الجزء الأول
السردية ادناه ، هي مقتطفات من خطابات وكلمات للحكيم في سبعينيات القرن الماضي ، وهي ترجمات سلسة بعيداً عن اللغة النظرية التي اوجبها النص السابق. وللمضامين لغتها وسبل وصولها. ومعروف عن الحكيم انه خطيب مفّوه وما اسوقه هو مجرد مقتطفات لا اكثر .
في الذكرى ال 31 لاغتصاب فلسطين 15/ أيار
( في هذه الذكرى المريرة أؤكد لكم اننا في الثورة الفلسطينية ، رغم كل الإخفاقات والالام والتضحيات والعذابات التي قدمتها جماهير شعبنا الفلسطيني ورغم الصعوبات التي نتجت عن خيانة السادات التي نقلت النظام المصري الى التحالف مع العدو الصهيوني – الامبريالي، رغم الامراض والآفات التي تنخر جسم المقاومة الفلسطينية .. واستناداً الى عدالة قضيتنا، استناداً الى البندقيه الفلسطينية التي ما زالت مرفوعه رغم كل الضربات ، واستناداً الى استعدادات الجماهير وطاقاتها النضالية العظيمة ... استناداً الى طبيعة العصر، عصر انتصار الشعوب، واستناداً الى جماهير امتنا العربية وقواها الوطنية والتقدمية وقوى التحرر والاشتراكية في العالم استنادا لكل ذلك سيستمر الكفاح الى ان يرتفع علم الحرية على بيسان ، على حيفا ، على الرملة ، على اللد ، على القدس وكل شبر من أرض فلسطين ....
قيمة هذه المناسبة ان نقف امام مسيرة نضالنا الماضية ، نستخرج دروسها ان نقف لنرى بوضوح طبيعة المرحلة ... ونحدد المهمات الملقاة على عاتقنا جميعا، على عاتق المواطن الفلسطيني والجماهير الفلسطينية ، المواطن العربي والجماهير العربية ...
لا نلتقي بكم لنأخذ من وقت كل واحد منكم ساعتين او ثلاث ساعات او لمجرد الكلام والخطابات ... بل لنستخلص الدروس وجعلها عميقة في الوعي وفي القلوب لكي تشكل الدليل المرشد ...بدأنا نواجه بداية الغزوة الصهيونية منذ عام 1882 تاريخ انشاء اول مستعمرة صهيونية على الأرض الفلسطينية ... جاء حزب الاستقلال في بداية الثلاثينات ليقول ان الاستعمار البريطاني منذ القرن السابع عشر يحتاج لقاعدة لتحقيق مصالحة وضرب حركة الجماهير ... هذا الدرس أساسي جداً ... في السبعينات خرجت نغمة تقول ان 99% من أوراق الحل بأيدي أمريكا ... ونسمع عن تحييد أمريكا وكسب أمريكا ... هذا الكلام معناه ان ليس هناك وعي علمي تاريخي للعلاقة العضوية بين الصهيونية والامبريالية ... علينا ان ندرك ان المعركة ضد الصهيونية وإسرائيل هي في الوقت نفسه ضد رأس الافعى ، ضد الامبريالية الامريكية – لنعد انفسنا لمواجهة الامبريالية الامريكية التي تقود التأمر على ثورتنا وانظمتنا الوطنية وقوانا التحررية ، على جماهيرنا ولمن يقول الله اكبر ...
عندما نبدأ مسيرة جديدة بخط سياسي سليم ، علمي مدروس مستمد من التجارب خاضع للحوار الديموقراطي الجماهيري فإننا ننتصر كما انتصر الشعب الفيتنامي البطل ...
حمل عام 1939 درسا نظريا سياسيا هاما كبيراً ... اجتمع السلاطين والشيوخ والامراء العرب في لندن ووجهوا رسالة للقيادة الفلسطينية ( لقد وعدتنا صديقتنا بريطانيا بأن تنظر بعين العطف للمطالب الفلسطينية ... اخلدوا للسكينة ...
ان الرجعية العربية تلعب دوراً تآمريا خفياً احياناً ومفضوحا أحيان أخرى .. هذا دور الرجعية في عام 1936 وهذا دور ها اليوم ...
قد لا يسمح الوقت في استعراض تفصيلي لهذه المسيره الغنية بالدروس.. حسبنا الإشارة لعام 1948، عام الاعداد لمواجهة قرار التقسيم والمؤامرة الصهيونية على الوطن الفلسطيني ... دخلت الجيوش العربية السبعة لتحرير فلسطين ولكي تمنع إقامة دولة صهيونية ... الدرس الكبير ان أي اسناد عربي لا يجب ان ينوب عن الدور النضالي الفلسطيني، وان أي اسناد عربي يجب ان يكون اسناداً للدور الفلسطيني التحرري المترابط مع الدور القومي .
وقد حملت هزيمة عام 1967 درساً أساسيا أيضا يتعلق بتصحيح الخط العسكري ... لا يمكن ان نهزم الدولة الصهيونية المتفوقة تكنولوجيا والمسنودة بالتفوق التكنولوجي الأمريكي بحرب تقليديه سريعة تستمر يومين او ثلاثة ... سيأتي الجسر الجوي الأمريكي ليعيد ميزان القوى في مصلحة العدو الصهيوني ... حرب الشعب طويلة الأمد هي سلاحنا باسناد من الجماهير العربية المعبأة والمسلحة والمدربة لتحرير فلسطين ... امامنا عشرات السنوات من التعب والنضال الجاد ...
ومرحلة 1973 حملت درساً هاما جديداً .... ارتفعت نغمة تقول بالتعايش مع الصهيونية واننا سنربح المعركة بالسلم وليس الحرب ... هذا الكلام تستر وراءه السادات واتخذ منه غطاء الى ان انحرف وخان القضية ....
لنبدأ من خط سياسي وخط عسكري سليم ... لا تعايش مع الصهيونية ... هذا الوجود الصهيوني هو النقيض لكل وجود عربي تقدمي وشريف ....
ثمة صلات بين بعض الحكام العرب والعدو الصهيوني ... لكن الرئيس السادات يستسلم وبشكل علني وسافر وينتقل الى موقع التحالف مع الامبريالية ... ويهمني ان أؤكد ان هذا التحالف الجديد، التحالف الامبريالي – الساداتي – الصهيوني هو تحالف هجومي وهو لا يزال في بدايته ، هناك مخططات مرتبه للثورة الفلسطينية وللحركة الوطنية اللبنانية وللنظام في سوريا ، للعراق ،لدول الصمود والتصدي ، لكل شيءاسمه وطني ، لكل حزب يرفض المخطط بقيادة كارتر – بيغن – السادات .
اما عن كيفية المواجهة – مهمات على صعيد فلسطيني ... مهمات على صعيد عربي ... ومهمات على المستوى العالمي..
مقتطف من خطاب 9/3/79 في ذكرى يوم الشهداء
في اذار 1973 استشهد رفيق من رفاقنا ، بطل من ابطال الثورة الفلسطينية هو غيفارا غزة ( محمد الأسود) عضو المكتب السياسي .. لقد مثل تجربة فذة على الصعيد التنظيمي والجماهيري والعسكري ... تخليدا لذكراه وذكرى الرفيقين اللذين استشهدا معه ( الحايك والعمصي) تكريما للبطولة والصلابة وروح الابداع ... اننا نحيي في هذا اليوم ذكراك يا رفيقنا غسان وذكراك يا رفيقنا أبا أمل ذكراك يا أبا هاني ( وديع حداد) يا باسل الكبيسي، يا خالدأبو عيشة شهيد الجبهة الأول ... ذكرى شهيدتنا شادية أبو غزالة ... ذكرى محمد اليماني، سمير البيطار، أبو طلعت أبو منصور ... ذكرى كل شهداء الثورة الفلسطينية من مختلف الفصائل الذين استشهدوا دفاعا عن حقنا المقدس في فلسطين وقضيتنا العادلة ومن الواجب ان نقف في هذه المناسبة لنحيي كافة شهداء الثورة العربية ، شهداء الثورة العمانية، شهداء الثورة الوطنية الديمقراطية في اليمن، شهداء انتفاضة 18 و19 من أبناء شعبنا العربي المصري البطل ، شهداء الصحراء الذين يرفعون السلاح في وجه النظام الرجعي في المغرب....
( ان الثورة الإيرانية وما حصل في ايران كبير جداً ، زعزع أسس الاستراتيجية الامبريالية في الشرق الأوسط.. ان ما حدث في ايران يستحق منا التفكير الطويل والتأمل لاستخراج الدروس الأساسية واستخراج المهمات التي تقع على كاهلنا .. هناك درسان اساسيان ...) ومنهما الى كيفية الرد على زيارة كارتر للمنطقة ، والمطالبة بسياسة نفطية جديدة .... وندعو لاجتماع فوري لجبهة الصمود والتصدي ... لقد قررت الدورة الرابعة عشرة برنامجا وطنيا – تنظيميا نصوصه واضحة ... علينا ان نحترم النصوص ونحترم الكلمة ... ومن يضرب بعرض الحائط بهذا البرنامج فهذا لا يدل على شعور حقيقي مسؤول إزاء الثورة الفلسطينية ... الثورة لنا جميعا ، لكل الفصائل لكل الجماهير ... اننا نعاني منذ فترة طويلة في الساحة الفلسطينية من فردية خاطئة في اتخاذ القرار .. اننا نطالب باتخاذ سياسة جذرية حيال الرجعية والامبريالية ... سنواصل النضال لمواجهة هجمة كامب ديفيد .. ونعلن اننا مع شعب فيتنام البطل الذي هزم العدوان الامبريالي الأمريكي .
في الختام نتقدم بأعمق آيات الاحترام الصادق واصدق آيات التضامن الكفاحي ... لرفاقنا في الحركة الوطنية اللبنانية في ذكرى استشهاد القائد البطل المعلم كمال جنبلاط؛ في يوم الشهيد ليطمئن آباء وامهات واخوة وزوجات الشهداء سنبقى أوفياء لدماء وارواح الشهداء .
من خطاب في يوم الأرض / 1979
في مثل هذا اليوم من عام 1976 انتفضت جماهيرنا الفلسطينية على ارض الجليل دفاعا عن الأرض.. سقط شهداء تكريما لهم وللمعاني الثورية وسيل الدماء نقيم هذا المهرجان .
في هذا اليوم نقسم بشرف الأرض، نقسم بكل المقدسات إننا سنبقى في خندق واحد لتحرير فلسطين تحريراً كاملا. وفي وجه التيارات العديدة التي تتهم هذا الموقف بالرومانسية وبأنه موقف خيالي ... أن موقفنا هذا مسؤول ويستند إلى قراءة دقيقة للطاقات الفلسطينية والعربية والعالمية .
لقد شكل الكيان الصهيوني قاعدة للامبريالية ... شعبنا تعرض لسلسة طويلة من العذابات والاضطهادات ، والمذابح .. وها هو في كل بقعة من الأرض الفلسطينية يقف ويعلن انه سيبقى يناضل حتى تحرير فلسطين. إضافة لذلك هناك الإمكانات التي تزخر بها جماهير امتنا العربية .. تأملوا طاقات الوطن العربي ، موقعه الستراتيجي ، الممرات الدولية الأساسية ، الطاقات البشرية ، الثروات النفطية ...
تأملوا الوضع العالمي ... إنني لا اقلل من قوة الامبريالية والأمريكية بشكل خاص ... لكنها لم تعد كما كانت قبل عشر أو عشرين سنة .. فأكثر من عشر دول تحررت رغم انف الامبريالية . . انغولا، موزانبيق ، إيران ... وعلى رأس هذه الانتصارات انتصار الشعب الفيتنامي البطل .
إننا في الوقت الذي ننادي فيه لتدمير الكيان نرفع شعارا الدولة الديمقراطية لكل من يسكن الأرض الفلسطينية.
أننا نرفض حذف أي حرف من ميثاقنا الوطني الفلسطيني ونربط بين الهدف المرحلي والهدف الاستراتيجي للثورة الفلسطينية .
أن أية مكاسب جزئية في الرأي العام العالمي إنما تتحقق بفضل البندقية الفلسطينية وآلاف الشهداء .. إننا نعرف ما يحاك لنا من مؤامرات في بعض العواصم العربية وما ينصب من فخاخ سياسية... يجب التمييز بين معسكر الأصدقاء ومعسكر الأعداء.. تجربتنا الحسية التاريخية وفي هذه اللحظة دلت بوضوح أن أجنبي صديق هو أفضل من رؤوس بعض القادة العرب كفلسطينيين ووطنيين لبنانيين وتقدميين عرب علينا أن نلعب دوراً في الساحة العربية، وهذا يستوجب ثلاث مهمات ( فضح وتعرية يوميه للأنظمة العربية الرجعية / ... / الضغط على الأنظمة العربية الوطنية لكي تمارس برامجها الوطنية كما ترد في أدبياتها... نسج علاقات مع الذين رفعوا العلم الفلسطيني في القاهرة رداً على رفع العلم الإسرائيلي وكامب ديفيد ..).
مرّ عام على اتفاقيات كامب ديفيد ..نحن نعرف إنها استهدفت بشكل جاد تصفية القضية الفلسطينية وإبادة البندقية الفلسطينية . أن العدو الامبريالي الصهيوني والرجعي لو استطاع تحقيق هذه الأهداف لما تأخر في تنفيذها ... أرادوا القول لقد امسكنا بالسادات وجررناه للتعاون معنا ..... ومخططهم في لبنان اتخذ شكلا عسكريا لإبادة البندقية الفلسطينية ...
سوف تستمر الامبريالية في تنفيذ مخططاتها وهي تقول أن على أمريكا أن تتحرر من عقدة فيتنام ... هجمة كبيرة تشنها اليوم على إيران .. نحن هنا نعلن تضامنا مع الأمام الخميني ، مع الإسلام الثوري ، الإسلام المعادي للامبريالية والصهيونية وننادي بتعميق التلاحم بين كافة القوى المعادية للامبريالية والصهيونية .. لن تخيفنا أمريكا بعد اليوم ... لقد مرَغ الشعب الفيتنامي انفها في التراب ... الشعوب الثورية التي تقاتل بخط سياسي سليم وخط عسكري سليم تستطيع أن تتغلب على المخططات الامبريالية ... نحن لا زلنا نعيش مرحلة كامب ديفيد ومؤامرات الحكم الذاتي ... وتحالفاتنا قائمة على هذا الأساس.... على الثورة الفلسطينية أن تمتد في لبنان والأردن والتجمع الفلسطيني في سوريا، كلها ينبغي أن تحمل السلاح.. وتعزيز علاقاتنا مع الجماهير العربية وحركة التحرر الوطني العربي ...
بعد انهيار نظام الشاه أتى كارتر وراح ينتقل عشرة أيام بين القاهرة وتل أبيب لإقامة معاهدة الصلح الخيانة .. نحن نطالب بمقاطعة جادة دبلوماسية وسياسية وعسكرية واقتصادية ونفطية... علينا تعميق تحالفنا المبدئي مع قوى التقدم ، مع البلدان الاشتراكية . المناهضة للامبريالية .
لا انتصار ضد الامبريالية إلا من خلال تحالف جبهوي حقيقي ومصيري مع هذه القوى ...