قراءة تحليلة : حين يقرر "يوسف" قول الحقيقة يصبح في نظر "حماس" كاتب فلسطيني إخواني فقط ..

12476645_10206779543740399_75677689_o
حجم الخط

أن يعلو صوت أحد الليبراليين أو العلمانيين لانتقاد أخطاء الحركة الإسلامية في العالم العربي الممتدة من المحيط إلى الخليج فهو أمر ليس بالجديد، لكن أن تخرج أصوات من رحم الحركة الإسلامية فهذا الأمر مستجد ويستحق الاهتمام والمتابعة، القيادي البارز في حركة حماس أحمد يوسف الذي يصف ضمن جناج الحمائم في الحركة منذ عودة إلى أرض الوطن وانخراطه في العمل السياسي إبان الحكومة العاشرة وحتى بعد خروجه من العمل الحكومي لا يزال بين الفترة والأخرى يطل على قرائه بمقالات تعتبر بمثابة مراجعات لأداء الحركة الإسلامية وبخاصة جناح المشرق "الإخوان المسلمين" وهذا لسان حال مقالته (نعم أخطائنا.... هل يجرؤ أحد على قولها ؟ ) فهل تأخذ الحركة بمراجعاته حتى داخل الغرف المغلقة بعيدا عن ضجيج الإعلام؟

سفينة خلاص

انتقد يوسف ، الإسلاميين بلغة واضحة بعيدا عن التلاعب في الألفاظ والمصطلحات حتي أنه في نصحه لحركته كتب "مصطلحات ساقطة من القاموس الفلسطيني" وبدأ بسرد أمثلة لكلام المفكر الإسلامي عبد الفتاح مورو ، في إشارة للاستفادة من أخطاء الماضي والحاضر.

وحول القراءة الأولية لما كتب أحمد يوسف يقول رئيس تحرير جريدة الرسالة التابعة لحركة حماس وسام عفيفة " هي ليست المرة الأولي التي يوجه فيها الدكتور أحمد نقد ولفت انتباه، لكنها تبقى مقالة رأي  ليس بالضرورة  أن تعبر عن اتجاه أو رأي في الحركة"

ويشدد عفيفة "لوكالة خبر" أنها "ليست المرة الأولى التي يقدم بها كتاب محسوبين على حماس والحركات الإسلامية ملاحظات في محاولة لتسليط الضوء على جوانب معينة لإعادة التفكير.

وأضاف "النقد والمراجعة أمر إيجابي إذا كان مبني على أسس ومعطيات صحيحيه".

من جانبه يؤكد الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطالله  "لوكالة خبر" أنه " لا يمكن القول أن أحمد يوسف يتحدث كقيادي في الحركة بل يتحدث كمثقف من حركة الإخوان المسلمين، باعتباره من المجربين"

ويتابع " هو معجب بالتجربة التونسية، وكذلك تجربة الإخوان في تركيا، ويجد الفرق في الممارسة في غزة وبين تلك التجارب التي تعبر بسلام ".

ويشدد أنه يقدم النصيحة لإخوانه في فلسطين فرع غزة التي تعتبر بمثابة الخلاص أو سفينة نجاة إذا أخذت بها، وإلا إذا استمرت تجربة الحركة في غزة على هذا الشكل ستشهد انكسارا على مستوى فلسطين على حد قوله.

وقد أورد أحمد يوسف في مقالته آراء للشيخ عصام تليمه أحد رموز الإخوان المقيمة في تركيا يقول فيها " إن من خصائص النفس البشرية الخطأ وليس عيبا أن نخطئ ولا نعترف بخطئنا ونعتذر عنه ونعمل على معالجة ما ترتب على هذا من الخطأ".

وقد نشرت المقالة في عدة مواقع إلكترونية فلسطينية بتاريخ 3 يناير/كانون الثاني 2016.

وتساءل يوسف في مقالته لماذا أخفق الإسلاميون سياسيا؟  لماذا لا تنجح الحركات الإسلامية في مشهد الحكم والسياسية ولماذا تتراجع حظوظ الكسب لديها من ناحية الشعبية والقدرة على تحقيق وعودها في التغير والإصلاح؟. وقدم الأجوبة  استنادا لآراء د. منذر عبد اللطيف الأكاديمي والمفكر السياسي التي حصرها في 10 أسباب مكتفيا بخمسة أبرزها (الثقافة الفوقية وثقافة التبرير، والقفز في الهواء، وصناعة الأعداء وأخيرا تجاهل قضايا المواطنة).

وبخصوص طرح يوسف من خلال مقالته الاستفادة من تجربة الإسلامية في المغرب العربي وبخاصة التجربة التونسية يقول عفيفة " يجب دائما عدم التعميم وواضح أن الدكتور أحمد يوسف سلط الضوء على أحاديث متكررة لعبد الفتاح مورو، ضمن رؤية ومراجعة ونقد، مشددا أن مسألة الأخطاء ليست اكتشاف في عمر الحركات والتنظيمات سواء في الساحة الفلسطينية أو خارجها توجد هفوات ونجاحات

أما أكرم عطالله يؤكد أن " التركيز على شرعية الإنجاز من خلال عبد الفتاح مورو أمر في غاية الأهمية لأن الحركات الإسلامية تركز على شرعية واحدة وهي الشرعية الدينية، وشرعية القرآن، واستحدثت أخيرا شرعية جديدة فور وصولها لسدة الحكم شرعية الصندوق"

ونوه أنه بحديثه عن شرعية الإنجاز يلفت نظر حركة حماس التي تتحدث بمنطق عقد منذ الزمان عن شرعية وحيدة وهي شرعية الصندوق.

بدوره رفض رئيس تحرير جريدة فلسطين المقربة من حركة حماس مصطفي الصواف خلال اتصال مع "وكالة خبر"، التعليق على مقالة أحمد يوسف بالقول " أنا لم أقرأ ولا أقرأ لأحمد يوسف لذلك لا تعليق لدي".

صقور الحركة .. العقبة

اعتاد المراقب على تصلب حركة حماس ممثلة بأيدولوجيتها وعناصرها تجاه الكثير من القضايا على الأقل المحلية، فيبقى التساؤل مشروع هل آراء القيادي في الحركة أحمد يوسف ونظيره غازي حمد تندرج في إطار التنفيس عن الغضب الشعبي بشكل منسق به من قبل حركة حماس؟

يرد وسام عفيفة بالقول "هذا توصيف غير دقيق، لا بد أن يكون داخل الحركة من يتوافق مع آراء أحمد يوسف وغازي حمد، والتوافق ليس بالجملة ربما يتفقوا بجزيئيات ويختلفوا بآخرى ، تبقى المسألة بحاجة إلى النقاش، ومساحة من العصف الذهني"

وينوه أن المسألة ليست تنفيس بدلالة عدم طرحة قضايا مجتمعية بل قضايا تتعلق بسلوك وأداء تنظيمي، مشددا أنها ظاهرة صحية تحسب لأحمد يوسف على حد قوله.

وأكد أن" ما يمنع في الحالة الفلسطينية نقاش الأمر هو الخوف من الإصياد في المياه العكرة، بالحديث عن وجود انقسامات وانشقاقات ما يعطل أن يرتفع الصوت".

يقول أكرم عطالله أن هذا تحجيم لدور الناس والتعامل معهم بشكل أقل من حجمهم الحقيقي كمثقفين، وهم يقدموا نصائح وقراءات يمكن القول أنها منفصلة ثقافيا عن الحركة.

واعتبر أنه لا يجوز بحال من الأحوال اعتبارهم كأدوات تنفيسيه، وهذا الأمر يقزم من حجمهم الحقيقي، باعتبارهم يقدموا مراجعات حقيقية وجدية في الآونة الأخيرة.

وشدد أن صناع القرار في الحركة تأخذ بالنقد والنصيحة ولكن ليس بالضرورة أن يظهر قيادي على الإعلام ويعلن ذلك، فيتم الاستفادة منها بشكل أو بآخر.

أما أكرم عطالله فيخالف عفيفة رأيه باستبعاد أن تأخذ الحركة بنصيحة يوسف أوغيره من الإسلاميين لأنها ببساطة حركة لها سياستها وبرنامجها، وهناك مراكز قوى أكثر تصلبا من هذه الآراء اللينة التي يطرها يوسف وتري أنها من صنعت التجربة وتاريخها.

ويختم أحمد يوسف مقالته بهذه الكلمات ؛" إن على الإسلاميين وقادة الحركة الإسلامية في منطقتنا العربية التحرك قبل فوات الأوان، لقد أخفقنا في مشهد الحكم والسياسية، ولكن هذا لا يعني أننا فشلنا، وأن علينا عدم تكرار المحاولة.. اليوم، نحن في الساحة الفلسطينية – مثلاً - نتحدث برؤية أفضل عن الشراكة السياسية والتوافق الوطني، ونتقبل مفاهيم المواطنة والدولة المدنية والحريات والتعددية السياسية، كما أن نظرتنا تجاه شركائنا في المشروع الوطني تتحرك بإيجابية، وتقدم استجابات بشكل أفضل، وهذه كلها خطوات - إن تمَّ الالتزام بها – وصلنا إلى رأس الجسر وبداية الدرب في جمع الصف، وتحقيق أهداف شعبنا في التحرير والعودة. وعلينا أن نتذكر دائماً بأن "الاعتراف بالخطأ فضيلة".