للضغط على "عرين الأسود"

تحليل: الاحتلال يُحاصر نابلس مقابل الأمن.. والحكومة الفلسطينية خارج المشهد!!

حصار نابلس
حجم الخط

نابلس - خاص وكالة خبر - مي أبو حسنين

منذ 11 أكتوبر الجاري، يفرض الاحتلال الإسرائيلي حصارًا على مدينة نابلس التي تُعد العصب التجاري للضفة الغربية المحتلة؛ للضغط على سكان المدينة التي هي مسقط رأس مجموعة "عرين الأسود" -الاسم الأبرز للمقاومة المسلحة في الضفة الغربية حاليًا وتسبب صداع للاحتلال كما وصفتها وسائل إعلامه- من أجل دفعهم للاستسلام.

بينما يلجأ الاحتلال إلى منح تسهيلات وهمية لباقي مدن الضفة الغربية. عملاً بمبدأ "فرق تسد" في سبيل تفريق سكان نابلس عن المقاومين ودفعهم لليأس والاستسلام.

وتتعد أشكال حصار المدينة من إغلاق بالحواجز والسواتر الترابية؛ الأمر الذي يُعرقل حركة الدخول والخروج منها ويتسبب باختناقات مرورية للأفراد بالإضافة لمنع إدخال المنتجات اللازمة للعمليات الإنتاجية وكذلك خروجها.

وتضم مدينة نابلس ما يقارب من 9.000 آلاف منشأة تجارية و29.00 منشأة صناعية، بما نسبته خُمس المؤسسات التجارية في الضفة الغربية.

ويزور نابلس من مدن الضفة الغربية والداخل المُحتل 1948، حوالي 15 ألف شخص، بمتوسط إنفاق 70$؛ الأمر الذي يضخ أكثر من مليون $ أسبوعيًا في المدينة؛ لكِن الحصار سيفرض ركوداً اقتصادياً على المدينة.

ورغم الحصار يُواصل تجار وسكان مدينة نابلس، إعلان دعمهم الصريح المادي والمعنوي للمقاومين في مجموعات عرين الأسود؛ وهو الأمر الذي تمت ترجمته بخروج الآلاف في مسيرات حاشدة وتكبيرات في منتصف الليل؛ استجابةً لدعوات "عرين الأسود".

من جهته، رأى أستاذ الاقتصاد في جامعة بيرزيت، يوسف داود، أنَّ "الحصار المفروض على نابلس، سيُفرض على العملية الإنتاجية؛ لأنَّ المخزون من المواد الأولية للإنتاج سيقل وصولها لمراكز الإنتاج؛ وبالتالي سيؤثر على العملية الإنتاجية".

وقال داود، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنَّ المواد الاستهلاكية التي تدخل نابلس أو التي تخرج منها ستتضرر؛ الأمر الذي سيؤثر على الحركة الاقتصادية والتجارية؛ بسبب تأثر الإنتاج والاستهلاك معًا"، مُردفاً: "منع المتسوقين من الضفة والداخل المحتل من دخول نابلس سيؤثر سلبًا على المدينة".

وبالحديث عن أهمية نابلس الاقتصادية، أوضح أنَّ "السلطة الفلسطينية، حاولت عمل تجمعات عنقودية بالتركيز على جعل مدينة بيت لحم مركزًا للسياحة، ورام الله للخدمات، بينما نابلس تضم عمليات إنتاجية معينة- تعتمد على تجارة التجزئة والخدمات-".

وأضاف: "نابلس مدينة مهمة تجاريًا واقتصاديًا، وإنّ تراجعت بعض الشيء في السنوات الأخيرة لصالح مدينة الخليل؛ لكِن تبقى مركز تجاري كبير".

وحذَّر من تضاعف وتواصل الحصار على مدينة نابلس؛ الأمر الذي سيؤدي لآثار سلبية على المدينة، مُعتقداً أنَّ عدم الإجماع الفلسطيني على المقاومة المسلحة للاحتلال واستمرار حالة الانقسام مصدر ضعف لنا.

وبيّن داود، أنَّه مطلوبٌ من الحكومة العمل على إيجاد طريقة لفك الحصار عن نابلس؛ لأنّه لا يُعقل استمرار حصار المدينة من أجل إيجاد شخص ما وهو أمر غير معهود في تاريخ الإمبرياليات العالمية.

من جهته، أكّد الخبير الاقتصادي، نصر عبد الكريم، على أنَّ "الحصار سيؤدي إلى شلل جزئي يضر بالتجار والخدمات والأفراد"، مُتسائلاً: "لكِن هل الضرر الاقتصادي الذي يلحق بنابلس كما ضرر غزّة؟، وهل من الممكن أنّ يؤدي إلى تقديم الفلسطينيين والقوى والقيادات تنازلات سياسية؟، وهل ستدفع الكلفة الاقتصادية المواطنين في نابلس إلى التخلي عن مقاومتهم للاحتلال؟، بالطبع لا".

أما عن دور الحكومة أمام حصار الاحتلال مدينة نابلس، فقال عبد الكريم، لمراسلة وكالة "خبر": "إنَّ الحكومة الفلسطينية ليس لديها خطط للتعامل مع حصار نابلس ولا أيّ مدينة أخرى؛ وبالتالي لن تكون لاعب أساسي في حل الأزمات التي تمر بها الضفة الغربية جراء المضايقات الإسرائيلية".

وأكمل: "تكاد تلعب الحكومة دور دبلوماسي إعلامي ومعنوي"، لافتاً إلى أنَّ الحكومة أعلنت عن تشكيل فريق وزاري لمتابعة حصار نابلس من أجل تقديم الدعم للمواطنين، مع الحديث عن اجتماع لها يوم الإثنين القادم.

وتساءل: "ما هي الإمكانات الفعلية لدعم صمود نابلس؟، هل ستُقدم دعم نقدي للتجار في البلدة القديمة بنابلس؟، أم أنّها ستُعطي حوافز وإعفاءات ضريبية للتجار لمدة زمنية مُحددة؟".

ومضى متسائلاً: "هل ستقوم الحكومة بدعم مشاريع بنية تحتية تُساهم في تحريك العجلة التجارية داخل نابلس وتدعم مؤسساتها؟"، مُردفاً: "الأمر بحاجة إلى قرارات حقيقية واجبة التنفيذ، وربما نشهد ذلك الأسبوع الجاري؛ ولكن من حق المواطنين في نابلس كما في غزّة وجنين أنّ تكون الحكومة جاهزة للمساعدة".

وختم عبد الكريم حديثه، بالقول: "نتمنى أنّ تكون الحكومة الفلسطينية مُبادرة ويكون لها رؤية لمعالجة الأزمات؛ لأنّه حتى الآن هناك حديث دون فعل".