28 سبتمبر 2000..المواجهة الكبرى و"الانطلاقة الوطنية" المرتقبة!

1638599527-781-3.jpg
حجم الخط

 كتب حسن عصفور

 تحتفظ الذاكرة الوطنية الفلسطينية، بأن الفاشي إريك شارون، رئيس المعارضة الإسرائيلية، بالتنسيق مع الفاشي باراك رئيس حكومة الكيان العنصري، قررا البدء بتنفيذ خطة "تدمير السلطة الفلسطينية" والتخلص من مؤسسها الزعيم الخالد ياسر عرفات، استكمالا لما فشل به كلاهما في تدمير منظمة التحرير في حرب بيروت 1982.

بعد انتهاء قمة "كمب ديفيد"، ورفض الخالد أبو عمار مؤامرة تهويد البراق، أعلن رئيس الحكومة الفاشية الحاكمة في إسرائيل في حينه يهود باراك، رصاصة المعركة نحو إنهاء "الكيانية الفلسطينية الوليدة"، وبدأ التنفيذ شراكة وتنسيقا مع شارون، يوم 28 سبتمبر 2000، باقتحام المسجد الأقصى، فكانت شرارة المواجهة الوطنية الكبرى، شعبيا وعسكريا، الأطول والأهم في تاريخ الصراع مع دولة العدو.

المواجهة الكبرى، كانت خيار الضرورة لمواجهة المخطط المعادي الذي بدأ، لطي صفحة سياسية رأت فيها "الفاشية الصهيونية" أنها كانت خرقا للبعد التوراتي وتمرير المخطط الاغتصابي في الضفة والقدس، قادتها أجهزة السلطة الأمنية وعامودها الفقري حركة فتح ومعها مختلف الفصائل الفلسطينية كل بما يستطيع.

لم يقف "زعيم الوطنية الفلسطينية" مترقبا، بعدما أدرك يقينا جوهر المشروع التهويدي للقدس والضفة، وما ينتظر الحرم القدسي وساحة البراق وجدارها، من مؤامرة تم كشف بعض ملامحها في قمة كمب ديفيد، بما اسموه "السيادة تحت الأرض"، كرسالة أنهم يبحثون إعادة بناء "هيكلهم" على حساب المسجد الأقصى، وما بعده.

دون "لعثمة"، وتحذيرات الـ "سوف" و "إذا"، و"ما لم"، أطلق الخالد أبو عمار، الصرخة التي فجرت فعلا ، "عالقدس رايحيين..شهداء بالملايين"..صرخة ما أن سمعها شعب الجبارين، حتى اشتعلت أرض فلسطين التاريخية بهبة ومواجهة، ستبقى الصفحة الأكثر إشراقا في التاريخ المعاصر.

وبعيدا، عن تمكن "الفاشية الصهيونية" من تحقيق بعض من مخططها التهويدي، واغتيال "اب الوطنية المعاصرة" ياسر عرفات، وصناعة "انقسام" داخل المشهد الفلسطيني العام، بنقاب "ديمقراطي"، لكنها لا تزال تنتظر أن تستكمل ما لم يُستكمل، من تدمير الكيانية الموحدة، وبناء "بديلهم نتوء غزي ومحميات في بعض مناطق الضفة".

روح معركة المواجهة الوطنية الكبرى، تعود عبر فعل متنقل ليس شموليا كما كان، لكنه متحرك بما يربك المشروع التهويدي ومخططه الاستبدالي، رغم محاولات العدو استخدام "أداة محلية" لحرف المسار من الفعل العام ضد العدو والوطني – القومي، بأحداث انحرافية، لنشر فوضى وفتنة مدفوعة الثمن المسبق.

بعد خطاب الرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة، وما مثله من تصويب للمشهد السياسي الذي ساد منذ عام 2005 كسر شوكة "الكفاحية الوطنية"، بات من الضرورة الكبرى أن تبدأ حركة الانطلاقة السياسية لمحاصرة "المشروع التهويدي وأداته البديل".

محاصرة المشروع المعادي لم يعد لها أن تتأخر، والذي لم يعد به "طلاسم سياسية" غير معلومة، خاصة بعدما كشف ملامحه الرئيسية رئيس "الحكومة الفاشية" في تل أبيب يائير لابيد يوم 25 سبتمبر 2022، مضمونا وأدوات خادمة لتطبيقه، ما قبل الانتخابات بخلق "فوضى خاصة"، وما بعدها بتحديث معادلة "التهدئة مقابل المال" بما يتناسب والمشهد الضفي.

استمرار الحالة الاحتفالية بخطاب الرئيس محمود عباس، دون الذهاب الى تسريع حركة الفعل التنفيذي داخليا، سيؤدي الى "تآكل" قوة الاندفاعة الكفاحية، رغم قيمة ما يتم من فعل بالأمم المتحدة ومنظماتها لتعزيز عضوية فلسطين الدولة، ولكن ذلك يتطلب توازيا بخطوات عملية تشير بقوة الى البدء بتنفيذ فك الارتباط مع عدو، وترسيخ الارتباط بالمشروع الوطني.

هناك خطوات تنفيذية لا تحتاج أبدا التباطؤ، ومنها مسألة الانتخابات، خاصة أن الرئيس عباس منحها مكانة خاصة في خطابه، مبديا جاهزية التنفيذ، لذا وبشكل فوري يمكنه أن يصدر مرسوم اليوم قبل الغد حول "انتخابات دولة فلسطين"...مرسوم يحدد الإطار الشامل لها، واعتبار فلسطين دائرة واحدة يكون الانتخاب فيها وفقا للتمثيل النسبي الكامل.

إجراء تنفيذي لكنه يحمل مضمونا جوهريا، كخطوة رسمية بإغلاق مرحلة انتقالية طال زمنها بغير وجه حق، الى جانب أنه "قوة دفع هامة" للكيانية الفلسطينية ومحاصرة مخطط حكومة الكيان العنصري وأدواته التي تنتظر، وكسر إن لم يكن ردم كلي لمشروع "النتوء الكياني الغزي المتمرد على الشرعية الوطنية"، وما يخطط من استكمال مشروع "شارون ب" في الضفة.

مرسوم الانتخابات سيمنح خطة الرئيس عباس التي قدمها يوم 23 سبتمبر 2022، مصداقية سياسية، وتفتح الباب لورشة عمل في جوانب مختلفة مرتبطة بالعملية الانتخابية، قانونيا وسياسيا.

مرسوم انتخابات دولة فلسطين، سيكون قاطرة حراك شامل يمنح روح "المواجهة الكبرى" مع العدو القومي، قوة دفع مضافة لما تصنعه حركة المواجهة الشعبية اليومية في الضفة والقدس.

لتنطلق "الورشة الوطنية" نحو ترسيخ فلسطين دولة ونظاما في الخريطة السياسية – الجغرافية، وقبلها في وعي الفلسطيني سلاحا مضادا للمشروع المعادي بكل مظاهره وأدواته، وقبرا للمخطط الشاروني الذي انطلق في أغسطس 2005، ولا زال يتحرك.

ملاحظة: كما اليوم 1970، رحل الخالد جمال عبد الناصر، مفارقة تاريخية غريب ارتباطها بيوم المواجهة الكبرى ضد الفاشية الصهيونية المعاصرة..من قال "الثورة الفلسطينية وجدت لتبقى".. ناصر جمال.. خلودك القومي لن يغيب أبدا!

تنويه خاص: ملفت جدا، ان يدخل إعلام فرنسي طرفا في تحديد ملامح المشهد الفلسطيني منحازا لـ "خصوم" الرئيس محمود عباس"..كان مفهوما نشر سيلان الكلام الرافض..ولكن ما ليس مفهوما أبدا ذلك الانحياز الغبي..معقول الكيان طلب مساعدة صديقتهم "اليهودية" في رئاسة حكومة فرنسا لما بعد الرئيس..ليش لا مع اليهود كل شي يصير!