ودعوات لحظره 

شاهد: غضب واسع حول مشاهد وألفاظ بذيئة يُطلقها "مشاهير" التيك توك في غزّة

التيك توك
حجم الخط

غزّة - خاص وكالة خبر - مارلين أبو عون

حالةً من الغضب والجدل عمّت الشارع الفلسطيني، بسبب المشاهد والمقاطع التي يتداولها ما يُطلقون على أنفسهم مشاهير برنامج "التيك توك"، وقد أظهرت هذه المشاهد لقطات ومصطلحات ومشاهد خارجة عن المجتمع الفلسطيني المحافظ، فتارة تجد مشاهد لفتياتٍ من غزّة يبثون فيديو مباشر ويتحدثن بأبشع الألفاظ عدا عن المسابقات التي تكون في البث المباشر، فإما يحكم أحد الأطراف على الآخر أنّ يقوم بخلع ملابسه وآخر أنّ يُقبل الحائط، وأخرى تُغني أو ترقص أمام مئات الآلاف من المتابعين، هذه المشاهد ليست هي فقط التي أغضبت الفلسطيني، بل أصبح الكثير من الفلسطينيين يمتهنون التسول الإلكتروني من خلال عرض بيوتهم وثلاجاتهم وغرفهم الخاصة، ويُقسمون بأغلظ الأيمان أنّهم لا يملكون ما يأكلونه ويطلبون من الداعمين مساعدتهم، فتنهال التعليقات المتعاطفة والأخرى المليئة بالشتم والقذف والتي تنعت المجتمع الفلسطيني ككل بالمتسول.

كانت البداية مع المشتركين الفلسطينيين عبر التطبيق فقط مشاهدة المقاطع القريبة والغريبة عن عادات المجتمع الفلسطيني، حتى وصل الحال بانتهاج بعض الشباب والفتيات ما يرونه ويقلدونه عبر التطبيق، غير آبهين أنّ تكون هذه المشاهد أو الألفاظ يمكن أنّ تقلب حياتهم إلى جحيم حين ينقلب المجتمع عليهم، لكِن المهم بالنسبة لهم هو كسب المال لا أكثر، وبمعرفة وموافقة أهلهم.

أحد هؤلاء الأشخاص كان يحظى بتعاطف كبير من الناس ويصفونه بـ"الغلبان" لكِنه جاء فجأة ليقسم ظهر البعير كما يقولون، وذلك ببث فيديوهات مباشرة عبر "التيك توك" والدخول في تحديات مسيئة للمجتمع وهو الوصف الأقرب للمشهد، فقد انصدم المتابعون منه حين وافق أحد الشباب المشاركين معه بالتحدي على خلع ملابسه على الهواء مباشرة، بعضهم سخر منه واصفاً إياه بالمجنون وليس على المجنون حرج، وآخرون أخدوه بمنطق آخر ودعوا الجهات المختصة لاعتقاله وكل من معه، ورغم معرفته بأنَّ الشارع الفلسطيني انقلب عليه ويُطالب باعتقاله، إلا أنّه استمر في بث هذه الفيديوهات وهذه المرة مع فتيات من غزّة، تارةً  يُصدرون بحقه حكماً بأنّ "يعوي مثل الكلب" وتارةُ أخرى أن يُقبل الحائط بطريقة مستفزة وفيها ايحاءات جنسية مثيرة  لعين المشاهد الفلسطيني والعربي. 

كما ظهرت أيضا نماذج أخرى لفتيات يتحدثن مع شباب بعد منتصف الليل عبر سهرات تُبث مباشرة فيها الضحك والسخرية والألفاظ الخارجة، دون رقيب أو حسيب وبمباركة عائلاتهم، والذين لا يهمهم سوى جمع المال ولو على حساب كرامة وشرف بناتهم أو عرض خصوصيات حياتهم على الملأ.

وما أنّ تتجول في تطبيق "التيك توك" حتى تجد أحد الشباب يعرض خصوصيات أهل بيته على الهواء ويطلب المساعدة من أغنياء العرب، ضارباُ بعرض الحائط كرامته التي قتلها في سبيل الحصول على المال.

كل ما ذكرته مسبقاً هو وصف بسيط للحالة التي يشهدها تطبيق "التيك توك" مع بعض المشتركين فيه من الفلسطينيين والذين جرفتهم حب الشهرة لإطلاق لقب "مشهور" على نفسه في حين لو سألته بماذا أنت مشهور أو ماذا تُقدم للجمهور، فلن يستطع الإجابة على السؤال، لأنّه في كل الأحوال لا يُقدم سوى الخلاعة والمشاهد الفارغة التي لا تُفيد أحد سوى أنّها تضر بالمراهقين والفتيات الذين يسارعون أحياناً لتقليد متل هذه المشاهد.

لذلك تزايدت الدعوات المحلية والعالمية لحجب تطبيق "التيك توك"، بسبب مضامينه الغير أخلاقية وتأثيره السلبي على سلوك الأطفال والمراهقين والمجتمع، وقد طالب الشارع الفلسطيني الجهات المختصة في غزّة بحظره ومحاسبة كل من تُسول له نفسه ترويج المشاهد الخليعة والألفاظ البذيئة عليه. 

واستطلعت مراسلة وكالة "خبر" ردود أفعال رواد موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، حول هذا الموضوع المقلق والمتنامي في آن واحد، وقد جاءت كالتالي:

6eba31dc-82f0-4f0f-98bf-15345e98bb68.jpeg
2583f6cb-6b5f-4cf3-b6f0-a3ef255d79de.jpeg
7d484319-5799-43c6-a1fd-67b25c2c3b46.jpeg
a5b4105f-ff1e-4df9-ab0f-4cf67c3c68fa.jpeg
e1e34b64-dd91-4384-8c48-cc20beaa1dcb.jpeg
4cdee983-5285-4a4d-9749-397b85c7c429.jpeg
aae67d82-a5e1-428a-af25-67407d3326f6.jpeg
242aaf8b-e982-42c9-b0e4-098f4bd0d1b7.jpeg
10fb94c6-8c2a-4274-869d-d02871bcdac4.jpeg
9ae4a9d0-dec2-4a2a-ae63-7157b4ee3c32.jpeg
27809323-f699-4cb2-b96f-fda3fb412be7.jpeg
90109de8-aa7e-48d9-95c7-2bf9bd8fd501.jpeg
28768cbd-b98f-4999-a6ea-b02ef048a3e7.jpeg
9a37999c-2d8b-4b54-a88b-f72533215565.jpeg
4824e6a8-1f3c-4aca-9582-9fe140e1823a.jpeg
 

وتطبيق "التيـك تـوك" يُعتبر مـن التطبيقات الحديثة بيـن تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي أطلقته الصين فـي عام 2016م، ويتميز بسهولة الاستخدام، والسـماح تقريباً لجميـع الفئات العمرية باستخدامه، مما ساعد على شدة المنافسة وزيادة نسـبة المشاهدة، أيضاً ظهور محتوى لا يلائم المجتمع العربي ككل والفلسطيني على وجه الخصوص.

وقد اكتسب التطبيق شعبية كبيرة من أغلب فئات المجتمع خاصة الشباب والصغار خلال فترة زمنية قصيرة، كما أصبح ذو تأثير كبير على حياة الأشخاص، واستطاع عبور كافة الحدود دون قيود تذكر وهذا أدى إلى استخدامه بشكل سيئ من قبل الكثيرين. 

وحصر الخبراء بعضاً من سلبيات هذا التطبيق على الفرد والمجتمع، حيث ذكرت الأخصائية الاجتماعية، نورهان أبو ماضي، بعضاً من تلك السلبيات مثل أنّه مضيعة للطاقة والوقت كون مستخدموه يقضون ساعات طويلة ويتم استنزاف الوقت والمال دون نتيجة رغم أنّ البعض يجني أموالاً من ورائه.

وأشارت أبو ماضي، في حديثٍ هاتفي مع مراسلة وكالة "خبر"، إلى أخطر تلك السلبيات وهي العري والدعارة، حيث نُشاهد بعض الفتيات الصغيرات يُظهرن أجسادهن أثناء الرقص بهدف الحصول على الأموال من خلال زيادة المشاهدات والمتابعات، مع التنويه إلى أنّ تلك الظاهرة لم تُسجل عبر مستخدمي التطبيق من الفلسطينيين.

وكغيره من التطبيقات التي ينتج الإفراط في استخدامها، ذكرت سلبية أخرى وهي العزلة الاجتماعية حيث يميل مستخدموه إلى العزلة الاجتماعية لدرجة أنّهم لا يستطيعون الاهتمام بالعلاقات التي تُحيط بهم ويُفضلون الشاشة على تلك العلاقات.

وقالت أبو ماضي: "إنّه يُمكن اعتباره مصدراً للابتزاز في ثقافة مثل ثقافة المجتمع الفلسطيني، الذي يتمثل بأنه مجتمع محافظ، فيمكن استخدام المحتويات التي تمت مشاركتها عبر هذه الأنواع من التطبيقات لابتزاز الأفراد حتى لو لم يكونوا مشتركين فيها بشكلٍ مباشر".

وأضافت: "يُمكن أنّ يُصاب مستخدميه بالنرجسية فتتملكهم جنون العظمة، وقد يصل بهم الحال إلى الاكتئاب والانتحار إذا لم يُحققوا ما يُريدونه في الوصول والشهرة، فأذا لم يقبلهم الجمهور سيميلون للانتحار والدخول في دوامة الاكتئاب". 

ونوّهت أبو ماضي، إلى أنّه لم يتوقف الأمر عند تصوير مشاهد أو سهرات ليلية خادشة للحياء، بل وصل الأمر في المشتركين في هذا التطبيق إلى حد الألم الذاتي وتعذيب النفس فأصبحت مقاطع الفيديو الخطرة، والرقص أمام القطارات أو السيارات أو التصوير من أماكن مرتفعة دون اتباع إجراءات السلامة، والتعذيب لإظهار النفس وزيادة المتابعين وما إلى ذلك، وقد لقى الكثير من مشاهير "التيك توك" والذين قاموا بتصوير مشاهد خطرة حتفهم أثناء تصوير تلك المشاهد. 

وتطرقت إلى نقطة خطيرة تستوجب من الجميع كأفراد ومؤسسات الانتباه لها، وهي النهايات المأساوية والسجن، فقالت: "قد تصل محاولات جذب الانتباه المتتبعين إلى المشاهد الفاضحة والتي تؤدي إلى قضايا مخلة بالشرف أو الدعوة إلى الفسق، والأمثلة أمام أعين كل أسرة تخشى على أبنائها من تركهم بمفردهم دون رقابة على هذا التطبيق، وهذا ما يحدث الآن في المجتمع الفلسطيني وخوف الكثير من العائلات على أبنائهم من غزو هذا التطبيق ومستخدميه لخصوصياتهم ونشر الرذيلة عبره.

وطالبت أبو ماضي، بضرورة مواجهة خطر هذه التطبيقات وذلك يتطلب رفع الوعي المجتمعي، خاصةً لدى فئتي الأطفال والمراهقين الأكثر عرضة واستخداماُ لمحتويات هذه التطبيقات التي قد يكون محتواها ضاراُ ويؤثر على سلوك المراهقين، وذلك برفع الوعي وهو مسؤولية المؤسسة التعليمية، والتربوية، والأسرة، والإعلام. 

يُذكر أنّ مجموعة من الدول حظرت تطبيق "التيك توك"، منها: "باكستان، وبنغلادش، والهند" وأخرى تدرس آلية إيقافه وحظره لأسباب سياسية واجتماعية خاصةً بها، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وآخرها كانت المملكة الأردنية الهاشمية التي أوقفته بشكلٍ مؤقت بعد إساءة استخدامه خلال إضراب سائقي الشاحنات الذي أسفر عن مقتل عقيد شرطة، حينها شهد التطبيق نشر الكثير من مقاطع الفيديو لإضراب سائقي شاحنات النقل مع وضع أغانٍ تفاعلية وحماسية لأعمال التخريب وإغلاق الطرق، ما دفع الحكومة لحظره.