"حرب خلافة" عباس..توقيتا وإدارة و"صمت" فتح؟!

1638599527-781-3.jpg
حجم الخط

 كتب حسن عصفور

 رغم أن الرئيس محمود عباس لم يلجأ الى تطبيق أي من عناصر خطابه الهام وطنيا وسياسيا في سبتمبر 2022 أمام الجمعة العامة للأمم المتحدة، ولا زال يهدد بأنه سيقوم بتنفيذ بعض ما أشار له، لكنه لا زال في طور "المقاومة الشفهية"، ومع ذلك تم فتح حرب "يهودية" علنية على ذلك الخطاب، وخاصة ما تعلق بالتذكير بجرائم الحرب التي ارتكبتها الحركة الصهيونية ودولة الكيان العنصري.

ويبدو، أن بعض رذاذ تلك الحرب التهديدية، أصابت ما رمت إليه من فرملة الذهاب نحو رسم خطة عملية لتنفيذ عناصر "خريطة الطريق العباسية"، واستبدلت بالبحث عن مظاهر تلهي التفكير السياسي، وآخرها استنباط لجنة للتحرك الدولي، عناصرها وألقابها تكشف أنها بعضا من "ملهاة داخلية" وليس بحثا عمليا، وخاصة أن المسألة التي يجب استباق ذلك، رسم خطة عمل من قبل القيادة السياسية (اللجنة التنفيذية) و (رئاسة المجلس الوطني)، ثم يتم الذهاب الى التفكير بالآليات المناسبة، وبالتأكيد ما تم إعلانه من لجنة هي آخر ما يمكن وصفها بخلية عمل جادة.

ورغم توقف قاطرة العمل التنفيذي، بدأت دولة الكيان العنصري فتح ملفاتها من أجل الذهاب نحو الهدف الذي رسمته الدوائر الأمنية الإسرائيلية مركزيا لها، لـ "نشر الفوضى" داخليا، وخاصة في حركة فتح، بصفتها العامود الفقري للمشروع الوطني الفلسطيني نقيض المشروع التهويدي التلمودي.

استهداف حركة فتح من قبل الدوائر الأمنية الإسرائيلية لم يعد استنتاجا أو تحليلا، بل جزءا مما تنشره وسائل إعلامهم العبرية، أو تصنيعه وتصديره الى وسائل إعلام متعددة، بلغات غير عبرية، لتعيد نشرها بطريقتها ثانية، منسوبة الى مصادر عربية أو فلسطينية، وبذا تبعد عنها "التهمة التقليدية" بأنه أداة التخريب الداخلي، وتثير رفضا فطريا لدى الشعب الفلسطيني، عدا فئة ضالة وجدت لغاية استخدامية.

ومنذ عدوان أغسطس على قطاع غزة واغتيال القيادي في حركة الجهاد تيسير الجعبري، أخذت حكومة الاحتلال تكشف علانية جزء من صفقاتها الخاصة مع حركة حماس، بدأت بتصريحات رئيس الحكومة المنتهية ولايته لابيد، بأنه قرر اغتيال الجعبري بعدما أدرك أنها لن تتحول الى حرب، وأن حماس لن تكون طرفا، وهو ما حدث فعلا، وسريعا ردت إسرائيل الهدية بهدايا تتعلق بزيادة التسهيلات الممنوحة لحكومة حماس.

تصريحات قيادة دولة الكيان الأمنية والسياسية، خلال الأشهر الأخيرة، تركزت أساسا على تبيان ضعف السلطة الأمني في مواجهة النمو الكفاحي، وخاصة العسكري ضد الوجود الاحتلالي، والذي بات عملا شبه يومي، وفي مناطق مختلفة بالضفة، الى جانب نمو حركة المقاومة الشعبية، ما يمثل صداعا دائما للدائرة الأمنية في دولة العدو، ولذا يرون أن "النموذج المطلوب" في الضفة ما هو قائم في قطاع غزة، التزام "أمني مطلق" وتنفيذ التفاهمات بين حكومة الكيان وحكومة حماس، دون أدني "خربشة"، وان حدث العقاب ينتظر.

لتنفيذ ما جاء في وسائل إعلام الدولة العنصرية، وتقرير استخباراتها العسكرية، حول استبدال السلطة بالضفة بحركة حماس، بدأت حملة متعددة الرؤوس ضد حركة فتح، وتسريب ما تتمكن من تسريبه حول أحاديث تنسبها الى قيادات في الحركة، بعيدا عن صدقها من عدمه، لكن الهدف الحقيقي منها هو خلق عدم الثقة بين أعضاء قيادة فتح أولا، وصناعة بؤرة من التوتر الدائم بينهم وبين الرئيس محمود عباس، كي يذهب لإجراءات انتقامية جديدة، تضاف لما سبق مع محمد دحلان وآلاف من عناصر الحركة الذين انحازوا له خيارا، والخلاف غير السري أبدا مع مروان البرغوثي الذ اختار قائمة خاصة في الترشح لانتخابات التشريعي التي لم تكتمل، مع ناصر القدوة، بعدما تم انهاء عضويته في مركزية فتح، وما حدث مع توفيق الطيراوي، وما صاحبها من تسريبات خاصة بالتحقيق في اغتيال الخالد ياسر عرفات.

اظهار أن "قيادة فتح" بدأت حرب الخلافة مبكرا، هو جزء من خطة نشر الفوضى المطلوبة إسرائيليا، بشراكة أدوات فلسطينية وخاصة الجهة التي تنتظر "وعدا يهوديا" بدور وظيفي جديد، يساعدهم سلوك مركزية فتح المرتعشة جدا أمام حملة "الهجوم المنظم" والتكاملي بين دوائر أمن الكيان وأطراف عربية وفلسطينية، ما يدفعهم المضي بخطتهم الإرباكية لحركة فتح، ومعها أجهزة السلطة ومؤسساتها الحكومية.

المفارقة الكبرى، هو توقيت حملة "حرب الخلافة" مع فوز التحالف الفاشي المستحدث، والذي أعلن بوضوح شديد، ان لا دولة فلسطينية مستقلة، وأن المنطقة "ج" التي تقارب مساحتها الـ "60%" من الضفة هي أرض إسرائيلية قانونا وأمنا، والقدس جزء من سيادتهم، مع اهتمام إيجابي بالوضع القائم في قطاع غزة، ما يشير بوضوح كبير الى جوهر تلك "الحملة" وارتباطها بالمخطط التهويدي مع تحالف الفاشيين الجدد.

موقف حركة فتح المتفرج، والمثير لكل أسئلة الريبة بصمتها، يمثل عاملا هاما في ترويج المخطط العدائي ضدها، وبالتالي ضد المشروع الوطني، وكأنها في حالة اتهام ترتعش من أي حديث حوله، وبدلا من الانتفاضة العامة لمواجهة مخطط لم يعد مجهول الغاية والهدف، لمواجهته، وخاصة أن أبناء فتح هم الأكثر تقدما لصفوف المعركة الشعبية والمسلحة ضد جيش العدو الغازي وفرقه الاستيطانية الإرهابية، تقف وكأنها "مضبوعة"، رغم امتلاكها مؤسسات إعلامية متعددة المسميات ومحطات تلفزية فضائية، لكنها تبدو كطرف "محايد" في معركة تدمير المشروع الكياني الأول فوق أرض فلسطين.

صمت قيادة فتح على ما يحدث من مخطط نشر الفوضى الاستباقية لما يسمى "حرب الخلافة"، عامل مساعد لتمريره بمظاهر مختلفة، وتشجيع أطرافه المتحالفة موضوعيا نحو الهدف الموحد، بإنهاء مرحلة الثورة والكيانية الوطنية، الى مرحلة النتوء والأداة التبعية.

صمت فتح حول حرب الخلافة التهويدي، لا يعفي الوطنيين الفلسطينيين من كل لون سياسي وفكري، من التصدي لمعركة كسر العامود الفقري للوطنية الفلسطينية، بعيدا عن "الحسابات الصغيرة"...تلك هي القضية!

ملاحظة: أثار محرك البحث غوغل وترجمته الآلية لكلمة "يهودي" بأنه شخص يحيد عن الحق ومتاجر بشكل فض، ثورة غضب عارمة داخل الكيان ومنظمات الصهيونية العالمية.. ورغم تعديل التعريف لكن اللي صار صار..ولسه ياما حنشوف!

تنويه خاص: دولة العدو الاحتلالي اعتقلت صحفي إسرائيلي يهودي لأنه وصف شاب فلسطيني نفذ عملية عسكرية في تل أبيب بـ "البطل"..تخيلوا دولة تتعنتر على المنطقة ارتعشت من تعبير لا أكثر...طبعا مش تقليل من قوتهم العسكرية.. بس للتذكير انه الهشاشة جواتهم مسكونة!