كشفت صحيفة " هارتس" العبرية، اليوم الأربعاء، أنَّ رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي يائير لابيد، سيُجري تقييماً موسعاً، يوم غدٍ الخميس، مع رؤساء المؤسسة الأمنية، حول ما أسمته "دراسة اتخاذ سلسلة من الإجراءات التي تهدف إلى مساعدة السلطة الفلسطينية وتعزيز قوتها في ظل تآكل حضورها وموقفها".
تعزيز السلطة أم إضعافها؟
وبحسب صحيفة " هارتس" فإنَّ المشكلة الداخلية تنبع من حقيقة أنّ السلطة الفلسطينية تُعاني من الضعف في شمال الضفة الغربية وخاصة جنين ونابلس، وأنَّ سبب الوضع الحالي هو إضعاف الرئيس الفلسطيني محمود عباس والخلاف على من يورثه، إلى جانب التآكل الطبيعي في عمل الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وكلاهما يؤدي إلى فقدان السيطرة على الأرض.
وأشارت الصحيفة، وفق مصدر أمني "إسرائيلي"، إلى وجود العديد من المناقشات الإسرائيلية حول كيفية مساعدة السلطة على إعادة الاستقرار، مُضيفةً: "هناك أفكار لكن ليس من المؤكد مدى تأثيرها، ومع ذلك ستكون هناك محاولات بكل الطرق والوسائل للمساعدة".
وتابع المصدر الإسرائيلي: "من بين تلك المناقشات، يجري فحص تعميق المساعدة الاقتصادية لرام الله، وهي الأداة الرئيسية التي تستخدمها حكومة الاحتلال الحالية، من خلال زيادة حصص العمال وتدفق المساعدات المالية من مصادر مختلفة لصالح السلطة".
وخلال المناقشات التي جرت حول هذا الموضوع في الأسابيع الأخيرة، تم تقديم سلسلة من المقترحات للمساعدة في تعزيز السلطة، ومع ذلك - وفقًا لمصادر سياسية إسرائيلية - واجه المشاركون في هذه المناقشات المختلفة صعوبة في تحديد ما إذا كان للمقترحات تأثير حقيقي على أرض الواقع، حيث ىسيتم طرح القضية على نطاق واسع في المناقشة التي ستُعقد غدًا.
قوة السلطة.. كذبة كبرى؟ لماذا؟
الخبير في الشأن الإٍسرائيلي من رام الله، عليان الهندي، رأى أنَّ "ما تُروج له الصحافة الإسرائيلية عن تعزيز مكانة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية عبارة عن كذبة كبير"، مُتسائلاً: "كيف يُمكن الحديث عن تعزيز مكانة وقوة السلطة في الضفة في الوقت تتم مصادرة أموالها بمليارات الشواقل سنويًا؟".
وقال الهندي، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "من يريد تعزيز مكانة السلطة لا يقوم بمصادرة أموالها، ولا يقوم باقتحام القرى والمدن بمبرر وبدون مبرر، ولا يُمرر عمليات القتل بالشكل الحالي".
وأضاف: "إنَّ دولة الاحتلال تسعى إلى إضعاف السلطة بطريقة تدفعها نحو الأحضان الإسرائيلية بشكلٍ نهائي؛ وبالتالي الحديث عن تعزيز قوة السلطة أصبح "بضاعة قديمة"، وهي مشابهة تماماً للحديث عن إنعاش اقتصاد غزّة"، مُستدركاً: "إذا أرادت إسرائيل التقدم بهذا الموضوع وتحسين الوضع الاقتصادي للفلسطينيين في الضفة أو غزّة، فسيكون لشعبنا مطالب أخرى؛ وبالتالي ستواجه مطالب أخرى وهي ليس لديها أيّ استعداد لمواجهة تلك المطالب".
وأوضح أنَّ الحديث عن تحسين الأوضاع الاقتصادية للفلسطينيين، وعقاب المناطق التي يخرج منها عمليات فدائية، عبارة تُسمع مُنذ العام 1967 حتى يومنا هذا، وبالتالي باتت أكذوبة التحسين الاقتصادي "مفضوحة ومملة بالنسبة للفلسطينيين".
وبيّن أنَّ الكثير من الفلسطينيين يتساءلون عن الكيفية التي سيتم بموجبها تعزيز السلطة، بينما يقوم الاحتلال بإضعافها وإشغالها عن الموضوع السياسي، وأيضاً يقوم بإشغال غزّة بالمواضيع الاقتصادية عن السياسية.
تغيير الاستراتيجية الوطنية
وبالحديث عن طبيعة القرارات المتوقع أنّ تصدر غدًا من المؤسسة الأمنية "الإسرائيلية"، قال الهندي: "إنَّ الكثير من القرارات التي تم اتخاذها سابقاً وأدت إلى حالة زيادة ضعف السلطة"؛ مُستدركاً: "الفلسطينيون ليسوا بحاجة إلى تحسين اقتصادي أو إدخال المزيد من العمال إلى إسرائيل، بل بحاجة للحرية التي لا تأتي إلا بتضحيات كبيرة وبالمقاومة والضغط على الاحتلال للمحافظة على الكيان الوطني وتشكيل تهديد للاحتلال".
ولفت إلى أنَّ فكرة "السلام الاقتصادي" مبنية على بناء مستوطنات وعمل الفلسطينيين فيها؛ وبالتالي هدف الموضوع -الحديث عن تعزيز مكانة السلطة- إرضاء للولايات المتحدة الأمريكية وليس أكثر؛ لكِن من ناحية عملية لا يشعر الفلسطينيين بأيّ تحسين اقتصادي؛ مُبيّناً أنَّ السلطة تشعر بكثير من الضغط والإهانة في ظل الوضع الحالي.
وأردف: "بقاء الأمور على الوضع الحالي في الضفة، ربما يدفع بالأمور نحو الانهيار الكامل ليس فقط للسلطة بل لكل الحياة السياسية الفلسطينية القائمة على عنصر المفاوضات والمقاومة؛ لأنَّ الاثنين وجهان لعملة واحدة، وبالتالي فإنَّ انهيار الأمور يعني بدء مرحلة جديدة للشعب الفلسطيني.
أما عن كيفية ذهاب دولة الاحتلال إلى استبدال السلطة بنموذج "الإدارة المدينة" في ظل السعي الإسرائيلي لإضعافها، قال: "إنَّ الإدارة المدنية موجودة ولم تنحل وهى الحاكم الفعلي للضفة، وتُحاول إضعاف السلطة بطريقة وشكل يدفعها لعدم الحديث بالشؤون السياسية والوطنية".
وأكمل: "إنَّ إسرائيل تبحث عن طريقة في الضفة الغربية تكون شبيهة بقطاع غزة لبحث القضايا الاقتصادية؛ وإضعاف القضية الوطنية والحديث عنها عبر الإعلام فقط".
وبسؤاله عن المطلوب من السلطة الفلسطينية للتصدي للمخطط الاحتلالي القائم على إضعاف القضية الوطنية لصالح القضايا الاقتصادية، أوضح الهندي، أنَّ "العالم تغير إما باتجاه السلب أو الإيجاب، ما عدا الشعب الفلسطيني الذي لا زال مُتمسكًا بمعيارين تبيّن فشلهما سواء بالمقاومة أو المفاوضات بشكلهما الحالي.
وختم عليان حديثه، بالقول: "إنَّ المطلوب من الشعب الفلسطيني هو تبني برامج تُخفف الأضرار وتُحافظ على الهوية الوطنية، بأنّ يكون لها دور في المقاومة بما في ذلك المُسلحة، بحيث تتم المقاومة بطريقة تُقلل الأضرار حتى يشاء الله أمراً كان مفعولاً".