بشكل غريب خرج عن سياق "اللغة السياسية" في التعامل مع الأمم المتحدة وجمعيتها العامة، أطلق رئيس "الحكومة الفاشية المكثفة" بنيامين نتنياهو، تصريحا أقل ما يمكن اعتباره أنه "شاذ سياسيا وعقليا"، بوصفه قرار الجمعية العامة حول تحويل ملف "ماهية الاحتلال" لأرض فلسطين الى "العدل الدولية" بأنه قرار "حقير".
ليس مفاجئا ابدا الهوس والهستيريا التي يصاب بها قادة الكيان الغازي لأرض دولة عضو في الأمم المتحدة، ليس بسبب قوته بل بحكم الرعاية التي يتمتع بها خارج القانون، من قبل الولايات المتحدة، التي تراه رأسها السام في المنطقة والشرق الأوسط.
ما تحدث به رأس الطغمة الفاشية، تكثيف لجوهر هذا الكيان وعلاقته بالشرعية الدولية، الذي لا يقيم لها وزنا ولا اعتبارا، بل يحاول استخدامها كيفما يريد وفقا لمصالحه، ما دام لا يجد ردعا مباشرا، أو محاسبة على أفعاله الاستخفافية والاستحقارية لمنظومة الشرعية الدولية.
أن يعلن نتنياهو وحكومته "الفاشية" عدم التزامه بالقرار، فتلك لا يوجد بها مفاجئة أبدا، كون الكيان بالأصل لم يلتزم بأي من قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، التي ربما هي الأكثر تجاه قضية محددة فيما صدر عنها منذ عام 1947، لكنها لا تجد لها سبيل التنفيذ، ليس فقط بسبب الرعاية الأمريكية – الأوروبية، بل وأيضا عدم القدرة العربية على فرض قرار لصالحها عبر فلسطين.
اعتبار نتنياهو قرار تحويل ملف ماهية الاحتلال لأرض فلسطين الى "العدل الدولية" بأنه قرار "حقير"، يكشف من حيث سقط هوسا سياسيا، قيمة ذلك القرار سياسيا وقانونيا، وأنه ربما يمثل قاطرة نحو تطوير المواجهة القانونية – السياسية، مع تنامي المواجهة الشعبية، لفرض حصار على الكيان العنصري.
قادة الكيان العنصري، الذين يدركون القيمة السياسية والأهمية التاريخية للقرار الذي سيكون، من محكمة العدل الدولية، وبالتأكيد سيكون لصالح دولة فلسطين، كون الإدانة كاملة الأركان، وسبق أن ورد بعضها في حيثيات قرار المحكمة الجنائية الدولية حول "جدار الفصل العنصري" يوليو 2004، مع تطور سياسي قانوني جديد، يضاف لما ورد في حيثيات قرار الجنائية الدولية، هو أن الأمم المتحدة اعترفت رسميا بدولة فلسطين كعضو مراقب، وهو ما لم يكن في عام 2004.
الحكم المرتقب، لن يخالف "الشرعية القانونية" وقرارات الجنائية الدولية، بنقل التعريف من احتلال أراضي ليست ضمن "سيادة إسرائيل" الى احتلال أرض دولة فلسطين، وهذا هو السر الأساسي الذي أدى لفقدان "اتزان" قادة الحركة الصهيونية العنصرية في دولة الكيان، ورئيس حكومتها نتنياهو.
قرار الفصل في "ماهية الاحتلال" سينتج عنه ترسيخ مكانة دولة فلسطين قانونا وفقا لمحكمة العدل الدولية، وتأسيسا على قرار الأمم المتحدة 19/67 لعام 2012، وتعزيز لمطالعة الجنائية الدولية عندما تسلمت دعاوي فلسطين في عام 2021، 2022، تستند الى أنها أرض فلسطين المحتلة.
القرار كان انتصارا وطنيا فلسطينيا بامتياز، ولعله القرار الأهم قانونا سيكون، وما سيصدر عنه لاحقا تعزيزا لمكانة فلسطين الدولة ، ما يفتح الباب لاستكمال عضويتها في الأمم المتحدة من "مراقب" الى عضو كامل الأركان، وخاصة مع التطورات التي حدثت باستلام "الفاشية الدينية والعنصرية" حكومة الكيان، ما يمثل دعما مضافا لاستمرار المواجهة القانونية السياسية دوليا.
ولعل بات مفيدا جدا، واستباقا للذهاب الى "العدل الدولية"، ان تواصل دولة فلسطين هجومها، برفع مذكرة خاصة، قانونية حول إهانة رئيس حكومة الفاشية المعاصرة في تل أبيب، للشرعية الدولية وجمعيتها العامة، باعتبار ذلك سابقة، تستوجب إحالة "أوراق دولة الكيان" العضو في الأمم المتحدة الى "مفتي الشرعية الدولية"، للنظر فيها، واتخاذ كل ما يلزم لإهانتها "المحكمة الشرعية"، ومنها طردها من عضوية الجمعية العامة كعقبة أولية الى حين اتخاذ ما يلزم، وقد يكون الذهاب الى قرار "متحدون من أجل السلام"، حول فرض قرارات الأمم المتحدة.
المذكرة القانونية السياسية، بتصريحات نتنياهو ومندوب الكيان، تجاوزت إهانة الشرعية الدولية، بأنهما ذهبا لعملية ضم صريح لأرض دولة عضو في الأمم المتحدة، ما يتطلب اتخاذ ما يلزم تجاه فعل الإهانة والضم.
دينامية الفعل العالمي يجب أن ترتكز الى دينامية فعل وطنية خاصة، تكسر "الجمود الذاتي" في التفاعل مع التطورات المتسارعة جدا في مسار الصراع، تفاعل يفتح بابا خاصا في "جدار الحصار العقلي" المفروض على الحالة الفلسطينية منذ يناير 2006.
وبعد دعوة الرئيس محمود عباس في خطابة بذكرى انطلاقة الثورة المعاصرة وحركة فتح يوم السبت للحوار الوطني، ليعلن رسميا موعد البدء بذلك، وتكليف رئاسة المجلس الوطني القيام بذلك، وداخل بقايا الوطن، في الضفة وقطاع غزة.
توازي فعل "مواجهة العدو" في الساحة الدولية مع " تنامي المواجهة الشعبية" للعدو في فلسطين، وكسر قواعد الانفصال الانقسامي، هو قاطرة الفعل العام نحو حماية المشروع الوطني في مواجهة المشروع التهويدي والمشروع البديل.
ملاحظة: مهرجان ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة وحركة فتح في قطاع غزة، رسالة سياسية الى قيادة الحركة قبل غيرها، لا يجب أن تكون خبرا لمناكفة فصيل ضل الطريق غرورا.. لكنها وفقط، رسالة ولاء وانتماء الى الوطنية الفلسطينية..رسالة الى الرئيس عباس قبل غيره..فتح تستحق فعلا مختلفا عما ساد طويلا!
تنويه خاص: خبر تدخل "سارة نتنياهو" في تعيين قيادات عسكرية وأمنية حساسة جدا داخل الكيان، ومنها رئيس الموساد، وفقا لشهادات رسمية، تمثل فضيحة نتنياهوية بامتياز..هل ستمر أم ثمنها سيكون قريبا...نعيش ونشوف!