"لكمة" الخليل: شيء ما عليل يمرّ فوق هذه البلاد

حجم الخط

بقلم: آفي يسسخروف

 

 



اللكمة، التي وجهها جندي "جفعاتي" لوجه نشيط اليسار في الخليل، يوم الجمعة الماضي، ينبغي لكل يهودي صهيوني بصفته هذه من اليمين ومن اليسار أن يشعر بها جيداً. ليس ألماً جسدياً، بل ألم يترافق والفهم بأن شيئاً ما عليلاً يمر على هذه البلاد، وعلى هذه الدولة. حتى الإنجاز الكبير لبن غفير، سموتريتش، ونتنياهو في الانتخابات الأخيرة لا يمكنه أن يشكل مبررا لعنف جنود الجيش الإسرائيلي تجاه مجموعة إسرائيليين آراؤهم ليست متعاطفة مع الجنود في المنطقة.
لا شكوى عندي تجاه هؤلاء الجنود. فهم لا يزالون لا يعرفون ولا يفهمون بأنهم جزء من لعبة أكبر منهم بكثير.
ذات يوم، لعله بعد بضع سنوات، عشر، عشرين، وربما ثلاثين سيستيقظون منتصف الليل يتصببون عرقاً، ويتذكرون بضعة أعمال وأفعال قاموا بها هناك، في الخليل، في مدينة الآباء والأجداد، التي تمثل كل ما يمكن أن يكون بشعاً بالاحتلال – ذاكرة تدفعهم لأن يفهموا كي ينبغي لهم أن يخجلوا بأنفسهم. ولعلهم عندها سيفهمون أيضا بأنهم هم أنفسهم كانوا "ثمن الاحتلال"، وأنه رغم أقوالهم على نمط "أنا القانون وبعد قليل سيأتي بن غفير ويفرض هنا النظام"، كان محظوراً عليهم أن يضعوا ثقتهم في أيدي سياسي لم يسبق له أبدا أن ارتدى بزة الجيش الإسرائيلي، واتهم بدعم منظمة إرهابية.
شرح الجندي لنا بأنه "يكره اليساريين". يحتمل. ولكن ذات يوم سيفهم هذا الجندي ورفاقه بأن بعضاً من الأشخاص الذين خدموهم، عرضوا حياتهم للخطر، وقاتلوا إلى جانبهم كانوا "يساريين" ممن يرون في الاحتلال مفسداً ومن يريدون الانفصال عن الفلسطينيين بسلام.
لم تكن الخليل أبداً مكاناً لطيفاً للخدمة فيه. فالعنف هو جزء منها حتى قبل قيام الدولة (انظروا مذبحة 1929 والتي قتل فيها نحو 70 يهوديا) وهكذا هي أيضا الكراهية والتطرف. وهي تعتبر معقل "حماس" واليمين المتطرف على نمط بن غفير، مارزيل، وباروخ غولدشتاين. ليس صدفة أن هؤلاء وأولئك تجذروا في هذه المدينة. قسم مهم من خدمتي العسكرية كان في هذه المدينة. أُصبت بالنار في اشتباك مع "مخربي حماس" في الخليل، وضم الطاقم الطبي، الذي استدعي من كريات أربع كي يعالجني، طبيبا يدعى د. باروخ غولدشتاين ومسعفا يدعى عوفر اوحنا، الذي قبل بضعة أسابيع فقط أُصيب بجروح خطيرة في عملية قرب كريات أربع.
بعد سنوات من ذلك عدت إلى المدينة مراسلاً للشؤون الفلسطينية، والعجيب هو أن أمرا لم يتغير هناك. العمليات، سفك الدماء، التطرف، العداء. كل شيء بقي على حاله، ربما باستثناء المزيد فالمزيد من أجزاء من مركز المدينة أغلقت في وجه الفلسطينيين.
واصل الجنود في معظمهم القيام بعملهم، وتصدوا غير مرة ليس فقط لـ "المخربين"، بل أيضا للاستفزازيين من اليسار المتطرف ومن اليمين المتطرف. هذا عمل مضنٍ، صعب، وذو متطلبات عالية. فجوار السكان اليهود مع السكان الفلسطينيين في المدينة يخلق عدداً لا يحصى من نقاط الاحتكاك، ويكاد يكون جنود الجيش الإسرائيلي في كلها هم أوائل من يكونون هناك. ولا يزال، فإن دور قادة الجيش بما في ذلك قائد لواء جفعاتي، العقيد العاد مورموتي، هو أن يوضح للجنود الشباب، أولادنا جميعا، أن لحظة قبل أن يطلق أحدهم النار بالخطـأ أو بقصد على متظاهر يساري ما أو مواطن فلسطيني بأنه ليس لهذا تجند للجيش، وأن دورهم هو الدفاع عن دولة إسرائيل ومواطنيها من تهديدات خارجية وليس من أناس رأيهم مختلف عن آرائهم.

عن "يديعوت"