لا يجوز اتهام الجمهور العربي كله بسبب نشأت ملحم

10201513171559300Capture
حجم الخط



في منتصف الاسبوع أمضى ابني الصغير دافيد الليل في مستشفى شنايدر في بيتح تكفا. لا يكون الولد مرتاحا في المستشفى وكذلك البالغ. يجب أن يكون مستشفى شنايدر مكانا خاصا ليقول لي ابني عند عودته الى البيت بعد ليلة في قسم العناية المكثفة: «أبي لقد كنت سعيدا في المستشفى». ومن ساهم في تحسين معنوياته كان ممرضا مخلصا ومهنيا من سكان كفر قرع في الجانب الجنوبي من وادي عارة.
لدى مستشفى شنايدر مميزات الساحر: إنه يحول الاولاد المرضى الى معافين (هذه وظيفة كل مستشفى، ستقولون)، لكنه ايضا يحول العرب، الحريديين، المستوطنين، البدو أو أي مجموعة اخرى من المواطنين الى بشر. هنا ليس مهما من أين جئت. المهم هنا الى أين ستذهب، واذا كان بالامكان بأكبر قدر من الصحة وفي اسرع وقت. هل تصدقون أن شيئا كهذا يحصل بالفعل في دولة اسرائيل العنصرية؟ لم يتهم أحد في شنايدر الوسط العربي بسبب «المخرب» الذي نفذ عملية في تل ابيب، بالضبط كما أنهم لم يبحثوا عن العلاقة بين من يعتمرون القبعات المنسوجة وبين المسؤولين عن العملية الفظيعة في دوما. هذا الامر تركه الطاقم الطبي في شنايدر لبعض زملائي في وسائل الاعلام الذين فقدوا ذلك قليلا، هذا الاسبوع، لاسيما منذ عملية ديزنغوف التي قام بها «مخرب» عربي اسرائيلي من وادي عارة.
لقد كان هذا الاسبوع هو اسبوع التغطية غير المسبوقة في وسائل الاعلام (تل ابيب أم ليس تل ابيب). كان ايضا اسبوعاً تلقت فيه الشرطة والمفتش العام الجديد الانتقاد حول الأداء الخاطئ؛ كان ايضا اسبوعا قيل فيه إن المفتش العام للشرطة تصرف بشكل غريب: «لقد طلب من دولة تل ابيب العودة الى الحالة الطبيعية وعدم القلق». ما السيئ في ذلك؟ وبتفكير آخر فان من انتقد رئيس الاركان والمفتش العام للشرطة لم يعرف ما تعرفه الشرطة و»الشاباك». كان هدف الشرطة ليس فقط اعتقال منفذ العملية، بل ايضا من ساعدوه.
نحن لم نصل بعد الى الامر الجوهري: الكاتب المتهكم الذي يمثل الكثيرين من اصدقائه ساهم في جملة البدء: «من أخافنا ليس سوى رئيس الحكومة الذي احضر معه منصة الخطابات الرسمية...»، ويضيف: «بيبي ينشغل في التحريض». الحمد لله يمكن النوم جيدا في الليل. ليسامحني نشأت ملحم، إن منفذ العملية الحقيقي، هذا الاسبوع، حسب رأي بعض زملائي، هو الحكومة.
اليوم اصبحنا نعرف بعض التفاصيل حول تسلسل الاحداث منذ العملية الفظيعة في تل ابيب، نعرف أن «المخرب» ملحم عاد الى بلدته بعد العملية فورا واختبأ هناك ليس بعيدا عن عائلته. لم يكن في الضفة، كما قال لنا محلل رفيع في الصحيفة. وكذلك كان له مساعدون. لم يكن على مدى الاسبوع وحده. نعم كانوا معه – اصدقاء وأبناء عائلة – في وادي عارة ممن عرفوا وصمتوا. تذكير: نحن نتعامل مع «مخرب» مسؤول عن قتل ثلاثة اشخاص.
لا يمكن عدم التساؤل عن مسؤولية الجمهور عن اعمال الفرد. هل المستوطنون في يهودا والسامرة مسؤولون عن احراق البيت في دوما؟ هل «عرب اسرائيل» شركاء في العملية في تل ابيب؟ الحاخام مناحيم برود تطرق الى الامر في يوم السبت: «في الوقت الذي لا يكف فيه عناصر من اليسار ووسائل الاعلام عن توجيه اصبع الاتهام للمستوطنين في يهودا والسامرة وللحكومة كمن هم شركاء في الاحراق في دوما – تلك العناصر نفسها تخرج عن طورها لتقول إنه لا يجب اتهام الجمهور العربي كله بالعملية في تل ابيب وإن الحديث يدور عن استثناء لا يؤكد القاعدة».
هذا يقودنا الى السؤال الرئيس – هل من حق الجمهور التنصل من اعمال الفرد والقول إنه لا يتحمل المسؤولية عنه؟ يجب التفريق بالطبع بين المسؤولية المباشرة وبين ضرورة تقوية البراغي الضعيفة من اجل ضمان عدم تكرار اعمال كهذه في المستقبل، كما كتب برود.
هناك من يمكن الاعتماد عليه
نحن دائما نحب النظر للخارج واجراء المقارنات. كم هو جميل في الخارج وكم هو سيئ هنا. كم هو جميل في الدول الصناعية المتقدمة وكم هو سيئ عندنا. صحيح أننا كنا نفضل واقعا آخر بدون «ارهاب» وبدون حروب. لكن هناك من نعتمد عليه. فبعد اسبوع تمت تصفية «المخرب» في الوقت الذي ما زال فيه «المخرب» الثامن في عملية تشرين الثاني في باريس يتجول حرا.
كان هذا الاسبوع اسبوع محاكمة الحكومة التي لا تعمل ضد السلاح المسروق في الوسط العربي. كان هذا الاسبوع الذي يجب فيه عزل القاتل عن جمهوره، وكان ايضا الاسبوع الذي تلقى فيه رئيس الحكومة انتقادات صعبة بسبب مطلب ولاء كل واحد من مواطني الدولة.
بعد نصف عام يفترض أن يعود ابني الى مستشفى شنايدر من اجل اجراء الفحوص. ولحسن الحظ يمكن رؤية هذه الدولة بشكل حي، وليس فقط عن طريق عدسات وسائل الاعلام.

عن «إسرائيل اليوم»