هل يحرّك الانقسام المصوتين العرب إلى صناديق الاقتراع؟

جاكي-خوري.jpeg
حجم الخط

بقلم: جاكي خوري


يعيد حل القائمة المشتركة إلى جدول الأعمال التحدي الرئيسي الذي تواجهه الأحزاب العربية في إسرائيل: كيف تحصل على ثقة الجمهور وتزيد تمثيل المجتمع العربي في الكنيست إزاء الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات التي تزداد مع كل حملة انتخابية؟
في العقدين الأخيرين، انقسمت الأحزاب العربية إلى ثلاثة تيارات رئيسة: الشيوعي الذي تمثله «حداش»، والإسلامي الذي تمثله «راعم»، وتيار ثالث وطني تمثله «تاعل» و»بلد»، نجح على الأغلب في الدخول إلى الكنيست بفضل الارتباط مع قائمة أخرى. في كل هذه السنين حتى لم ينجح حزب جديد في أن يرفع رأسه، رغم الأحاديث التي تكررت عن إقامة شراكة يهودية – عربية أخرى.
انقسمت معظم أصوات الجمهور العربي بين هذه القوائم الثلاث العربية، حيث يتواصل تراجع تصويت المواطنين العرب لأحزاب صهيونية. قبل كل جولة انتخابية تعود الدعوة إلى الوحدة ودمج القوى، لكن كان من الواضح للجميع أن الأمر يتعلق بحلم طوباوي. التغيير الدراماتيكي الذي بدأ في العام 2015 عند تأسيس القائمة المشتركة لم ينبع من الاستيقاظ، بل من الحاجة العملية التي نشأت في أعقاب رفع نسبة الحسم. أجبر الخوف من فقدان التمثيل الأحزاب الأربعة على العثور على صيغة للارتباط. وكانت هذه خطوة تكتيكية رافقها طموح زائد: تغيير وجه الساحة السياسية – البرلمانية في إسرائيل.
المحاولة الأولى لدمج القوى تم تتويجها بالنجاح، حيث فازت القائمة المشتركة بـ 13 مقعدا في الكنيست العشرين. التفكك الأول قبل انتخابات الكنيست الـ 21 في 2019 خفض تمثيل العرب في الكنيست على 10 مقاعد، حيث اجتازت «راعم» – «بلد» نسبة الحسم بدرجة بسيطة. أدى الفشل بالزعماء إلى استيعاب أهمية الوحدة، وأثبت الارتباط الجديد نفسه عندما عادت القائمة المشتركة إلى 13 مقعدا في الانتخابات التي جرت في أيلول 2019 ووصلت إلى رقم قياسي هو 15 مقعدا في انتخابات آذار 2020. في حينه بلغت نسبة التصويت في المجتمع العربي 63 في المئة.
كانت الرسالة التي أرسلها الجمهور العربي للأحزاب واضحة، الوحدة أو الهبوط في نسبة التصويت. ولكن عندما لم يؤد الإنجاز غير المسبوق للقائمة المشتركة إلى تغيير في الساحة السياسية بدأ الشرخ الأول، عند اختيار «راعم» برئاسة منصور عباس للانطلاق بطريق مستقل. في الانتخابات الـ 24 تنافست «راعم» والقائمة المشتركة رأسا برأس، ما أدى إلى انخفاض 20 في المئة في نسبة تصويت المجتمع العربي والى فقدان 3 مقاعد.
هذه المعطيات بعيدة عن أن تكون مشجعة عشية الانتخابات، وإزاء قرار «حداش» و»تاعل» التنافس بشكل مستقل عن «بلد». نشرت استطلاعات حتى قبل حل القائمة أشارت إلى انخفاض في نسبة تصويت المجتمع العربي إلى درجة حضيض غير مسبوق بلغ 40 في المئة. حسب الاستطلاعات التي نشرت بعد الإعلان عن الانقسام فإن «حداش» – «تاعل» هبطت مقعدين في حين أن «بلد» لن تجتاز نسبة الحسم.
في القائمتين، انشغلوا في نهاية الأسبوع بتبادل الاتهامات، حيث قالوا في «بلد»، إن أحمد الطيبي وايمن عودة عملا بشكل متعمد على إخراج الحزب من اللعبة السياسية، في حين أنهم في «حداش» وفي «تاعل» اتهموا «بلد» بتفضيل المصالح الشخصية على الوحدة. مع ذلك، يدرك زعماء الأحزاب أن العداء لن يخدم أي طرف من الطرفين. استمرار الشتائم المتبادلة فقط سيزيد ازدراء الجمهور العربي لمنتخبيه، ويتوقع أن يقل التمثيل اكثر. السؤال الذي سيشغل الأحزاب الثلاثة حتى الانتخابات هو كيف يمكن مع ذلك منع تآكل نسبة التصويت؟
في داخل الأحزاب، يوجد من يؤمنون بأن الأزمة يمكن أن تشكل رافعة لزيادة التنافس على الصوت العربي، وزيادة الدافعية للذهاب إلى التصويت. حملة ستتركز على إبراز الفروق بين الأحزاب، وتستخدم النقاش الذي أثاره وجود حزب عربي في الائتلاف يمكن أن تخلق طاقة متجددة.
في «راعم» سيحاولون الإثبات بأن المقاربة الجديدة التي قادها حزبهم – التأثير من خلال صفوف الائتلاف – تحظى بثقة الجمهور والتحول إلى الحزب العربي الأكبر في الكنيست. «حداش» و»تاعل» سترغبان في إبراز الرسالة التي تقول إنهما الحاجز الذي يمكنه منع تشكيل حكومة يمينية ضيقة مع ايتمار بن غبير. في «بلد»، رغم إدراك أن فرصة الحزب في اجتياز نسبة الحسم ضئيلة، إلا أنهم يدفعون إلى قيادة حملة عنيفة بهدف الإثبات بأن الأمر يتعلق بحزب لديه قاعدة انتخابية كبيرة، وأنه لا يمكن تجاهلها وليس بقائمة ستتبخر بعد عدم اجتيازها لنسبة الحسم.
المنافسة على الأيديولوجيا والسياسة البراغماتية يمكن بالتحديد أن تخرج المصوتين العرب إلى صناديق الاقتراع. السؤال الحاسم هو هل سيتعلمون في الأحزاب العربية من أخطاء الماضي ويزيدون من وضوح الرسائل، وإلا فإنها ستجد نفسها في سيناريو موازٍ ستبقى فيه الكنيست القادمة دون تمثيل للصوت العربي.

عن «هآرتس»