استدعت وزارة الخارجية التركية، السفير الإيراني لدى أنقرة، احتجاجا على ربط وسائل إعلام إيرانية، بين زيارة الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” إلى المملكة العربية السعودية مؤخرا، وأحكام الإعدام التي نفذتها الأخيرة.
وقالت الخارجية التركية في بيان لها الخميس، إنها طلبت من السفير الإيراني أن تقوم بلاده بوقف الأخبار التي تنشرها وسائل إعلام تابعة للسلطات الإيرانية، ربطت بين زيارة الرئيس أردوغان إلى السعودية نهاية كانون الأول/ ديسمبر 2015، وأحكام الإعدام التي نفذتها السعودية الاسبوع الماضي .
وعبرت الخارجية عن ادانتها الشديدة من ربط وسائل إعلام إيرانية، زيارة أردوغان بأحكام الإعدام، مطالبة بإنهاء ذلك النوع من الأخبار “التي تهدف إلى خلق قناعة ضد الرئيس التركي لدى الشعب الإيراني الجار”.
وأوضحت الخارجية للسفير الإيراني على “ضرورة عدم المساس بالبعثات الدبلوماسية الأجنبية، وتحمل البلدان المستضيفة مسؤولية أمن تلك البعثات.
واعتبرت أن الاعتداء على البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران أمر مرفوض،مضيفة أن الدول التي وافقت على اتفاقية “فيينا” لحماية كافة البعثات الدبلوماسية والقنصليات، مسؤولة عن تأمين تلك البعثات، وبالتالي فإن الاعتداء على بعثات السعودية في طهران ومشهد أمر غير مقبول.
وأجرى وزير الخارجية التركي، “مولود جاويش أوغلو”، الخميس، مباحثات هاتفية، مع نظرائه، السعودي، “عادل الجبير”، والإندونسي، “ريتنو منصوردي”، والقطري، “خالد بن محمد العطية”.
وأوضحت مصادر دبلوماسية، أن جاويش أوغلو، بحث مع وزراء الخارجية، التطورات الأخيرة بين المملكة العربية السعودية وإيران.
من جهة اخرى ،دعا رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو السعودية وايران إلى استخدام القنوات الدبلوماسية لتهدئة التوتر، مبدياً استعداد بلاده لأي مساعدة بناءة يمكن تقديمها من أجل التوصل إلى حل الأزمة.
أما الناطق باسم الحكومة التركية نعمان قورطولموش قال ان تنفيذ أحكام الإعدام السياسية لن يسهم بأي شكل من الأشكال في تحقيق السلام في المنطقة ونحن نرفض جميع أحكام الإعدام السياسية"، لافتا إلى أن تركيا قامت بإلغاء عقوبة الإعدام.
وأوضحت الأوساط المقربة من الحكومة التركية أن تصريحات قورطولموش حول تنفيذ أحكام الإعدام السياسية تعبر عن موقف مبدئي.
وبحسب تصريح المحلل السياسي “بكير أتاجان”، بأن تركيا لديها علاقات دبلوماسية كبيرة مع إيران والسعودية، وأنها دولة تلتزم الحياد، ليس بسبب وجود أكثر من 30 مليون إيراني من أصول تركية، ولكن لأن تركيا تلتزم الحياد في علاقاتها الخارجية مع الجميع.
ويضيف أتاجان: إيران أساءت فهم الحياد التركي، وتدخّلت لصالح النظام السوري، وتركيا تدين هذا التدخل بشدة وترفضه، لكن هذا لا يعني أن تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، وبالتالي قد تلعب تركيا دور الوساطة بين السعودية وإيران.
وأشار الباحث السياسي في مركز التحليلات الاستراتيجية "توركسام ساردار أردورماز إلى أن تركيا تحمل في طيات خططها الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط، نوايا حسنة لنشر المنهج الديمقراطي الصحيح في المنطقة وخاصة في الدول التي انتفضت في إطار "ثورات الربيع العربي"، وفي إطار هذه الخطط، يرى أوردورماز أن "تركيا تواجه تحديًا كبيرًا من السعودية وإيران اللتين تسعيان إلى جعل منطقة الشرق الأوسط "منطقة قطبية" ما بين القطب الشيعي والقطب السني".
وأضاف أردورماز في مقال له أن اشتعال الأزمة بين الطرفين تعني المزيد من القطبية والمزيد من الاحتقان القطبي، لافتاً بأن الحكومة التركية جاهدةً احتواء هذه الأزمة بين الطرفين، لأنها لا تريد المزيد من التحديات والعراقيل التي تعطل تقدم الخطط التركية المنشودة تجاه دول المنطقة.
وأكد الباحث التركي أنه لا يمكن لتركيا إطلاقًا أن تتخذ موقفًا مساندًا لطرف ما في المنطقة، لأن خسارة طرف على حساب طرف آخر تسبب لتركيا العديد من العوائق الإستراتيجية، لذا ستكون الدعوة لضبط النفس السياسة الأساسية لتركيا تجاه تطورات الأزمة بين إيران والسعودية.
وقال الكاتب برهان الدين دوران أن الأزمة السعودية الايرانية الحالية هي ليست حربا بين الشيعة والسنة بقدر ما هي حرب بين المخاوف السعودية والأطماع الإيرانية.
وأوضح دوران في مقالاً له عن الأزمة السعودية الايرانية على أن تركيا منزعجة من سياسات إيران في المنطقة، إلا أنها الدولة الوحيدة القادرة على الحيلولة دون تحول الصراع بين المخاوف السعودية والأطماع الإيرانية إلى حرب طائفية بين البلدين.