش احتفالات الجزائر بعيد استقلالها الستين من الاحتلال الفرنسي؛ الأمر الذي دفعه لوصف اللقاء بـ"التاريخي".
وعلى الرغم من أنَّ اللقاء بين الرئيس عباس وهنية لم يتعد في إخراجه العلاقات العامة، فلا تقدم في ملف المصالحة؛ رغم حديث وسائل إعلام عربية عن تقديم "هنية" ورقة للرئيس "عباس" بشأن المصالحة، ورد الأخير أنَّ "لا انتخابات بدون القدس" إلا أنَّ صورة الرجلبن، أحيت الأمل في نفوس الفلسطينيين بإمكانية إنهاء مسلسل الانقسام الممتد مُنذ 15 عامًا.
لكِن هناك من نظر إلى مشاركة حماس في احتفالات استقلال الجزائر إلى جانب الرسمية الفلسطينية المتمثلة بالرئيس محمود عباس، على أنّه اعتراف رسمي جزائري بحركة حماس التي أوصدت العديد من العواصم الأبواب في وجهها هذا العام؛ خاصةً في السودان وتركيا ووضعها على قوائم الإرهاب الدولية.
فتح حوار للمصالحة
من جهته، رأى الكاتب والباحث السياسي، جهاد حرب، أنَّ حماس تمتلك مكتب سياسي في الجزائر ولديها علاقات قوية معها مُنذ زمن، مُعتقدًا أنَّ الاستقبال الرسمي الجزائري لحماس له علاقة بالجهود الجزائرية التي بُذلت لفتح حوار وطني بين الأطراف الفلسطينية.
وأضاف حرب، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "هو الأمر الذي شهدناه مُنذ بداية العام باستقبال الجزائر لوفود متعددة من جميع الفصائل الفلسطينية.؛ لإدارة حوار وطني يُمكن أنّ يُنهي الانقسام، وبالتالي أحد الخلفيات لهذا الاستقبال هو عقد لقاءات بين الأطراف الفلسطينية الرئيسية في الساحة الفلسطينية".
أما عن ذهاب الجزائر للعب هذا الدور في القضية الفلسطينية؛ رغم التوجه في المنطقة نحو المشاركة في"ناتو شرق أوسطي"، قال: "إنَّ الجزائر تنظر إلى مصالحها عبر بناء تحالفات إقليمية، وتُريد أنّ يكون لها دور ولن يتخطى هذا الدور السياسيات التي تلعبها سابقًا"، مُشيرًا إلى وجود خلافات جزائرية مغربية منذ سنوات طوية ومُحدد للعلاقات مع الأطراف العربية الأخرى.
وتابع: "إنَّ الجزائر تُريد التأكيد للمجعتمع الدولي؛ خاصةً الولايات المتحدة الأمريكية، بأنّ لديها القدرة على لعب دور في المنطقة"، مُردفاً: "لكِن هذا الدور في ظل التحديات التي تُواجهها الجزائر لن يكون له تطورات مادية على مستوى القضية الفلسطينية والتحالفات الإقليمية الأخرى".
أوراق قوة للجزائر في الإقليم
وبالحديث عن انعكاسات الاستقبال الرسمي الجزائري على حماس، بيّن حرب، أنَّ "انعكاسات الاعتراف الجزائري على حماس، يجب وضعه في سياقه، كون العلاقة بين الجزائر وحماس ليست بالجديدة".
وأكمل: "الجزائر استقبلت قيادات حماس سابقًا، وبالتالي هناك غايتين أساسيتين أرادت الجزائر أنّ تلعبهما من خلال استضافة الرئيس عباس وهنية، وهي القول للإقليم إنَّ لديها أوراق قوة في المنطقة وتُساهم في إنجاح الحوار الوطني الفلسطيني"، مُستدركاً: "الجزائر تعترف بالدولة الفلسطينية ولا تُغير من علاقاتها المتعلقة بالجهة الرسمية الفلسطينية".
المقاومة عنوان المرحلة
بدوره، اعتقد المُحلل السياسي، مصطفي الصواف، أنَّ استقبال الجزائر لقيادة حماس، ممثلةً برئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، دلالة على اعتراف الجزائر أنَّ "المقاومة عنوان المرحلة"، وأنَّ من يحمل هذا العنوان يجب احترامه ووضعه في المكان المناسب، مُشيراً إلى أنَّ هذا الاعتراف ليس على حساب أحد، بل تقديراص لمن يحمل لواء المقاومة.
واستدرك الصواف، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "الاجتماع البروتوكولي -على حد وصفه- الذي جمع الرئيس محمود عباس مع هنية، لم يشي عنه شيئ ملموس على أرض الواقع، لكِنه جاء إكرامًا لجهود الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون".
وختم الصواف حديثه، بالقول: "إنَّ موقف حماس من المصالحة واضح وليس عبر هذه الزيارة فقط؛ لكِن ارتباط الرئيس محمود عباس بـ"أوسلو" يُفشلها؛ لأنّها قائمة على شروط الاعتراف بما اعترفت به منظمة التحرير، لذلك فإنَّ جهود إنجاح المُصالحة تُبذل من الجزائر وغيرها من الدول، إلا أنَّ عقلية الرئيس تُفشلها".