في العام 2000، افتتح في العاصمة المغربية الرباط، مركز "دراسات الأندلس وحوار الحضارات"، كمؤسسة ثقافية دولية، غير حكومية، بمبادرة من الأمير عبد العزيز بن فهد بن عبد العزيز، وبرعاية من العاهل المغربي محمد السادس، ومن العاهل السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز.
ويقف وراء نشأة المركز، الأول من نوعه في العالم العربي، مثقفون من المغرب والسعودية، ويدير المركز حاليا، الأكاديمي والمؤرخ المغربي، الدكتور عبد الواحد أكمير.
وأصدر المركز 14 مؤلفا ورقيا، غالبيتها حول الحضارة الأندلسية العربية الإسلامية، مع منشورات أخرى تشجع ثقافة الحوار بين الشرق والغرب، وأنتج المركز وثائقيين تلفزيونيين، عن الأندلس.
وفي سلة أنشطة المركز، مهرجان التراث الأندلسي، في مدينة "مالاقا" في جنوب إقليم الأندلس.
التعريف بالموروث الثقافي للأندلس
ووفق حديثه للعربية نت، أكد الكاتب المغربي الدكتور عبد الواحد أكمير، أن "الغاية من المركز، هو التعريف بالموروث الحضاري الأندلسي، لدى الرأي العام العربي والإسلامي والعالمي"، مضيفا أن "المركز في سابقة من نوعها، أخرج الموروث الثقافي الأندلسي الإسلامي العربي، من الكتب والندوات الأكاديمية، إلى شوارع مالاقا، في عام 2008"؛ ليكتشف المواطن الإسباني الأندلسي، "تراثا غنيا، يغطي المطبخ واللباس والمسرح والموسيقى، والعطور وحكايات الأطفال".
وشدد الدكتور أكمير في حديثه، على أن "المركز نجح في تصحيح مغالطات تاريخية، ترسبت في الخيال الجماعي الإسباني"، حيال "الاستعمار الإسلامي لإسبانيا"، ليفهم لأول مرة الأندلسيون الإسبان، أن "المرور الحضاري للعرب وللمسلمين هو جزء من التاريخ الإسباني"، وبالتالي "هنالك تاريخ مشترك عربي مغربي إسلامي إسباني".
وتجمع مركز "دراسات الأندلس وحوار الحضارات"، بحسب الدكتور أكمير، "شراكات استراتيجية وعلمية"، مع جامعات ومراكز دراسات إسبانية، من أجل "تصحيح المفاهيم المغلوطة عند الرأي العام الإسباني" ضد المسلمين والعرب.
وفي هذا الإطار الإشعاعي الحصاري للمركز، جرى تنظيم ندوة بداخل بناية قصر الحمراء، في مدينة غرناطة في الأندلس، وكان موضوعها "قصر الحمراء كصرح للحوار الحضاري"، بالتوازي مع تنظيم ندوة حول "حقوق الإنسان في الأندلس.
قريبا.. معرض للتراث الأندلسي
وللمركز "استراتيجية عمل" يسير عليها، ومن تفاصيلها القريبة زمنيا "معرض عن التراث الأندلسي"، في مدينة أوروبية لم تحدد بعد، بالتعاون مع "مؤسسة التراث الأندلسي في إسبانيا" التابعة للحكومة المستقلة في إقليم الأندلس.
وسيصبح قريبا لمركز "دراسات الأندلس وحوار الحضارات"، ملحقة في جامعة غرناطة في إسبانيا، عبر "اتفاقية شراكة"؛ لتقوم بمهمة "تنسيق أنشطة المركز في إسبانيا".
وفي حصيلة المركز، بحسب مديره المغربي الدكتور أكمير؛ تنظيم 5 ندوات علمية في باريس من خلال شراكة مع معهد العالم العربي، سلطت الأضواء على "الإسلاموفوبيا ووضع المسلمين في فرنسا ورؤية الغرب للإسلام".
الربط بين الشمال والجنوب حضارياً
وفي جواب على سؤال للعربية نت، بيّن الدكتور أكمير أن المركز يحمل على عاتقه "مهمة الربط بين تاريخ الأندلس ومستقبل الإسلام تعايشا في أوروبا"، من بوابة "إبراز التعايش التاريخي في الأندلس بين المسلمين والمسيحيين واليهود"، لتقديمه إلى أوروبا اليوم كـ"نموذج قابل للتطبيق، من أجل الانتقال من صدام الحضارات، إلى حوار وتعايش وتقبل بين الديانات السماوية والحضارات البشرية".
وفي كل المناسبات، يجمع مركز "دراسات الأندلس وحوار الحضارات" في نداوته الدولية، على نفس الطاولة أو منصة الخطابة؛ "مثقفين ومفكرين من العيار الثقيل، من ديانات وتوجهات فكرية"، ينتمون إلى العالم العربي والإسلامي، وإلى العالم المسيحي والأوروبي؛ كـ "أسلوب عمل أكاديمي لتلاقح الحضارات أولا، بين المثقفين".
ويتطلع مركز "دراسات الأندلس وحوار الحضارات"، إلى أن يصبح "بنك معطيات ومنصات رقمية"، تتوفر على "أكبر عدد ممكن من الكتب والوثائق التاريخي والمخطوطات النادرة، عن تاريخ الأندلس"، ولتحقيق هذا الهدف، "جارية هي الاتصالات حالياً، بين المركز ومؤسسات مغربية وإسبانية"، للحصول على "الحقوق القانونية لنسخ رقمية لمخطوطات نادرة ولكتب نفيسة، بالعربية وبالإسبانية"، في أفق "إتاحتها للعموم عبر موقع المركز على الإنترنت".