بعد تصريحات أحمد يوسف ..بمن سينفجر كبت الحصار في غزة ؟!

12
حجم الخط

منذ أن لوحت الرايات المنقسمة فوق سماء فلسطين، والجميع كلٌ ممثل بلقبه وحزبه يتسابق في اطلاق التصريحات النارية، مُجيباً على ذاك ، والاخر لا يتوانى عن ترك حق الرد على التصريح الأول بتصريح أكثر تعميقاً للانقسام مما هو عليه .

غيوم القطيعة والانقسام تسبح في السماء دون مضايقات، بل تعتقد لوهلة أن الجميع ترك المجال لها لتجول براحتها دون انزعاج، لا نكاد نرى أن هناك قيادياً لدى أطراف الانقسام يُطلق تصريحاً يطلب من كلا الطرفين التوقف، بل تجد تبادل اللوم والقاءه على عاتق الاخر سيد الموقف .

انفجار منتظر لكسر القيد

 سلسلة طويلة من الأزمات، لا تكاد تبدأ الأولى – لا أن تنتهي- حتى تجاورها الأخرى في ابتزاز المواطن الغزي ليقع بين مطرقة الحصار الإسرائيلي وسندان الانقسام الفلسطيني.

د. أحمد يوسف القيادي البارز في حركة حماس ، كان قد كتب قبل عام عن الحالة الفلسطينية ، والتي لخصها بأنها واقع سياسي مأزوم، وإنساني مكلوم، ومستقبل بلا ملامح أو نجوم، واليوم يجدد الحديث عن هذه الحالة، مُحذراً من قطاع غزة، معتبراً إياه قنبلة بارود على شفا انفجار .

الجميع اعتاد على لغة التصريحات النارية، الرامية للتبرير أخطاء الحركة المنتمي إليها، استطاع د. أحمد يوسف، أن يتخذ مسلكاً آخر مثلما يرى الكاتب والناشط القانوني " محمد التلباني"، أن الدكتور أحمد يوسف دأب على طرح أفكار وملاحظات بطريقة مختلفة عن غيره من القيادات التي تنطق باسم حركة حماس باستخدام لغة هادئة مقبولة من أوساط مجتمعية واسعة تستخدم لغة المنطق والعقل وليس المشاعر والمواقف المتشنجة والعصبية.

و يرى الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني، أنه لا يختلف اثنان على التحذير الذي أطلقه " د. احمد يوسف "من انفجار قطاع غزة، وتحميله المسئولية لكل الأطراف خاصة الرئيس محمود عباس وحكومة التوافق .

ويضيف : د.يوسف حاكى حالة الغضب التي عبرت عنها تقارير الامم المتحدة والتي قالت أن غزة في عام 2020 غير قابلة للحياة ، واكدتها مؤشرات البطالة والفقر، ولاحظها من احتك بالسكان في قطاع غزة.

وأرجح الدجني أن "د. يوسف" أراد تحذير كل الأطراف أن الانفجار الداخلي لا يخدم المشروع الوطني وربما سيقضي على كل شيء لو وقع،  وهذه المراهنة حذر منها ايضا اللواء جبريل الرجوب عندما تحدث على تلفزيون فلسطين بقوله : "لا يمكن أن يتم التحالف مع الاقليم ضد حركة حماس، وحماس هي جزء من النسيج الوطني ويجب أن تعمل حركة فتح بأخلاقها من اجل انقاذ حركة حماس وعدم حشرها في الزاوية."

تحذير أم تخدير؟

وفي سياق تضييق الخناق على حركة حماس ، أشار " الدجني " إلى  أن حشر حماس بالزاوية لن يخدم الفلسطينيين ولا القضية الفلسطينية، بل على العكس تماما ينبغي أن يتم العمل سوياً بين كل فصائل العمل الوطنية والاسلامية من اجل استثمار وتوظيف قوة حركة حماس والمقاومة الفلسطينية في غزة بخدمة البرنامج السياسي، وهذا ما ذهب اليه الدكتور احمد يوسف في مقاله.

وفي إطار التحذيرات التي كررها "د. أحمد يوسف" ، أرجح الكاتب والمحلل السياسي حسن عبدو، أنها رسائل أكثر منها تحذيرات، ولأكثر من جهة بما فيها حركتي فتح وحماس ، مفادها أن الوقت لا يلعب لصالح الفلسطيني، وعلى الجميع أن يتحرك لحل الأزمات التي تحيط بعنق قطاع غزة بالكامل، مستبعداً أن تكون تحذيراته لولادة حركة تمرد في غزة تدعو للوقوف بوجه حركة حماس ، لأنها ظهرت سابقاً لكنها لم تتطور بالشكل الإيجابي ولم تُحدث تغييراً، كما الحراك الشبابي والسلمي أيضاً .

ويرى "التلباني" أن ما تطرق إليه د. يوسف من تحذيرات تأتي في سياق الدعوة للنزول للشارع والدعوة لاستقالة جماعية للقيادات وخروج القيادات السياسية من المشهد ربما دفعته لإصدار هكذا موقف، مشيراً إلى أنه لاحظ بهذا عودته للغة التبرير لمواقف حركة حماس، مُذكّراً ان حركة حماس لم تتحمل مجرد حراك شعبي في العالم الافتراضي، ومواقع التواصل الاجتماعي للمطالبة بتسليم المعبر وقامت باعتقالات دامت ايام عديدة لبعض رموز ذلك الحراك لزجر وردع الباقي عن ممارسة حرية التعبير عن مواقفهم وآرائهم ، فكيف يمكن السماح لحراك شعبي على الارض دون ان يواجه بقمع امني وخطاب سياسي واعلامي ضده .

المسئول يختبىء تحت طاقية الاخفاء

عشر سنوات مرّت على قطاع غزة، و الـ " لا" تستبق كل عنوان يختص بها، " لا كهرباء" ، " لا معبر" ، " لا سفر" ، " لا مياه"، " لا مصالحة" ، " لا وحدة" ، وسلسلة طويلة من " اللاءات" الغير منتهية، والقاضية على مستقبل قطاع غزة بمن فيه، فمن المسئول عنها ؟ في وجه من ستفتح القنبلة ؟

في إطار انفجار قنبلة البارود، يعتقد "الدجني" أن الانفجار لن يكون في وجه أي من الفصائل الفلسطينية، وانتفاضة القدس أثبتت ان الشباب الفلسطيني لم تنحرف بوصلته باتجاه اسرائيل، مؤكداً على أنه لن يكون هنالك أي انحراف، وحركة فتح وحماس على السواء هما حركتان وازنتان في الشارع الفلسطيني، ولا يستطيع أحد أن ينفجر بإحداهما، مرجحاً أنه سيكون ضغطاً من الشارع على هؤلاء لتنفيذ اتفاقيات المصالحة، لافتاً إلى أن المراهنة على اقصاء أي طرف للطرف الاخر لن يخدم المشروع الوطني و المراهنة على انشقاق فتح او انشقاق حماس سيضعف المشروع الفلسطيني.

والتقى معه" عبدو" في أنه لن يكون هناك انفجاراً شعبياً ضد حماس بسبب عوامل عدة، على رأسها غياب العنوان المحدد لمسئولية قطاع غزة، قائلاً :" جمهور حماس لا يجد عنواناً للتظاهر وللمطالبة بفتح المعبر مثلاً ، هل يذهب لحكومة الوفاق أم لجمهورية مصر ، أم لحركة حماس ذاتها ؟ " ، مضيفاً أن القطاعات الاخرى المعارضة لحماس أيضاً لا تجد مسئولاً محدداً تتوجه للانفجار فيه مطالبة لحقوقها.

ويرى " التلباني " أنه من الجيد ما  يطرحه " أحمد يوسف" من رؤى نقدية تُقيّم الواقع وتستشرف المستقبل بعيداً عن منطق التبرير الاعمى لكل سلوك او تصرف أو سياسة تصدر من الحركة والاعتماد على سياسة رمي المسؤولية والتقصير على الغير سواء كان هذا الغير هو اسرائيل أو السلطة الوطنية أو جمهورية مصر ، بتجاهل كامل للمسؤولية والمهام والواجبات المستحقة على الجهة الممسكة بالحكم في قطاع غزة والمتحكمة بكل صغيرة وكبيرة فيه من الناحية العملية على الارض.

لافتاً إلى الحوار حتى ينجح ويؤتي ثماره لابد له من مقومات وركائز اساسية ، والا كان مادة اعلامية وسياسية لقتل الوقت وتخدير الناس والايحاء الكاذب بان شيء ما جاري التحضير له فلا داعي لاستباق الامور او القيام باي حراك او موقف يفسد الجهد الحوار.