توسعت التجارة وطرق العرض والطلب عما كانت عليه قديماً، اليوم يختار الزبون المنتج فإما يطلبه عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، فيصله إلى باب بيته، أو التواصل مع المعرض لاختيار ما يُريد ثم يزور المكتب وهو مطمئن بوجود طلبه بالثمن المتفق عليه.
هذه الطرق سهّلت كثيراً على المشتري حيث رأى البعض في الأمر إيجابياً كونه يُسهل ويزيد من سرعة عملية البيع والشراء، فيما يراه البعض الآخر مُكلفاً أكثر من زيارة المكان واختيار السلعة والتفاوض مع البائع على السعر، عدا عن أنّ الشراء يكون أحياناً "أون لاين" خصوصاً إذا كان المعروض من هذه السلع ليس موجوداً في محل معين، حيث تصل السلعة التي يُريدها الزبون إلى باب منزله، لكِن حين وصول السلعة يتفاجئ باختلافها عن المعروض.
وكان لعديد المواطنين تجارب كثيرة في عمليات البيع والشراء عبر الإنترنت، وقد استطلعت مراسلة وكالة "خبر" آراء بعضهم والتي جاءت على النحو التالي:
اعتماد بدح طالبة جامعية، تعشق الملابس وشراء الاكسسوارات، وكل ما هو عصري، بحكم أنّها طالبة جامعية في قسم الإعلام، وهو ما يتطلب منها أنّ تكون في أبهى صورها، حيث تقول: "أعشق شراء الملابس الحديثة وعلى خطوط الموضة العصرية، ولأنَّ دراستي تأخذ مني معظم وقتي لا يمكنني تخصيص وقت لكي أذهب للسوق لشراء ما يلزم، فأتجه لشرائها عن طريق الإنترنت".
وأضافت: "أرى أنَّ المعروض عن طريق الإنترنت أفضل بكثير من المعروض في المحلات، فأنا أختار وأرى ما يناسبني وأنا جالسة في بيتي أراجع دروسي، دون تعب أو عناء البحث في الأسواق، صحيح أنَّ الأسعار باهظة لكِنها تستهويني وأفضلها".
وبالحديث عن تجربتها في شراء المنتجات، أوضحت أنَّ معظم ملابسها قامت بشرائها عن طريق الإنترنت، وأنّها راضية كثيراً عن ما تقوم بشرائه، مُردفةً: "خزانتي مليئة بالملابس التي أحب أنّ أرتديها، ومعظمها ملابس تركية ذات خامة ممتازة".
سيد عبد الرحيم، وهو شاب يعمل حديثاً في شركة للتجارة، يقول: "لا أرى فرقاً كبيراً فيما يُعرض عن طريق الإنترنت أو ما هو موجود داخل المحلات، بل بالعكس ما يُعرض عبر الإنترنت أعلى ثمناً مما هو موجود بالمحلات، لذلك أنا أحبذ اختيار ملابسي بنفسي وقياسها مرة واثنين وثلاثة وأتفحصها جيداً، ربما تكون الخامة ليست كما هي معروضة عن طريق الإنترنت، وهذا ما واجهته مرة من المرات حيث أعجبني قميص شبابي، وكان سعره ليس باهظاً، فتواصلت مع السيدة صاحبة العرض عن طريق موقع فيسبوك، وسألتها عن الخامة وأكّدت أنّه مُطابق للصورة، فطلبته وفعلاً وصلني لباب البيت، وحين وصلني فوجئت وتذمرت كثيراً، هو فعلا يُشبه القميص المعروض، لكِن ليس نفس خامة القماشة، بل مُفصلاً بطريقة خاطئة، فلم أقبل أنّ أستلمه، لكِن عامل التوصيل أجبرني على دفع 8 شواقل مقابل التوصيل، فدفعتها دون حصولي على أيّ استفادة مقابلها، ومن بعدها لم أطلب شيئاً عن طريق مواقع التواصل وأذهب بنفسي إلى السوق لاختيار ما أريد".
سارة محمد، كانت تقف بجوار أحد المحال التجارية في سوق الشيخ رضوان، وتنظر للثوب المعروض بكل اهتمام، حيث قالت لمراسلة وكالة "خبر": "إنَّ ما يُعرض في المحال التجارية من ملابس جميل جداً، لكِن سعره مرتفعاً بعض الشيء، والمواطن في غزّة لا يملك المال في كل فصل لشراء ما يلزمه، ونحن الآن على أعتاب آخر الشهر والناس (مفلسة)".
وأكملت: "أنا موظفة علاقات عامة في مطعم والمظهر مطلوب، لكِن راتبي لا يُساعدني على شراء كل ما أحتاجه، حيث أشتري بالكاد بلوزة أو بنطلون من هذه المحلات، وباقي الملابس أشتريها من محلات (البالة) وبسعر رخيص، فهناك محلات تبيع الملابس المستعملة بحالة ممتازة، فأشتريها وأغسلها وأكويها وكأنها جديدة، وتمشي الحياة".
وما يلفت الانتباه الطريقة الجديدة التي يستقطب فيها أصحاب محلات الملابس الزبائن، عن طريق حملة واسعة من بيع الملابس بسعر زهيد جداً، ويعرضون صور لتلك المنتجات، فتنهال المئات من التعليقات لشرائها ومن ثم يتناقل المواطنون الخبر فينتشر كالنار في الهشيم، بأنّ أحد المعارض أعلن عن عروض خرافية بنصف الثمن، فيذهب الزبون على أمل أنّ يأخذ أكثر من قطعة بسعر قطعة واحدة معروضة في محل آخر، فيتفاجئ بأنَّ العرض قد انتهى أو أنّ البضاعة نفذت، فيتساءل المواطن كيف ذلك وبالأمس تم نشر العرض، كيف له أنّ ينتهي بهذه السرعة، فإما أنّ يشتري قطعة واحدة وقد خاب أمله، أو يعود إلى بيته وقد خسر ثمن المواصلات، فيغادر المحال وهو يلعن القائمين عليها ويصفهم بالكاذبين".
مراسلة "خبر" توجهت إلى أحد المحال التي نشرت حملة عروضات ضخمة لبيع الملابس بنصف الثمن، وأطلعته على ما يقوله الناس حول انعدام المصداقية في تلك العروض، وأنّ بعضهم يتوجه إلى تلك المحال فيخبرونهم بأنّ ما تم عرضه قد نفذ لزيادة الطلب عليه،
فقال أبو سميح وهو صاحب محل بيع الملابس النسائية: "إنَّ هذا الأمر يحدث بالفعل في السوق، لكِنه لا يتعامل به على الإطلاق، وربما تكون تلك الإشاعة مصدرها بعض التجار المنافسين، والذين لا يُراعي بعضهم الله في التجارة فيوهمون الزبون ويستقطبونه، وحين يطمئن لهم ويذهب لزيارتهم يختلقون له الأعذار".
وأردف: "هذا الأسلوب رخيص جداً وإنّ أحدث ضجة بين المواطنين، فستكون النتائج سلبية عند الزبون الذي يعود إلى بيته ولم يستفد من العرض، حيث ينعتهم بالكذب والخداع ومن ثم سيُحدث كل مَن يعرفهم عن طريقة تعامل هذا المعرض.
إحدى الزبائن، أخبرتنا عن تجربتها مع أحد المحال التجارية الكبيرة في غزّة والذي يقوم بحملة واسعة منذ شهر على بيع بضاعته، حيث قالت لمراسلة "خبر": "أنا من سكان مدينة دير البلح، وقد أعجبتني منتجات أحد المحال فقصدته في اليوم الثاني الذي عُرض فيه، مع العلم كان العرض مستمر لأسبوع، وأنا ذهبت في صباح اليوم الثاني، على أمل أنّ أشتري ما أحببت، فتفاجأت أنّ بعض ما تم عرضه يفتقر لخامة القماش الجيدة والبعض الآخر أخبروني بأنّها نفذ من المحل، فاستشطت غضباً ووصفتهم بالكاذبين، وبدلاً من أنّ يحاولوا تهدئة غضبي، تعاملوا معي بكل عجرفة وقلة ذوق وأمروني بالخروج من المحل، فخرجت وأنا مصممة على فضحهم عند كل من أعرفهم، حتى لا يقعوا فريسة لهم".
بإعلان واحد يمتهنون كرامة الزبون
وفي جانب آخر، وجدنا أنَّ بعض أصحاب المحال يُطلقون مسابقات وإعلانات عبر صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي والتي تعتمد على التعليق على المنشور وتأكيد الإعجاب بالصفحة ودعوة أحد آخر للتعليق، لكي يُصبح اسمه مؤهلاً للمشاركة في السحب، فتجد الأغلبية السوداء التي تُشارك وتطلب من القائمين على الإعلان بترشيحها للفوز من النساء، فوصل الحال بهن للتوسل للتجار بأنّ يفزن ويربحن تلك الجائزة التي لا يتجاوز سعرها أحيانا 50 شيكلاً، وقد لا يبدو أنّ هذا الأمر مزعجاً للبعض، أو أنّه ينتهك أيّ معايير أخلاقية في مهنة التجارة وعلاقة البائع بالمشتري، لِكن الخطير فيه سلوك بعض التجار بوضع بعض الأسماء الخاصة به والتي يعرفها من أهله ومعارفه ويطلب منهم المشاركة في المسابقة ليقوم بوضع أسمائهم ضمن الفائزين بالمسابقة، وهم فعلياً لا يحصلون على تلك الجوائز، بل يقوموا بتصويرهم ومن ثم تُعاد البضاعة للمحل، وهو بذلك يكون قد نجح في زيادة جمهوره من الزبائن في كل المناطق".
وعبر الفضاء الأزرق وتفاعل المواطنين حول الإعلانات الخاصة بالمعروضات داخل المحال التجارية وغيرها، تابع موقع وكالة "خبر" هذه الآراء: