تجتاح منصات التواصل الاجتماعي في فلسطين، مخاوف من غدر الاحتلال بمدينة نابلس، مسقط رأس مجموعات "عرين الأسود" التي تكتسب شعبية يومًا بعد الآخر، وتحظى بثقة المواطنين في ظل قوة وثبات مقاتليها في الميدان ليس آخرهم "عدى التميمي" و"قيس شجاعية".
وتتأرجح الخيارات الأمنية للاحتلال الإسرائيلي، ما بين اجتياح كبير للمدينة، على غرار عملية "السور الواقي"؛ لمنع تمدد ظاهرة "عرين الأسود" في بقية المدن الفلسطينية؛ خاصةً بعد وصولها لأنحاء مدينة القدس، وما بين حصار المدينة لتجفيف منابع الإمداد لهم وخلق حالة من التذمر الشعبي في ظل "الحاضنة الشعبية" التي توفر الدعم المعنوي لهم، وما بين اغتيالات من الطائرات أو مواصلة عملية "جز العشب" باقتحامات متكررة للمدينة.
اجتياح نابلس.. الأمن الاعتبار رقم "1" للاحتلال
تقف دولة الاحتلال على بعد أيام حاسمة من انتخابات ستقرر من سيقودها؛ لكِن التجربة أكّدت أنَّ الاعتبارات الأمنية تبقى في المقام الأول للاحتلال، بغض النظر عن الأبعاد السياسية، فهل يُعاقب الاحتلال نابلس على تمردها على اقتحاماته للمدينة؛ في ظل أنَّ التجربة أثبتت خسارة رهانه على الحلول الأمنية؛ بدليل أنَّ أبناء وأحفاد مقاتلي "عملية السور الواقي" هم من يقودون المرحلة.
بدوره، رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح بنابلس، فريد أبو ضهير، أنَّ "الوضع الأمني بالنسبة للاحتلال في مدينة نابلس خطير؛ بسبب وجود مجموعات مُسلحة وهجمات قوية وشديدة من "عرين الأسود" و"كتيبة جنين"، والتي تُؤثر على المستوطنين والمستوطنات في المدينة".
وأوضح أبو ضهير، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر"، أنَّ "الاعتبار الأمني في المقام الأول بالنسبة للاحتلال، مهما كانت النتائج بسقوط عدد كبير من المدنيين، أو هدم البيوت في سبيل حماية أمن المستوطنين؛ لذلك كل الاحتمالات واردة بشأن مدينة نابلس".
وأشار إلى أنَّ الاحتلال لديه خطط أمنية قائمة على تنفيذ عمليات اغتيال بحق المقاومين في نابلس، واجتياح المدينة وكذلك حصارها؛ من أجل معرفة من يُطلق النار تجاههم، مُستدركاً: "لكِن في نهاية المطاف الاحتلال يُهدد بضربة شديدة؛ لتدمير النواة الصلبة لمقاتلي عرين الأسود".
"سور واقي 2" مصغر ضد نابلس
وبالحديث عن احتمالية تنفيذ الاحتلال عملية "سور واقي 2" للقضاء على المسلحين في نابلس، رجّح أبو ضهير، تنفيذ الاحتلال عملية مُصغرة عن "السور الواقي" التي جرت في العام 2002، وذلك بسبب الاختلاف ما بين المرحلتين.
وبيّن أنَّ الفروق ما بين المرحلتين هو وجود تنظيمات كبيرة مُسلحة في تلك الفترة بالإضافة إلى فقدان السيطرة على الأوضاع بالضفة الغربية إبان عملية السور الواقي عام 2002، مُضيفاً: "لكِن الآن تواجد المسلحين محصور في منطقة البلدة القديمة، بشكل أساسي وقد يكونوا موجودين في مناطق أخرى؛ لكِن حجم الأحداث أقل وإنّ كانت تُشكل خطورة على الاحتلال".
وعن توقيت الهجوم على نابلس إنّ كان قبل الانتخابات الإسرائيلية أو بعدها، قال أبو ضهير: "إنَّ الاحتلال يأخذ في الاعتبار الجانب الأمني في المقام الأول؛ لكِن وجود انتخابات إسرائيلية قادمة سيلعب دورًا في تحديد وقت الهجوم"، مُعتقداً أنَّ الأحزاب الإسرائيلية غير معنية بتأجيل الأمر إلى ما بعد الانتخابات؛ لأنَّ الأمن في المقام الأول بالنسبة لهم.
الحاضنة الشعبية لعرين الأسود.. سر قوتها
أما عن ما يُميز مجموعات "عرين الأسود" والأمر الذي جعلها تُشكل خطرًا على الاحتلال، أشار أبو ضهير، إلى أنَّ "القاسم المشترك بين المسلحين في مجموعات "عرين الأسود"، هو أنّهم مطلوبين للاحتلال أو خارج سيطرة السلطة وينتمون لتنظيمات فلسطينية مختلفة؛ ويمتلكون أسلحة غير معروف حجمها، وهو ما يُشكل إزعاجًا للاحتلال.
وتابع: "كما أنَّ عناصر المجموعة لا يتواجدون في مكان مُحدد، لأنَّ تواجدهم يتركز في مناطق متداخلة ومتشعبة بالبلدة القديمة، وهو الأمر الذي يجعل الوصول لهم في غاية الصعوبة".
وختم أبو ضهير حديثه، بالقول: "كذلك تمكن هؤلاء المقاتلون من الخروج خارج حدود مدينة نابلس؛ لمهاجمة المستوطنين"، مُشيراً إلى أنَّ "خروج بيانات من مجموعات "عرين الأسود" ربما يؤشر لوجود قيادة لها، وذلك بالتزامن مع وجود "حاضنة شعبية" قوية تُقدم كافة الدعم لهم وعلى وجه التحديد الدعم المعنوي".