نعم، يحصل هذا بين الحين والآخر. ذات صباح استيقظت غارقاً بعرق بارد. حلمت ان بيبي علق في الدرج المتلوي عند مدخل الغواصة الجديدة القادمة من ألمانيا. ليس بسبب سترة الامان التي تحمي صدره، بل بسبب تطلعه ليبدو رجلاً في طريقه ليكون رئيس الوزراء التالي، او بعد التالي دون انتخابات تمهيدية. ولكن لبيبي، الذي قرر على أي حال تحطيم الرقم القياسي في الولايات مما كان لأي زعيم في اسرائيل، من المحظور أن يزيغ بصره من الغواصة الجميلة هذه. من الافضل له أن يحرص على ان تكون الغواصة الاكثر جدة، التي ستصل بعد خمس سنوات، فتحة دخول اكبر، تسمح له بان يحضر معه زوجة رئيس الوزراء في جولة التباهي.
قد نضطر الى غواصة وقد لا نضطر، ولكن يحتمل أنه من كثرة القلق على قدرة «الضربة الثانية»، يكون بيبي قد غفا قليلا في كل ما يتعلق بالضربة الاولى. اسرائيل بيبي جعلت «التهديد النووي الايراني» قلقا وطنيا، حربا على الحياة أو الموت، ولكن بالذات بعد أن حيدت ايران ظاهرا عن تطلعاتها، ولم تعد تشكل تهديدا نوويا – اليوم بالذات بات التهديد ملموسا أكثر. فالتوغل الروسي العميق في المنطقة وكميات السلاح التي تتزود بها ايران في شكل صواريخ بعيدة المدى، يهدد بالمس بنا ليس بعد عشر سنوات بل «بالفور» باللغة العسكرية.
الرئيس بوتين – «عرص قصير القامة» كما وصفته مجلة «هزل» فرنسية – وان كان حاول تهدئة روع بيبي والثناء عليه، الا ان الصواريخ الروسية التي ستصل الى ايران، ومن شبه المؤكد لـ»حزب الله» ايضا، تشكل خطرا اكبر بكثير من كل النبوءات الاخروية لبيبي في فترة التخويفات من النووي الايراني.
نعم يا بيبي، أنت ايضا لديك اسبابك للاستيقاظ مع العرق البارد: فدخول روسيا الى المنطقة وتسلح ايران لا يجري صدفة. فهما مصادر نفط وغاز كافية حتى نهاية هذا القرن، كما ان لها اهتماما أقل في الشرق الاوسط. فقد وضع الرئيس اوباما لنفسه هدفاً على خلفية أنه منذ اللحظة التي وصلت فيها الولايات المتحدة الى النقطة التي باتت لها هدفا يتمثل بوقف نزيف الجنود الأميركيين، فقد غادر العراق وافغانستان ولن يتدخل في سورية. وحسب كل المؤشرات، فان الرئيس الأميركي التالي ايضا سيتبنى نهج «Other People’s Problems» (مشاكل الشعوب الاخرى)».
صحيح أنه لم يحصل ان قدم أي رئيس، ولا حتى نيكسون، مساعدة موضعية بهذا الحجم لاسرائيل مثل اوباما. وهذا لأن اوباما هو رجل بارد الروح، حتى وان لم يكن صاحبك. وهو سيذكر بصفته الرئيس الذي اعطانا المال الاكثر لتطوير السلاح، من «القبة الحديدة» فما فوق. ولكن عندما سينهي اوباما ولايته فانه سيبقي خلفه صورة وضع شرق أوسطية تبرز فيها قوة عظمى مناهضة لاسرائيل ولا تذكر ابدا بسمعة طيبة، ساعدت في الماضي بكل سبيل الدول العربية التي تطلعت لتصفية اسرائيل. وانا لا ازال اتذكر الهستيريا التي ألمت في حينه باسرائيل، الهستيريا التي أدت الى حرب «الايام الستة»، وفي اعقاب الانتصار السريع جدا – هستيريا «بلاد اسرائيل الكاملة» وكل المشاكل التي جاءت في اعقابها.
نعم، بيبي يمكنه أن يواصل التقاط الصور له بقدر ما يريد مع غواصته الجديدة. يمكنه أيضا أن يتذكر ببهجة خطاباته في الامم المتحدة وفي الكونغرس مع الرسومات التي توقع فيها متى سيهددنا النووي الايراني. ولكن رويدا رويدا يتبين أنه لم ينتبه للخطر الفوري والاكثر اخافة من أي شيء آخر: العودة الكبرى لروسيا الى الشرق الاوسط. صحيح أنها غير شيوعية، ولكن بشهية حكم كقوة عظمى متدخلة جدا في منطقتنا.
عندما تتدفق الصواريخ الى ايران، وعندما تبتعد الولايات المتحدة في الافق، وعندما نقرأ في الصحيفة عن مناورة انتخاب بيبي للمرة الخامسة، وربما السادسة وعن تقديم موعد الانتخابات الذي يخطط له – ثمة بالتأكيد سبب مبرر للاستيقاظ في الصباح في السنة القريبة القادمة مع عرق بارد.
عن «هآرتس»
-