قرارٌ يزيد من نسبة الفقر

تقرير: بعد إعلان حكومة غزّة عن أزمتها المالية.. شبح تخفيض الرواتب يُهدد الموظفين!!

رواتب موظفي غزة
حجم الخط

غزّة - خاص وكالة خبر - مي أبو حسنين

حالةٌ من الترقب تُخيم على موظفي غزّة بعد إعلان وكيل وزارة المالية عوني الباشا، في الثالث والعشرين من يوليو الجاري، عن أزمة مالية قد تؤدي إلى تخفيض نسبة صرف الرواتب والنفقات التشغيلية للوزارات العاملة بغزّة؛ وذلك بسبب تحملها لعدد من الارتفاعات على الأسعار في بعض السلع الأساسية؛ خاصةً الوقود والتي تكفلت الحكومة بتحمل ارتفاعاتها دون أنّ تُحمل المواطن أيّ زيادة في الأسعار.

وأشار الباشا، إلى تراكم ديون الحكومة على البنوك وسعي الأولى لتجاوز الأزمة، نافياً في ذات الوقت أيّ حديث عن عدم صرف رواتب شهر يوليو الحالي، مع إمكانية الحديث عن نسب الصرف بسبب انخفاض الإيرادات.

وبيّن أنَّ الوزارة أعدت خطة لتجاوز العجز المالي، ستطال العديد من أوجه الصرف والنفقات مثل الموازنات التشغيلية للوزارات والنفقات الرأسمالية.

من هي حكومة غزّة

وحكومة غزّة هي الحكومة الفلسطينية "العاشرة" التي فازت في الانتخابات التشريعية عام 2006، وكان رئيسها آنذاك إسماعيل هنية، ونتيجة خلافات سياسية سيطرت على قطاع غزّة بقوة السلاح، ما دفع الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى إقالتها.

لكِن هذه الحكومة بقيت تمارس مهامها في غزّة، وفي أعقاب اتفاقية المصالحة الفلسطينية عام 2014 حلت نفسها على أنّ تتسلم حكومة الوفاق الفلسطيني زمام الأمور داخل القطاع، إلا أنَّ ذلك لم ينجح، وبقيت غزّة من دون حكومة تديرها إلى عام 2021، حتى أعادت الحكومة العاشرة تشكيل لجنة "متابعة العمل الحكومي"، وهي بمثابة حكومة غزّة، وبينها وبين السلطة الفلسطينية تعاون في مجال الصحة والتعليم وملفات إعادة الإعمار، وتنتهي مهامها مباشرة عند تسلم السلطة الفلسطينية القطاع، أو إجراء انتخابات تشريعية جديدة.

وتعتمد حكومة غزّة في نفقاتها على الإيرادات الجمركية والضرائب وأذونات الاستيراد والتصدير، إلى جانب المنح المالية الخارجية التي تصلها، وتصرفها على جانبين، الأول رواتب الموظفين الحكوميين، والثاني الموازنات التشغيلية للوزارات، لكنها أيضاً لم تتكفل كلياً بمصاريف الوزارات، إذ تساعدها السلطة الفلسطينية في تغطية تكاليف العلاج في الخارج وفاتورة الكهرباء، كما تُورد لها الأدوية، إلى جانب تغطية جزء من موازنة التربية والتعليم، فضلاً عن دفعها رواتب موظفيها في غزّة.

لم يُعلن التخفيض حتى الآن

بدوره، قال مدير عام السياسات والتخطيط في وزارة الاقتصاد الوطني بغزّة، أسامة نوفل: "إنَّ الحكومة في غزّة تتحمل على مدار الثلاثة شهور السابقة فروق الأسعار؛ بسبب الأزمة الروسية الأوكرانية، ما أثر بشكلٍ سلبي على إيرادات الحكومة التي تعتمد على بندين رئيسين هما الضرائب على الوقود والضرائب على السجائر".

وأضاف نوفل، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "بالتالي فإنَّ ما سبق ذكره أدى لتراجع الإيرادات بشكلٍ ملحوظ؛ والتأثير على قدرة الحكومة على الوفاء بالتزماتها للموظفين في مجال الرواتب والنفقات التشغيلية"، مُؤكّداً على أنَّ الحكومة لم تُعلن رسمياً حتى الآن عن أيّ تخفيض في نسب الصرف.

وبالحديث عن بنود الإيرادات والنفقات لدى الحكومة في غزّة، دعا نوفل، الحكومة في غزة إلى الإعلان عن بنود الإيرادات والنفقات؛ الأمر الذي سيُعزز من الشفافية والنزاهة، لافتًا إلى أنَّ السؤال عن بنود الميزانية لابّد أنّ يُوجه للحكومة في غزّة.

تراجع القدرة الشرائية للمواطن

أما عن تأثير التخفيض على موظفي غزّة، أكّد نوفل، على أنَّه لم يتم الإعلان رسمياً عن تخفيض نسبة صرف الرواتب، لكِن في ظل الأزمة المالية الحالية سينعكس الأمر سلبًا على الموظفين وعلى القدرة الشرائية لهم؛ وبالتالي سيتأثر الاقتصاد المحلي والعديد من القطاعات الإنتاجية.

وعن تأثر أداء الوزارات بعد الإعلان عن احتمالية تخفيض الميزانيات التشغيلية، قال نوفل: "إنَّ الوزارات لديها بند مهم جدًا في المصروفات التشغيلية يتعلق بشراء السلع والمستلزمات المختلفة؛ وبالتالي ستتأثر على وجه الخصوص الوزارات التالية: الداخلية والتعليم والصحة بشكل أساسي".

التخفيض جريمة بحق الـ50 ألف موظف 

من جهته، رأى الخبير الاقتصادي، مازن العجلة، أنَّ "الغريب في إعلان حكومة حماس عن الأزمة المالية، كونها كانت متزامنة مع زيادات عالية في الضرائب على المواطنين"، مُشيراً إلى أنّه لا يتم الكشف طوال السنوات الماضية عن إعداد الميزانيات من حيث النفقات والإيرادات التي يتم جبايتها، أو الوضع المالي للحكومة.

وأكمل العجلة، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "لكِن إذا افترضنا أنّ هذا الكلام- أيّ إعلان حكومة غزّة عن أزمتها المالية- دقيق؛ معنى ذلك أنَّ اللجوء إلى تخفيض المخفض جريمة بحق إنسانية هؤلاء الموظفين- عددهم حوالي 50 ألف موظف- الذين يعملون لدى سلطة الأمر الواقع- يقصد حماس-؛ لأنَّ الجميع يعلم أنّهم لم يتقاضوا راتب كاملاً منذ عام 2007 وحتى الآن".

وأشار إلى أنَّ معظم الموظفين في حكومة حماس من الفقراء؛ وبالتالي إذا تم تخفيض نسب صرف رواتبهم يعني إمعان في الفقر لهذه الفئة وأسرهم.

وأردف: "سينعكس هذا الأمر سلبًا على استهلاك العامة، في وضع يُعاني فيه الجميع من ارتفاع الأسعار في السلع الغذائية والأساسية بفعل الارتفاع العالمي وزيادة الضرائب التي تفرضها الحكومة بغزّة؛ وبالتالي فإنَّ تخفيض الرواتب مؤشر سلبي".

وبالتطرق إلى أسباب الأزمة التي أعلنتها الحكومة وهي تحملها لفروق الأسعار في الوقود، قال العجلة: "إنَّ هذا الحديث غير منطقي، لأنَّ أسعار الوقود ارتفعت وأسعار الخبز كذلك ارتفعت"، مُتسائلاً: "كيف تكون الحكومة قد دعمتها؟".

واستدرك: "إذا كانت الحكومة في غزّة، تُريد الحقيقية فعليها نشر بنود الإيرادات والمصروفات التي تعتمد عليها؛ حتى نستطيع كاقتصاديين تقييمها".

ورجَّح العجلة، أنَّ يكون الهدف من الإعلان عن الأزمة المالية امتصاص الغضب الشعبي بسبب زيادة الضرائب؛ مُردفاً: "في حالة فرضية أنَّ الحكومة تُعاني من أزمة المالية، فهناك آليات آخرى بعيدة عن تخفيض نسبة الرواتب، كترشيد النفقات وكفاءة استخدام الإيرادات؛ لضمان عدم زيادة نسب الفقر في قطاع غزّة".