أعمار مجلس الأمناء خارج الصلاحية

تحليل: جامعة الاستقلال نموذج حي.. هل تهدم حركة فتح مؤسساتها بنفسها؟!

جامعة الاستقلال
حجم الخط

رام الله - خاص وكالة خبر - مي أبو حسنين

في استكمال لمسلسل الإقالات داخل حركة فتح ومؤسساتها، أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في الثامن من أغسطس الجاري، قرارًا بإعادة تشكيل مجلس أمناء جامعة الاستقلال للعلوم الأمنية الواقعة في مدينة أريحا شرق الضفة الغربية، الذي يرأسه اللوء توفيق الطيراوي، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح.

أسباب إقالة الطيراوي

وفي 10 من أغسطس الجاري، وفقًا لما نشرته وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية "وفا"، استقبل الرئيس محمود عباس، مجلس أمناء جامعة الاستقلال الجديد، الذي عقد اجتماعه الأول؛ لانتخاب رئيس مجلس الأمناء ونائبًا له وأمنيًا للسر.

وكان مجلس أمناء جامعة الاستقلال المُكلف من قبل الرئيس عقد اجتماعًا له، حيث تم انتخاب الفريق الحاج إسماعيل جبر رئيسًا لمجلس الأمناء والدكتور أحمد مجدلاني، نائبًا لرئيس مجلس الأمناء، واللواء زكريا مصلح، أمينًا للسر.

وجاءت هذه القرارات على خلفية خلافات حادة بين الطيراوي وحسين الشيخ، بعد تسريبات صوتيه نفي صحتها الطيراوي وطالت الشيخ وعضو اللجنة المركزية جبريل الرجوب.

وقال الطيراوي، في بيانٍ صحفي بعد إقالته: "كنت وما زلت على الدوام فخوراً بأخوتي في اللجنة المركزية، وفي القيادة وفي الحركة وفي فصائل العمل الوطني ومُدافعاً عنهم في كل محفل حتى لو اختلفت في الرأي معهم، وإنني أحتفظ برسائل مسجلة لدي من مشبوهين وخفافيش ليل مفادها أنّهم سيعملون على تشويه علاقتي بإخوة لي في اللجنة المركزية وتحديداً أخي جبريل الرجوب وأخي محمود العالول وأخي عزام الأحمد وأخي حسين الشيخ".

وكان الرئيس محمود عباس، قد شكَّل لجنة من مركزية حركة فتح ضمت كلاً من "نائب رئيس الحركة محمود العالول، وروحي فتوح، وجبريل الرجوب"، من أجل حل المشكلة، مع العلم أنها نفس اللجنة التي تم تشكيلها قبل فصل اللجنة المركزية لحركة فتح، القيادي الفتحاوي ناصر القدوة.

اللواء الطيراوي، بعد إقالته من مجلس أمناء جامعة الاستقلال، أكّد في حديث صحفي، سحب الحراسات منه، مُردفاً: "لا أعرف السبب، ولن أكون في مجلس الأمناء القادم، كيف بعد إقالتي من رئاسة مجلس الأمناء سأقبل أنّ أكون في المجلس القادم".

حادثة إقالة اللواء الطيراوي، ليست الأولى داخل حركة فتح في عهد الرئيس محمود عباس، فقد سبقه إقالة النائب في المجلس التشريعي، محمد دحلان، عام 2011، وفي العام 2021 تم إقالة ناصر القدوة، من رئاسة مؤسسة ياسر عرفات وتم سحب الحراسات منه أيضاً، كما أنَّ اللجنة المركزية لحركة كانت على وشك فصل القيادي والأسير مروان البرغوثي بسبب مشاركته في الانتخابات التي تم إلغائها في قائمة منفصلة عن فتح.

ما سبق، يطرح تساؤلات حول تداعيات عمليات الإقالة والفصل التعسفي داخل حركة فتح واحتمالية تواصل مسلسل الفصل والإقالات خلال المرحة المقبلة، والسؤال إنّ كان شكل هذا الصراع سيتطور في ظل تغذية الاحتلال في وسائل إعلامه التي تنشر تفاصيل هذه الخلافات.

صراع مراكز النفوذ

بدوره، رأى الكاتب والمحلل السياسي، جهاد حرب، أنَّ إقالة اللواء الطيراوي، تأتي في سياق الصراع القائم بين مراكز النفوذ داخل النظام السياسي الفلسطيني والترتيبات المستقبلية للحكم -أيّ لمرحلة ما بعد الرئيس محمود عباس-.

وقال حرب، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنَّ عقد المؤتمر الثامن داخل حركة فتح، سيُحدد الأشخاص داخل المؤسسات المركزية للحركة؛ وبالتالي من البكر الحديث عن خلافات فتحاوية داخلية"؛ مُستدركًا: "كان واضحاً خلال الحملة الانتخابية للمجلس الشريعي في العام 2021، أنَّ القيادي الفتحاوي مروان البرغوثي سيترشح للانتخابات الرئاسة سواء في قامت فتح بترشيحه أو كمستقل".

وأشار إلى وجود حراك داخل حركة فتح؛ لكِنه غير واضح الاتجاه والمعالم، مُعتبراً أنَّ حديث إعلام الاحتلال عن وجود خلافات داخل قيادت فتح؛ يأتي في سياق إضعاف الجبهة الداخلية للحركة.

وبالحديث عن احتمالية إقالة المزيد من الشخصيات داخل فتح خلال المرحلة المقبلة، أوضح أنَّ الأمر يعتمد على عقد المؤتمر الثامن، مُردفاً: "لكِن في حال عدم انعقاده قد يتم إقالة بعض قيادات حركة فتح".

مجلس أمناء خارج الصلاحية

من جهته، رأى المختص في الشأن الفتحاوي، هشام ساق الله، أنَّ "إقالة الأشخاص من حركة فتح ومؤسساتها بشكلٍ مفاجئ، واتخاذ قرارات تعسفية بحقهم في نفس الوقت؛ دون المراجعة أو المحاكمة أو حتى على الأقل إخبارهم، هو قرار غير مناسب".

وأكمل ساق الله، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "هذا القرار لا يعكس الوفاء للواء توفيق الطيراوي، المؤسس لجامعة الاستقلال والخبير بكل تفاصيلها"، مُتسائلاً: "جامعة الاستقلال فتحاوية، فكيف يتم تعيين أحمد مجدلاني وهو رجل غير عسكري ويتولى أكثر من منصب في مجلس الأمناء؟!".

ومضى متسائلاً: "لماذا لم يتم اللجوء إلى تعيين قيادات شابة من داخل الجامعة تحمل درجات علمية عليا كالدكتوراة"، مُضيفاً "الحاج إسماعيل جبر عسكري؛ لكِنه شارف على إنهاء العقد الثامن من عمره، وبالتالي ستكون قدرته على العطاء محدودة، ما يعني الحاجة لتولي الشباب لهذه المراكز من أجل الحفاظ على استمرارية وتطور جامعة الاستقلال".

وقال ساق الله: "إنَّ تشكيلة مجلس أمناء جامعة الاستقلال المُعين، قريبة من الرئيس محمود عباس؛ حتى تكون ضمن صلاحياته وليست خارج دائرة السيطرة"، مُشدّداً في ذات الوقت على ضرورة الاستثمار في القيادات الفتحاوية الشابة التي تخرجت من الجامعة؛ باعتبارها الأكثر قدرة على العطاء.

وأردف: "إنَّ مسلسل الإقالات في حركة فتح، بدأ مُنذ إقالة القيادي في حركة فتح، النائب محمد دحلان، عندما تم تعديل النظام في المؤتمر السادس وتم السماح للجنة المركزية بالإقالة واتخاذ قرارات دون الرجوع له".

وختم ساق الله حديثه، بالتحذير من اللجوء إلى التقارير الكيدية في إقالة الأشخاص من حركة فتح؛ الأمر الذي سيؤدي إلى إضعاف الحركة في ظل عدم احترام تاريخ الشخصيات المؤسسة، من أجل مصالح شخصية ونفوذ شخصيات مُقربة من الرئيس محمود عباس، وفق وصفه.