"كالصاعقة نزل خبر غرق مركب مهاجرين من بينهم فلسطينيين على شواطئ تونس، ومن بينهم أخي يونس، حيث تم إبلاغنا بالعثور عليهم أول أمس سالمين غانمين في طريقهم للمنزل بمدينة بنغازي الليبية؛ وبانتظار ترحيلهم إلى قطاع غزّة"، بهذه الكلمات نعى الأخ الأكبر ليونس الشاعر، غريق لقمة العيش على أحد مراكب الهجرة الغير شرعية نحو أوروبا.
وقال شقيق الغريق الشاعر، لوكالة "خبر": "إنَّ "العائلة لم تتواصل مع أخي يونس مُنذ ركوبه البحر في الثالث من أكتوبر الجاري، وهو موعد انطلاق الرحلة من ليبيا إلى إيطاليا التي ستكون المحطة الأخيرة في رحلة المخاطر للوصول إلى بر الأمان؛ لطلب لجوء سياسي في أحد بلدان الاتحاد الأوروبي".
وأضاف: "يبدو أنّهم ضلوا الطريق في اليحر فبدلاً من أنّ تستغرق رحلتهم 16 ساعة نحو إيطاليا، استغرقت ما يزيد عن الـ20 يومًا في عرض البحر؛ ليتم العثور عليهم غرقى على الشواطئ التونسية".
وتابع: "لم تكن المحاولة الأولى لأخي يونس للهجرة؛ فمنذ فبراير من العام الماضي، يمكث أخي في ليبيا في محاولات متكررة للهجرة وكلها كانت تبوء بالفشل؛ لكِنه لم يكل أو يمل رغم نداءات العائلة الملحة له بالعودة، فكان رده حاسمًا (لن أعود لسجن غزّة وظلمها)".
وأردف: "كان يحلم يونس بالهجرة إلى بلجيكا، حيث يقيم أخ لي هناك مُنذ أربعة سنوات وتعلم مهنة الحلاقة"؛ لافتاً إلى أنَّ شقيقه يونس ذو الـ22 عاماً طالب جامعي يدرس البرمجة وتبقى له عام دراسي واحد فقط.
واستدرك: "لكِنه فضَّل الهجرة لتأمين مُستقبله حتى لا يلقى مصير أقرانه الخريجين العاطلين عن العمل الذين أصابهم اليأس والاستسلام".
وترتفع معدلات البطالة في صفوف الشباب الخريجين لتصل إلى ما يزيد عن 60%؛ بسبب توقف التوظيف في قطاع غزّة مُنذ العام 2007 بعد الانقسام السياسي بين حركتي فتح وحماس والمتواصل حتى الآن. ويُعد جيل الشباب الضحية الأكبر جراء الانقسام المُتجذر في غزّة، حيث لا حلول تلوح في الأفق لتُعالج مشاكلهم بعيدًا عن ملهاة الوظائف المؤقتة لهم.
من جهته، أكّد المستشار السياسي لوزير الخارجية والمغتربين، السفير أحمد الديك، على أنَّ سفارة دولة فلسطين في تونس تتابع بشكل ميداني مع السلطات التونسية المختصة للتأكد من هوية الجثث في قضية غرق مركب قبالة السواحل التونسية، حيث عُرف منها حتى هذه اللحظة جثتان تعودان لمواطنين فلسطينيين هما يونس الشاعر، ومقبل مجدي مقبل.
وقال الديك: "إنّه فور وصول أنباء حادثة غرق مركب على السواحل التونسية، أصدر وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي تعليماته لسفارة دولة فلسطين لدى الجمهورية التونسية بضرورة التحرك الفوري لمتابعة تفاصيل هذه الحادثة المؤلمة، خاصةً بعد أنَّ توفرت معلومات بوجود مواطنين فلسطينيين على هذا المركب".
وقد نعت عدة عائلات فلسطينية عدداً من أبنائها قضوا خلال محاولات الهجرة في مركب قبالة السواحل التونسية. وقالت مصادر محلية إنَّ سبعة فلسطينيين على الأقل قضوا في حادث الغرق فيما يجري البحث عن آخرين. وتقطن عائلات الضحايا جنوب قطاع غزّة حيث فتحت عدة بيوت للعزاء.
وأشار إلى أنَّ السفارة "تابعت بشكل فوري هذه القضية، وأرسل سفير دولة فلسطين لدى تونس هائل الفاهوم فريقاً من السفارة توجه مباشرة إلى مدينة جرجيس في الجنوب التونسي، حيث لفظ البحر عديد الجثث من جنسيات مختلفة، وعليه تم مقابلة رئيس فرقة الحرس البحري في جرجيس الذي أكد وجود جثث لمواطنين فلسطينيين منهم من يحمل جواز سفر فلسطيني، ومنهم من حملة الوثائق السورية الخاصة باللاجئين".
وتابع السفير الديك، أنّه تم أيضاً "مقابلة رئيس المحكمة الإبتدائية ورئيس النيابة والناطق الرسمي باسم المحكمة، فيما تعهد قاضي التحقيق بالمكتب الخامس بالملف بعرض جميع الجثث على الطب الشرعي لتحديد سب الوفاة، كما تعهد بتزويد السفارة بالوثائق الثبوتية فور انتهاء التحقيقات والتأكد من هوية الجثث".
وأوضح أنَّ سفارات دولة فلسطين لدى كل من ليبيا، وإيطاليا، واليونان، ومالطا، تُتابع أيضاً أيّ معلومات قد تصلها من السلطات المختصة في تلك الدول حول أيّة جثث لديها.