بدون دعائم قانونية

تقرير: لمنع توثيق الرواية الفلسطينية.. الاحتلال يُغلق سبعة مؤسسات حقوقية بذريعة الإرهاب

دولة الاحتلال تُغلق سبعة مؤسسات حقوقية بذريعة الإرهاب
حجم الخط

رام الله - خاص وكالة خبر - مي أبو حسنين

بعد أشهر من وسم وتصنيف دولة الاحتلال الإسرائيلي مؤسسات حقوقية فلسطينية بـ"الإرهاب"، أقدمت صباح اليوم الخميس، على إغلاق مقرات سبع مؤسسات فلسطينية حقوقية وأخرى تعمل في مجال المجتمع المدني؛ وذلك بعد اقتحام مدينتي رام الله والبيرة وسط الضفة الغربية، بالتزامن مع نهب محتوياتها.

ما هي المؤسسات السبعة التي أغلقها الاحتلال؟

وشمل القرار سبع مؤسسات وهي "الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، والحركة العالمية للدفاع عن الأطفال – فلسطين، والحق، واتحاد لجان العمل الزراعي، واتحاد لجان العمل الصحي، واتحاد لجان المرأة الفلسطينية، ومركز بيسان للبحوث والإنماء"، وذلك بعد أقل من 24 ساعة على قرار لوزير جيش الاحتلال الإسرائيلي، بينى غانتس، تحدث فيه عن اعتبار ثلاث مؤسسات وهي "مؤسسة الضمير، مركز بيسان، اتحاد لجان المرأة" بأنها "إرهابية" وبشكلٍ نهائي، فيما تم تجديد إغلاق مقر مؤسسة أخرى.

وجاء في بيان لوزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس، أنَّ "هذه المنظمات تعمل تحت غطاء - منظمات المجتمع المدني- لكِنها عملياً تنتمي وتُشكل ذراعاً لقيادة الجبهة الشعبية التي تهدف إلى تدمير إسرائيل من خلال القيام بأعمال إرهابية".

ودعا غانتس، المجتمع الدولي إلى "قطع كل الاتصالات مع الجمعيات والمنظمات التي تقدم الدعم للإرهاب" وفق قوله، زاعماً أنَّ "هذه المنظمات تستفيد من مساعدات دول أوروبية وتبرعات منظمات دولية لتمويل عائلات السجناء الأمنيين في "إسرائيل" ومنفذي الاعتداءات ودفع رواتب أعضاء الجبهة الشعبية وتعزيز نشاطها الإرهابي ونشر فكرها، بحسب مزاعم غانتس.

ويُتوقع أنّ يؤثر القرار الإسرائيلي على توفير الدعم المالي لهذه المنظمات الذي يمر من خلال البنوك الفلسطينية العاملة في الأراضي الفلسطينية.

ردود الفعل

منظمة "بتسيلم" الإسرائيلية الحقوقية، استنكرت قرار غانتس، قائلةً: "إنّه من الواضح أنَّ هذا القرار يهدف لإغلاق هذه المؤسسات"، مُؤكّدةً تضامنها مع هذه المؤسسات، وفخرها بالعمال المشترك مع الفلسطينيين على مدار السنين.

وفي الثاني والعشرين من تشرين الأول العام الماضي، صنفت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، المؤسسات الحقوقية الست ذاتها كـ"منظمات إرهابية"، وفقا لما يُسمى "قانون مكافحة الإرهاب" الذي صدر عام 2016، وذلك بناء على معلومات قدمتها ما تسمى جمعية "مراقب الجمعيات" المعروفة بمواقفها المتشدّدة والمحرضة على المؤسسات الفلسطينية.

من جهته، قال أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية، حسين الشيخ، في تغريده له عبر موقع "توتير": "إنَّ اقتحام قوات الاحتلال مؤسسات العمل المدني وإغلاقها ومصادرة محتوياتها في رام الله تصعيد خطير ومحاولات؛ لإسكات صوت الحق والعدل"، مُردفاً: "سنتوجه إلى كل الجهات الدولية الرسمية ومؤسسات حقوق الإنسان بالتدخل الفوري لإدانة هذه السلوك الاحتلالي والضغط لإعادة فتحها وممارسة نشاطها بحرية كاملة".

بدورها، أكّدت حركة فتح، في بيان لها اليوم الخميس، على أنّه لا يحق لإسرائيل التدخل بعمل هذه المؤسسات التي تعمل وفق القانون الفلسطيني، مشددة على ضرورة تكاثف الجهود الفلسطينية لمواجهة هذا التحدي الذي فرضه الاحتلال الإسرائيلي.

أما شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، فاستنكرت في بيانٍ لها إغلاق المؤسسات السبعة، ورأت أنّه لا يستهدف فقط تلك المؤسسات، وإنّما يندرج في إطار العدوان المفتوح على الشعب الفلسطيني، وهي سياسة مكشوفة هدفها محاولات كسر إرادة العمل الأهلي ومنعه من مواصلة دوره ورسالته تجاه الفئات والشرائح والقطاعات التي يخدمها ويعمل معها.

إعدام لمؤسسات المجتمع المدني

وخلال حديثٍ مع مصدر في مؤسسة الحق- رفض الكشف عن هويته-، أكّد لوكالة "خبر"، على أنَّ "قرار إغلاق المؤسسة تعسفي، ويهدف إلى إعدام مؤسسات المجتمع المدني بما يُخالف القوانين والمعايير الدولية والقانون الدولي بكل أجسامه".

وقال المصدر: "إنَّ القرار الإغلاق يهدف إلى تحييد مؤسسات المجتمع المدني عن الأعمال التي يقوم بها؛ وهذا دليل على أنّنا كمؤسسة نعمل في المسار الصحيح، وأنَّ الأعمال التي نقوم بها مهمة وتكشف وتوثق وتعرض الجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق شعبنا الفلسطيني".

كما شدّد على أنَّ القرار سياسي ويخدم حكومة الاحتلال خلال فترة الانتخابات القادمة المقررو في شهر نوفمبر، وذلك لعدم وجود أيّ دعائم قانونية للقرار؛ الأمر الذي يؤكد أنَّ دولة الاحتلال لا تحترم القانون، ولا تُعير اهتماماً لأيّ جهة سواء كانت محلية أو دولية.

محاربة الوجود الفلسطيني

من جهته، رأى الكاتب والمحلل السياسي، محمد هواش، أنَّ "الاحتلال الإسرائيلي، يسعى لإضعاف الشعب الفلسطيني، ولا يُريد وجود لأيّ  مؤسسة فلسطينية تُعبر عن رواية الشعب الفلسطيني"، مُشدّداً في ذات الوقت على أنَّ الاحتلال يُريد التعامل مع الشعب الفلسطيني كأفراد وليس كشعب.

وأوضح هواش، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر"، أنَّ سياسة التطهير العرفي والمجازر التي يرتكبها الاحتلال في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزّة، خير دليلٍ على الحالة الاستعمارية التي يتعامل بها مع الشعب الفلسطيني ومؤسساته، وليس كدولة لها مؤسسات توثق جرائم الاحتلال التي ترتكب بحق شعبنا.

وبالحديث عن طريقة تعامل القيادة الفلسطينية مع قرار إغلاق المؤسسات الحقوقية في رام الله، العاصمة السياسية للسلطة الفلسطينية، اعتبر هواش، أنَّ "السلطة الفلسطينية من ضمن مؤسسات الشعب الفلسطيني بغض النظر عن الأفراد الذين يتولون زمام القيادة فيها، وأنّها تتعرض كما كل مؤسسات الشعب الفلسطيني للعدوان، وبالتالي عندما تتعرض للعدوان تقوم بالاحتجاج بأشكالٍ مختلفة".

وختم هواش، حديثه بالقول: "يتم الاحتجاج على هذه الإجراءات عبر الطرق الدبلوماسية والسياسية، وأيضاً على مستوى المؤسسات الحقوقية والقانونية الدولية، ومن خلال الاحتجاجات التي تشهدها المدن الفلسطينية"، مُشيراً إلى أنَّ الاشتباكات المسلحة بين جيش الاحتلال والفلسطينيين ليست بعيدة عن السلطة الفلسطينية.