إسرائيل تسجّل رقماً قياسياً في قتل الفلسطينيين منذ سبع سنوات

حجم الخط

بقلم: هاجر شيزاف

 

حتى قبل انتهائها أصبحت سنة 2022 هي السنة التي قتل فيها أكبر عدد من الفلسطينيين في السنوات السبع الأخيرة. حتى أول من أمس، قتل 81 فلسطينيا في الضفة الغربية منذ بداية السنة، 78 منهم بنيران قوات الأمن، و3 بنيران مواطنين إسرائيليين في ظروف مختلفة، وفلسطيني قتل، حسب أقوال الفلسطينيين، بنيران الجيش الإسرائيلي في حين يدعي الجيش أنه أصيب بنيران فلسطينية. هذا هو الرقم الأعلى للقتلى الفلسطينيين في الضفة منذ العام 2015، حيث قتل في حينه 99 فلسطينياً خلال السنة.
31 من القتلى في السنة الحالية هم من منطقة جنين، حيث تقوم إسرائيل هناك بعمليات اعتقال في كل ليلة في إطار عملية "كاسر الأمواج"، والتي بدأت في أعقاب سلسلة عمليات إطلاق النار داخل حدود الخط الأخضر في نهاية آذار الماضي، وكان 17 منهم في مدينة نابلس التي هي إحدى المدن الرئيسة في الضفة الغربية والقريبة من مستوطنات كثيرة. في إسرائيل يلاحظون ضعفا متواصلا في سيطرة السلطة الفلسطينية على ما يحدث في المدينة، ويزداد الاحتكاك بين قوات الأمن الإسرائيلية والسكان فيها.
حسب بيانات الجيش الإسرائيلي فإنه منذ بداية السنة حدثت 140 حادثة إطلاق نار ضد قوات الجيش الإسرائيلي ومواطنين إسرائيليين في الضفة، بينما حدثت في السنة الماضية 61 حادثة إطلاق نار، وهو رقم بحد ذاته يشكل ضعف الرقم من السنة الماضية. إضافة إلى ذلك قاموا في الجيش الإسرائيلي بإحصاء 258 حالة إلقاء عبوات ناسفة على جنود ومواطنين إسرائيليين منذ بداية السنة. ومنذ بداية العام 2022 قتل إسرائيليان في الضفة، من بينهما مواطن أطلقت النار عليه وقتل في "ارئيل" وجندي من وحدة "اليمام" قتل في نشاط عملياتي في جنين. في هذه الفترة قتل 18 إسرائيليا في عمليات "إرهابية" داخل الخط الأخضر.
العدد الكبير من القتلى الفلسطينيين يفسرونه في الجيش بالارتفاع في استخدام إطلاق النار ضد الجنود في حالات عمليات الاعتقال في الضفة، وعمليات حماية روتينية ودخول إلى قبر يوسف. في نابلس، مثلاً، نشأ مؤخرا تنظيم جديد باسم "عرين الأسود"، وهو يضم في صفوفه شبابا من تنظيمات فلسطينية مختلفة يشاركون في إطلاق النار على قوات الجيش الإسرائيلي.
أحد الـ 78 فلسطيني، الذين قتلوا بنيران قوات الأمن، هو محمد سباعنة (29 سنة)، حيث أطلقت النار عليه وقتل، الأسبوع الماضي، أثناء توثيقه مواجهات بين الفلسطينيين والجنود في جنين ببث حي على "تيك توك". شاهد آلاف الأشخاص البث، وردوا في الوقت الحقيقي عندما أُصيب سباعنة. "أصيب صاحب البث"، كتب شخص. اندلعت المواجهات عندما هدمت قوات الجيش بيت "المخرب"، الذي نفذ العملية في شارع ديزنغوف في تل أبيب في نيسان الماضي، رعد خازم. حسب الجيش الإسرائيلي، حدثت خلال النشاطات مواجهات عنيفة تضمنت إطلاقا كثيفا للنار على الجنود،  الذين قاموا بالرد بالنيران.
حسب أقوال عائلة سباعنة، لم يكن مشاركا في المواجهات، بل قام فقط بتوثيقها. وقالت والدة سباعنة للصحيفة، إن ابنها تعود على تصوير الكثير مما يحدث في حياته وتنزيله في "تيك توك". "كان يصور لقاءات مع أصدقاء. كان يصور كل شيء"، قالت. في الليلة التي أُطلقت النار فيها عليه كانوا يجلسون معا في البيت. وقال لها ابنها، إنه ذاهب ليشاهد ما يحدث في الخارج. قالوا في الجيش، إن "الادعاء بشأن ظروف موت سباعنة يجري فحصه".
في تموز، حدث حادث استثنائي آخر قتل فيه بنيران الجيش الإسرائيلي حسين قواريق (59 سنة) من قرية عورتا، كان يعاني من مشكلات نفسية. أطلقت النار على قواريق على يد جندي عندما اقترب من موقع عسكري قرب نابلس دون أن يشكل أي تهديد على هذه القوة. احتجز الجيش الإسرائيلي جثمانه أسبوعاً قبل إعادته إلى عائلته.
قتيل آخر في الفترة الأخيرة هو يزن عفانة (27 سنة)، الذي قتل في البيرة، واستكمل الجيش الإسرائيلي، مؤخرا، التحقيق في شأنه. حسب التحقيق العسكري فإن الجنود الذين عملوا في المنطقة في الوقت الذي قتل فيه عفانة لم يطلقوا النار الحية، بل استخدموا الرصاص المطاطي. ولكن إطلاق الرصاص المطاطي تسبب في عدة حالات بالموت في السابق.
حادث آخر من غير الواضح فيه هوية مطلق النار هو قتل صلاح صوافطة (58 سنة)، الذي أطلقت النار عليه وقتلته أثناء عودته من صلاة الفجر في مسجد قرية طوباس التي يعيش فيها والتي تقع قرب نابلس. في الجيش الإسرائيلي استكملوا، مؤخراً، التحقيق في هذا الموضوع، حيث تقرر أن صوافطة قتل، باحتمالية كبيرة، بنيران مسلحين فلسطينيين. في الجيش قالوا للصحيفة، إن البحث أظهر أن القناصة الذين عملوا في القرية غادروا أماكنهم قبل إطلاق النار على صوافطة، وأن السيارات العسكرية التي شاركت في النشاطات بدأت في المغادرة. وورد أيضا أنه توجد لدى الجيش صورة جوية تظهر أن القوات لم تكن موجودة في الساحة في الوقت الذي تم فيه تلقي تقرير عن إطلاق النار. ولكنهم في الجيش رفضوا إعطاءها للصحيفة بذريعة الحفاظ على أمن المعلومات.
أبلغ شهود عيان بأن صوافطة قتل قرب فرن اقترب منه من أجل الاختباء من النيران. وقال عامل في المخبز لوسائل الإعلام الفلسطينية، إن "صوافطة اقترب من المخبز للاختباء لأنه كانت هناك كمية هستيرية من الرصاص. كان هناك قناص على البناية المقابلة، وعندما أدخل قدمه من اجل الاختباء هنا أطلق النار عليه".
إلى جانب القتلى بنيران قوات الأمن فإنه منذ بداية السنة قتل ثلاثة فلسطينيين على يد إسرائيليين، من بينهم علي حرب الذي تم طعنه حتى الموت في حزيران الماضي قرب "ارئيل". في الشهر الماضي، قررت النيابة العامة إغلاق الملف بذريعة أنه لا يمكن نفي ادعاء من قام بالطعن بأنه عمل دفاعا عن نفسه. وهناك ثلاثة فلسطينيين آخرين أُطلقت النار عليهم وقتلوا في هذه السنة بعد تنفيذهم عمليات داخل حدود إسرائيل.
إياد حداد، باحث "بتسيلم" في منطقة رام الله، قال، إن ارتفاع عدد القتلى يجب أن ننسبه قبل أي شيء إلى ازدياد اقتحامات الجيش الإسرائيلي في أرجاء الضفة. "هناك اقتحامات اكثر بصورة كبيرة في مناطق (أ). ولا يمر أي يوم دون تقارير عن اقتحامات للجيش لمدن فلسطينية"، قال حداد. وحسب قوله، هناك ارتفاع في عدد حالات إطلاق النار من قبل الجيش على الفلسطينيين، وأيضا في المواجهات بين الشباب والجنود على مداخل المدن والقرى. وأضاف حداد، إن الجيش تعود على استخدام وسائل غير قاتلة مثل الرصاص المطاطي بصورة يمكن أن تتسبب بالموت.
في الأسبوع الماضي، نشرت نتائج تحقيق أجراه الجيش حول إطلاق النار على الصحافية شيرين أبو عاقلة في جنين في أيار الماضي. وجد التحقيق أن هناك احتمالية عالية بأنها أُصيبت على يد أحد الجنود. ولكن في الجيش قالوا، إنه لم يتم العثور على إشكالية في أوامر فتح النار أو انحراف في تطبيقها في هذه الحالة. في أعقاب نشر التحقيق، قال نائب المتحدث بلسان وزارة الخارجية الأميركية، فيدنت بتال، إن الولايات المتحدة ستضغط على إسرائيل من اجل إعادة النظر في أوامر فتح النار.
رد رئيس الحكومة، يائير لابيد، عليه وقال، إنه "لا أحد يمكنه أن يملي علينا أوامر فتح النار في الوقت الذي نحارب فيه على حياتنا. ندعم بشكل كامل جنودنا، الحكومة والشعب". منذ بدء عملية "كاسر الأمواج" فإن الفترة الأطول التي لم يقتل فيها فلسطينيون كانت حول زيارة الرئيس الأميركي إلى إسرائيل. "في حينه لم تحدث أي أحداث قُتل فيها فلسطينيون طوال 18 يوما، بعد أن ضغط الأميركيون على إسرائيل من اجل خفض اللهب أثناء الزيارة".

عن "هآرتس"