ما بعد 11 نوفمبر في نيويورك.."المعركة الفلسطينية" اللاحقة!

1638599527-781-3.jpg
حجم الخط

 كتب حسن عصفور 

ربما لن يكون أكثر قيمة من "هدية سياسية" ترسلها فلسطين الدولة والقضية الى زعيمها الخالد المؤسس ياسر عرفات في ذكرى يوم اغتياله 11 نوفمبر بيد "الفاشية اليهودية"، من انتزاع قرار في الأمم المتحدة يتعلق بالتبعيات القانونية الناشئة عن الاحتلال والاستيطان، وانتهاك إسرائيل المستمر لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وتغيير الواقع الديمغرافي لمدينة القدس وطابعها.

"هدية سياسية"، تعيد الاعتبار لأصل الصراع الذي دخل نفقا من التيه زمنا طويلا، وربما بتحديد أدق، منذ قيام دولة العدو القومي في زمن الإرهابي الأكبر شارون من اغتيال المؤسس للكيانية الفلسطينية المعاصرة ياسر عرفات، 11 نوفمبر 2004، ما أدى الى أوسع عملية "تورنة الأرض وتهويدها" مع حركة استيطانية غير مسبوقة، أدت لإقامة "قاعدة إرهابية يهودية" داخل أرض فلسطين وحدودها وفق قرار الأمم المتحدة 19/67 لعام 2012.

ومبكرا، أدرك "التحالف الأمريكي – الإسرائيلي" القيمة القانونية التاريخية للقرار المنتظر، والمتوقع أن ينال أغلبية ساحقة، فسارعت "إدارة بايدن" وعبر وزير خارجيتها "اليهودي" بلينكن الى ممارسة أشكال الضغط المختلفة، من المظاهر الناعمة الى الخشنة، فيما أطلقت حكومة دولة الغزو والاحتلالي، كل ما لها من أدوات ترهيب وترعيب، باتصالات مباشرة، حول ما سيكون فيما لو أصر الرئيس محمود عباس الذهاب للتصويت على مشروع القرار، وبجانب التهديدات "خلف الإعلام"، الى رسائل عبر وسائل الإعلام بأدوات "يهودية" و"غير يهودية".

يوم 11 نوفمبر 2022، معركة سياسية تحمل القول الفصل نحو بدأ ملاحقة دول الاحتلال بذاتها، أمام محكمة العدل الدولية، التي وفقا لميثاقها ستفتح باب نقاش تطبيق القانون الدولي على تبعات الاحتلال وآثاره الشاملة، ما يؤدي وصولا الى وضع "خريطة طريق إلزامية" لإنهاء الاحتلال الذي بات الوحيد القائم، برعاية أمريكية، الى الاستقلال والتحرر من الاحتلال الاحلالي.

أمريكا وإدارتها الراهنة، تدرك جيدا ماذا يعني الذهاب الى "محكمة العدل الدولية"، على دولة الاحتلال، ولذا لم تنتظر كثيرا لعرقلة المشروع مبكرا، وربما كانت "المفاجأة السياسية"، هو رفض رسمي فلسطيني للرضوخ لموقف واشنطن وطلبها، وكان الرد واضحا بأن فلسطين منحت كل الفرص المتاحة وغير المتاحة، الممكنة واللاممكنة، بل وصلت الى درجة الاتهامية جراء "التساهل السياسي" الطويل.

قرار 11 نوفمبر سيمثل محطة مركزية في الانتقال من حالة "السكون السياسي"، التي طالت زمنا يفوق الممكن والمتاح، الى "الصدام السياسي" الذي يجب أن يستمر الى أن تصدر خريطة الطريق الدولية، "إنهاء الاحتلال الى الاستقلال والتحرر".

بالتأكيد، لن تقف دولة الغزو الاستعماري والاحتلال الاحلالي متفرجة على ما سيكون، ولن تذهب الى "لغة الترجي والتوسل" لوقف مفعول القرار، بل ستذهب الى استخدام كل أشكال التدمير والتخريب، دون أي تردد، بما فيها اللجوء لـ "أدوات محلية" تعتقد أن فرصتها التاريخية آن أوانها، لاستبدال الثورة والمنظمة.

ما بعد يوم 11 نوفمبر 2022 والتصويت الأممي، ستبدأ فعلا المعركة الأشمل والأهم، نحو تطبيق أول المطالب التي وردت في خطاب الرئيس عباس يوم 13 سبتمبر 2022 أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، بوضع خريطة طريق لإنهاء الاحتلال نحو الاستقلال والتحرر وإقامة دولة فلسطين، ما يستوجب بحث أدوات استمرار "المعركة الفلسطينية" السياسية، بكل عناوينها من تعزيز دور "المقاومة الشعبية العامة" الى ترتيب بيت منظمة التحرير ومراجعة ما أصابها مرضا سياسيا، أنهك دورها وسمح للبعض المنتظر "هدية يهودية" للنيل منها.

مواصلة "المعركة الفلسطينية" القادمة لانتزاع قرار محكمة العدل الدولية لإنهاء الاحتلال وآثاره القانونية، لا يجب أن يسير بمسار "الاتكالية السائدة"، بل يتطلب تحديثا سريعا لأدوات الفعل كي تصل الى نقطة الفصل المركزية.

مواصلة "المعركة الفلسطينية" يجب أن يترافق بخطوات موازية عملية لتأكيد التمسك فعلا بـ "فك الارتباط" عن دولة الاحتلال وتعزيز مكانة دولة فلسطين، باعتبارها خطوات تعزيز وترسيخ للهدف الوطني العام.

مواصلة "المعركة الفلسطينية" يستوجب تفعيل حقيقي لدور "الخلية السياسية الأولى" – اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير- لتحويل عناصر خطاب سبتمبر الى "خطة عمل" نافذة وليس محتملة، خاصة وأن انتخابات دولة الكيان قدمت "خدمة استراتيجية" بما أفرزته "تحالفا فاشيا عنصريا"، يربك بني جلدتهم قبل غيرهم.

الشعب الفلسطيني ينتظر حائرا، ما بعد يوم قرار 11 نوفمبر، بين فرح سياسي تأخر كثيرا لمطاردة عدوه القومي.. و"حذر سياسي" من سلوك قيادته بعد تجربة طويلة...فلا تدعو "الحذر ينتصر"!

ليكن قرار 11 نوفمبر "هدية خاصة" الى طائر الفينيق الفلسطيني الخالد أبدا ياسر عرفات.. لتنهض روحه من بين ركام "بقايا وطن" تنفخ في سوره فعلا كفاحيا عاما!

ملاحظة: حكي سفير الدولة الأمريكانية في تل أبيب عن رفضه لضم أراضي فلسطينية لا يستقيم أبدا مع تحالفهم مع الفاشية الجديدة..وأكيد مش راكب خالص مع تهديدهم للقيادة الفلسطينية حول قرار انهاء الاحتلال..الكذب كتير مبين يا "مبتسم"!

تنويه خاص: قبل عام كما اليوم، توقف نبض قلب الصديق صائب عريقات..رحل دون أن يرحل...غاب دون أن يغيب..تراه في تفاصيل كثيرة بين صداقة فردية واختلاف فريد..صائب سلاما لك فحضورك حاضر دوما يا صديق!