لماذا يقلق الاقتصاد الصيني العالم؟

1-808874
حجم الخط

ارتفعت مؤشرات الأسهم في بورصة شنغهاي بمجرد إعلان الصين نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي لثاني أكبر اقتصاد في العالم لعام 2015، وذلك بعد أسبوعين أو أكثر من الاضطراب في السوق الصينية والأسواق الآسيوية والعالمية منذ بداية العام.

إذ أقبل المستثمرون على الأسهم، ليس لأن نسبة النمو عند 6.9 في المئة نسبة جيدة، ولكن لأن تباطؤ النمو يؤشر على أن الحكومة قد تعود إلى ضخ أموال التحفيز في السوق.

ورغم أن نسبة نمو الاقتصاد الصيني ليست سيئة، مقارنة مع نسب نمو في بقية الاقتصادات الرئيسية في العالم ما بين 2 و3 في المئة، إلا أنها تبدو أقل كثيرا من نصف نسبة نمو بأكثر من 14 في المئة عام 2007.

ويكمن سر القلق العالمي من تباطؤ الاقتصاد الصيني في أسباب لها علاقة بالصين وأخرى لها علاقة بالاقتصاد العالمي.

أما صينيا، فبداية يتشكك العالم كثيرا في الأرقام الرسمية الصينية وهناك شبه اعتقاد لدى الاقتصاديين والمحللين بأن الحكومة "تعمل على الأرقام" فتقلل من نسب النمو في حالات الغليان وتحسنها في حالات التراجع.

وحسب تقديرات كثيرة تعتمد معايير عديدة (من معدلات بيع السيارات إلى قروض الاستثمار) فإن الاقتصاد الصيني لم يزد نموه عن 5 في المئة، أما الأرقام التي سبقت الأزمة المالية عام 2008 فربما كانت في الحقيقة أكبر مما أعلن.

لكن المقلق أكثر في الواقع هو في تفاصيل مكونات الناتج المحلي الإجمالي الصيني، إذ أن قطاع الصناعة يتراجع بشدة وسط تشبع إنتاجي في السوق وتراجع الطلب على الصادرات.

وإذا كان قطاع الخدمات حقق نموا في 2015 بما يزيد قليلا عن 11 في المئة فإن قطاع التصنيع نما بنحو 1 في المئة فقط.

أضف إلى ذلك أن نسبة إجمالي الدين في الصين ارتفعت من 15 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي قبل الأزمة المالية في 2008 إلى نحو 250 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الآن.

وفي الآونة الأخيرة زادة معدلات خروج رؤوس الأموال من الصين، إذ يعاني قطاعها المصرفي من زيادة الديون الرديئة وتشهد الأعمال حالات إفلاس بأعداد متزايدة.

وإلى جانب العوامل الصينية الذاتية، هناك مشاكل الاقتصاد العالمي ككل وأهمها أنه منذ الأزمة السابقة، التي لم تحل أي من المشاكل الهيكلية في النظام الاقتصادي العالمي.

واعتمد الحلول "الترقيعية" على نمو الاقتصادات الصاعدة (مثل مجموعة دول بريكس) بقيادة الاقتصاد الصيني لإخراج الاقتصاد العالمي من الركود.

ثم إن هناك تراكم لاختلالات جديدة، أهمها سوق السندات، الذي يشهد فقاعة في غاية الخطورة منذ نحو عامين.

كل ذلك يقلق العالم من تباطؤ ولو طفيف في الاقتصاد الصيني يمكن أن يقود الاقتصاد العالمي كله إلى أزمة أشد وطأة من أزمة 2008-2009 خاصة وأن العالم ليس مستعدا لها ولا يملك أدوات تخفف من قسوتها.