في لحظة يكون فيها النووي الإيراني، والإرهاب في السامرة، والجرائم في الوسط العربي، وانعدام الاستقرار السياسي، وغلاء المعيشة والاكتظاظ الذي لا ينتهي في الطرقات… أموراً تضعضع حياتنا اليومية، تتعاظم اللاسامية في العالم الكبير إلى حجوم مقلقة تخلف إحساساً عسيراً. ففي الأسبوع الماضي، تلقينا من هنغاريا تذكيراً مقلقاً عن تلك اللاسامية المتصاعدة، عقب عدد من الأحداث السامية كرش الصليب المعقوف على مدخل كنيس في بودابست وإلى جانبه يافطة كتب عليها “الموت لليهود”.
على حد قول رجال السفارة وممثلي الجالية اليهودية في بودابست، فإن موجة اللاسامية هذه التي تجتاح هنغاريا تنبع من الخطاب التحريضي لرئيس الوزراء الهنغاري فيكتور أوربان، الذي كانت فيه نازية واضحة، وسيطر في أعقابه قراصنة هنغاريون على جهاز الإعلان للقطار في بودابست وأطلقوا عبره تحريضات قاسية ضد اليهود.
هنغاريا ليست وحيدة: فاليونان التي تعد دولة صديقة لإسرائيل هي إحدى الدول اللاسامية في أوروبا، والتي عينت فيها مؤخراً نائبة في المحكمة العليا مرينتي فغوتالي، التي أدارت مدونة خاصة كتبت فيها: “اليهود ملاعين، ليت هتلر محاهم تماماً” وغيرها.
في نيسان الماضي، نشرت جامعة تل أبيب بواسطة مركز بحوث يهودية في كلية العلوم الإنسانية استطلاعاً شاملاً عن وضع اللاسامية في أرجاء العالم، يبين أن ارتفاعاً حاداً طرأ في الأحداث اللاسامية في كل العالم رغم المقدرات العديدة المستثمرة في السنوات الأخيرة للتصدي للظاهرة المتعاظمة. من الاستطلاع إياه يمكن أن نتعرف على أن ارتفاعاً دراماتيكياً على نحو خاص في اللاسامية سجل في الولايات المتحدة، وفرنسا، وكندا، وبريطانيا، وألمانيا وأستراليا. اللاسامية لا تتوقف للحظة. وتتعاظم في العالم كله يوم إلى يوم.
إن الاستطلاع العالمي الأول لقياس شدة اللاسامية أجرته العصبة اليهودية ضد التشهير في العام 2013 وتواصل على مدى ثمانية أشهر في أوساط 53 ألف شخص راشد في كل المعمورة، في 102 دولة. يتبين من هذا الاستطلاع أن 26 في المئة من الراشدين في الكرة الأرضية هم ذوو آراء لاسامية، فيما أن المكان المصاب على نحو أكبر باللاسامية هو الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. بالمقابل، المكان الأقل لاسامية نجده في المحيط المتجمد الشمالي وفي أمريكا، فيما أن الدولة غير العربية الأكثر لاسامية هي تركيا.
بدلاً من أن نخلق وحدة في دولة إسرائيل، وتداخل قوى وقوة يهودية موحدة في وجه الكراهية والتهديدات واللاساميات هذه، فإن الكراهية الداخلية تتزايد مثل اللاسامية هنا على الأقل. فكيف إذاً سنتصدى لهذه الكراهية الخارجية مع مثل هذه الكراهية الداخلية؟ لأسفنا، لا يوجد اليوم في هذا الشعب زعيم ذو قامة يمكنه أن يعطي جواباً على هذا السؤال.
معاريف
هارتس : لماذا قرر أردوغان ترميم العلاقات مع إسرائيل؟
19 اغسطس 2022