ليست كسابقتها من الزيارات البروتوكولية التي يقوم بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس للمملكة العربية السعودية، خاصة وأنه يقدم على "أيام فصل" في العلاقة مع إسرائيل باتجاه وقف التنسيق الأمني، والعمل باتفاق باريس الاقتصادي أيضا، حسبما صرح مسؤول فلسطيني رفيع لصحيفة عربية، فهل تمكن من أخذ ضوء أخضر سعودي للمضي في خطوة هذه ؟، وهل يشهد ملف المصالحة الفلسطينية تقدما بدعم الملك سلمان المعروف بتقربه من الإخوان وحماس.
زيارة سياسية بامتياز
في الوقت الذي تراجعت فيه القضية الفلسطينية من سلم اهتمامات العرب يذهب عباس إلى الرياض ليأخذ الدعم السياسي والمادي أيضا لتسلح بهما حال تعرض السلطة لأي عراقيل إسرائيلية في وجه تطبيق توصيات المركزي حسب محللين.
يقول الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب حول خبايا زيارة الرئيس عباس للرياض "لوكالة خبر" "الزيارة ليست بروتوكولية في ظل الأوضاع العربية السائدة، لأنها تنطوي على أخذ رأي القيادات العربية بالإجراءات التي تنوي السلطة القيام بها لإنهاء ملف اتفاق أوسلو"
وتابع " وما يمكن ان يترتب عليه من ردود فعل اسرائيلية، في حال وقف التنسيق الأمني مع اسرائيل"
وقد أعلن ان هدف الزيارة التي تمت بتاريخ 30ديسمبر/كانون الأول، تقليد الملك سلمان بن عبد العزيز القلادة الكبرى لوسام دولة فلسطين.
وكان مسؤول فلسطيني رفيع في وفد الرئيس أبو مازن وقد ضم المتحدث الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة ومدير المخابرات الفلسطينية اللواء ماجد فرج مستشار الرئيس الدبلوماسي مجدي الخالدي وسفير دولة فلسطين باسم عبدالله الأغا، أكد لصحيفة الرأي اليوم أنه لم يعد هناك متسع لتأجيل توصيات المجلس المركزي وخطة اللجنة التنفيذية لوقف العمل بالتنسيق الأمني واتفاق باريس الاقتصادي.
ويؤكد حبيب أن عباس من خلال اصطحابه لهذه الشخصيات خلال زيارة الأخيرة للرياض يريد أن يضفي العناصر ذات البعد الأمني والسياسي، من خلال إمكانية الدفع العملية التفاوضية مع الجانب الاسرائيلي والدفع بملف المصالحة للتأثير على الداخل الفلسطيني من جانب آخر.
ويشار أن المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية قد اجتمع في 4-5 من آذار 2015، في دورته العادية 27 ووضع توصيات بوقف التنسيق الأمني مع اسرائيل خاصة بعد تعثر العملية السلمية مع إسرائيل التي تقاد برعاية أمريكية.
من جانبه يري رئيس تحرير جريدة فلسطين المقربة من حركة حماس مصطفى الصواف "لوكالة خبر"أن الزيارة تأتي في إطار استمرار العمل السياسي الفلسطيني باتجاه العرب بعد فشل أمريكا والغرب في تقديم أي شيء للقضية الفلسطينية.
وتمنى الصواف على الرئيس عباس أن يتوجه إلى الشعب الفلسطيني وفصائله الوطنية والإسلامية قبل التوجه لأي جهة عربية، من باب أن إهمال الذات لن يحقق للفلسطينيين شيئا على حد قوله.
وشدد أن "العرب لن يعطوا الأولوية للقضية الفلسطينية إذا استمروا بوضعهم الانقسامي الحالي، والحل يكمن بالوحدة الداخلية".
ويتفق هاني حبيب مع الصواف أن العرب لا يسمح لهم وضعهم الحالي مع ازدحام الأجندة باشتعال المنطقة بالحروب خاصة في سوريا واليمن وكذلك تحالفات الرياض مع تركيا في إعطاء الأولوية للقضية الفلسطينية لكنه يستدرك بالقول الرئاسة الفلسطينية أرادت اخذ الدعم السعودي بأي قرارات تتخذها، وكأنه يريد إعادتها لسلم الاهتمام العربي.
وبشأن الدعم المالي السعودي للسلطة في حال "حبس" اسرائيل أموال السلطة كإجراء عقابي لها حال وقف التنسيق يؤكد هاني حبيب أن " السعودية هي الدولة الوحيدة في الجامعة العربية الملتزمة بدعم القضية الفلسطينية "
وشدد أنه مع بداية العام الجديد والانخفاض المتوقع في أسعار النفط والخطة التقشفية في الميزانية السعودية تبقي السعودية الأكثر التزاما"
أما مصطفى الصواف فيربط استمرار الدعم المالي السعودي الذي يري فيه أحد أهداف زيارة عباس للمملكة بالوحدة الداخلية الفلسطينية.
الملك سلمان ... هل يطوى ملف المصالحة في عهده؟
بمجرد ذكر الملك سلمان تتبعه عبارات القريب من الإخوان وبالتالي حماس فهل ينجز ملف المصالحة في عهده خاصة أن المملكة لها تجربة سابقة توج باتفاق مكة الذي فشل؟ فهل ينجح الملك سلمان؟
يقول هاني حبيب حول امكانية رعاية الرياض لملف المصالحة خاصة أنه قد سبقت زيارة الرئيس عباس للمملكة زيارة خالد مشعل رئيس المكتب السياسي للحركة " سبق أن لعبت السعودية هذا الدور في عهد الملك السابق، وكان اتفاق مكة، لكن اليوم الظروف أصبحت أكثر قدرة للعب دور مؤثر نتيجة للعلاقة الملك سلمان بحركة الإخوان المسلمين وحماس "
وينوه "لذلك زيارة الرئيس عباس هي سياسية بامتياز وليست بروتوكولية".
وجدير بالذكر أن اتفاق مكة وقع بين حركتي فتح وحماس برعاية العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز في مدينة مكة بتاريخ 8 فبراير 2007، بحضور الرئيس عباس ومحمد دحلان واسماعيل هنية وخالد مشعل وتم الاتفاق فيه على وقف الاقتتال وتشكيل حكومة وحدة وطنية، إلا أنه باء بالفشل بفعل أحداث الانقسام في منتصف حزيران 2007.
من جانبه يقلل استاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح بنابلس عبد الستار قاسم "لوكالة خبر" من أهمية زيارة الرئيس عباس للمملكة على صعيد ملف المصالحة الفلسطينية قائلا "عندما نتحدث عن المصالحة لسنا بحاجة للسعودية أو مصر، بل بحاجة إلى التخلص من التعصب الفئوي الداخلي وكذلك فك الاتفاقات مع اسرائيل وفي حال تحقق هذان الأمران سوف نستطيع العيش معا وبحرية"
وتابع " لا جدوى للحديث عن ملف المصالحة في ظل الوضع الراهن الفلسطيني "
وشدد أن السعودية سبق وان لعبت دور في ملف المصالحة وفشلت، لأن الأمر يتعلق بالإرادة الداخلية الفلسطينية .
أما مصطفى الصواف فيرى أن أي طرف سواء السعودية او غيرها يستطيع أن يفرض شروط على حركة حماس في ملف المصالحة، مشددا أن أي ضغوطات على أي جانب فلسطيني يرفض التنازل والاعتراف بإسرائيل سوف تبوء بالفشل على حد وصفه.
وتابع "الرئيس محمود عباس "دس السم في العسل" عندما اشترط أن تكون حكومة الوحدة الوطنية قائمة على برنامج منظمة التحرير الفلسطينية الذي يعترف بإسرائيل وتقسيم فلسطين ونبذ المقاومة" على حد قوله.
وتبقي أحداث العام 2016 ومجرياته كفيلة بالإجابة هل سينجز ملف المصالحة الفلسطينية في عهد الملك سلمان؟ أم يبقى معلقا إلى الأعوام القادة بانتظار إرادة داخلية فلسطينية لإنجازه.