"حرب استقلال" فلسطينية في مواجهة "حرب استقلال" يخوضها المستوطنون

ران-ادليست.jpeg
حجم الخط

بقلم: ران أدليست


التحدي الكبير الذي تواجهه المؤسسة الأمنية في مواجهة الهجمات في الضفة الغربية هو اعتقال المسؤولين الذين ثبتت التهم الموجهة إليهم، والحؤول دون وقوع هجمات لاحقاً، وليس الانتقام. في الأيام الأخيرة، انتشرت عدة تقديرات مطمئِنة بشأن حوادث إطلاق النار في الضفة. المقصود، كالمعتاد، تهدئة الوضع عموماً، لكن حجم الوضع لا يزال على حاله: نشهد حرب استقلال فلسطينية في مواجهة حرب استقلال للمستوطنين.
في هذه المرحلة، يبدو أن إسرائيل، دولة وشعباً، تؤيد حرب استقلال المستوطنين. توجد تصدعات هنا وهناك، لكن عموماً، عندما تستخدم الدولة كل قوتها لكبح المقاومة الفلسطينية، فإن هذه الدولة تتجند للدفاع عن المستوطنين، وعن الفكرة الاستيطانية عموماً.
إذا كان هناك فارق بين الدفاع عن الناس والدفاع عن فكرة، ربما في إمكان الانتخابات حلّ ذلك. في هذه الأثناء يطلقون النار. المشكلة هي ماذا سيجري عندما سيؤدي إطلاق النار إلى تصوير الجيش والدولة كأنهما فقدا السيطرة؟ الجواب هو المزيد من إطلاق النار المضادة والمزيد من الأضرار الجانبية، والمزيد من قتل المدنيين. وكالعادة في مثل هذه الأوضاع، عندما يشعر المستوطنون بوجود حالة طوارئ، سواء لدى الفلسطينيين، أو لدى الجيش، يستغلون الفرصة من أجل القيام بأعمال استفزازية تؤجج الوضع على الأرض.
تظاهرات ورقص على الدماء ومبادرات عنفية. يشمل ذلك إنذارات كاذبة عن إطلاق نار لم يحدث. من السهل التلويح ببن غفير، لكنه مجرد ذبابة على قرن ثور المستوطنين. فقدان الشعور بالأمن الشخصي جرّاء حوادث إطلاق النار المتعاقبة يمكن أن يطغى على عدم جدوى وجود المستوطنات، الأمر الذي يدفع المستوطنين إلى المطالبة بعملية استباقية كبيرة الحجم تسمح بالسيطرة على أراضٍ جديدة، وبأوهام الترحيل.
فقط من باب الاطمئنان: لا يمكن لأي انتفاضة أو حوادث إطلاق النار، مهما كانت خطرة، أن تهدد وجود دولة إسرائيل، لكن خلال الأحداث، تظهر صورة مقلقة للوضع، تجبر الجيش على التصعيد في محاولة لإطفاء النار. والتصعيد معناه المزيد من القوات، والمزيد من الاحتكاكات، والمزيد من المصابين، إلى أن يصل الوضع إلى مرحلة عدم الدخول في مواجهة وجهاً لوجه مع المسلحين واستخدام النيران المضادة، وهذا ما يجري الآن على الهامش. النار المضادة قد تهدأ، لكنها تعيدنا إلى مربع انتظار الهجوم المقبل.
وعد غانتس بالقضاء على "عرين الأسود"، ودخل في طريق مسدود وليس لديه خيار. وفي الواقع، لا يوجد خيار سوى إغلاق هذه الزاوية التي خرجت عن السيطرة. المشكلة أن الجميع في هذه المرحلة، جنوداً وشرطة وعناصر "شاباك"، يتحركون انطلاقاً من الحاجة الفعلية إلى "منع الإرهاب". لكن ما يجري على الأرض هو أن الجنود لا ينتقلون من عنوان إلى آخر مع أسماء، بل يقومون بعملية صيد حرّ مع هامش واسع من الأضرار الجانبية، أو بلغة عبرية بسيطة: قتل مجانيّ.
كل شاب في "عرين الأسود" مسؤول رفيع المستوى، وهو خليفة "الإرهابي" الكبير الأسطوري في منظمة التحرير الفلسطينية، وفي "حماس" و"الجهاد".
عن "معاريف"