0.7 % فقط من الشكاوى انتهت بلائحة اتهام

هارتس : 2022 العام الأكثر قتلاً للفلسطينيين على يد الجيش الإسرائيلي منذ نهاية الانتفاضة الثانية (2 من 2)

حجم الخط

بقلم: هاجر شيزاف



رابي الابن هو أيضا جزء من إحصائية أخرى للفلسطينيين الذين قتلوا أثناء محاولة الدخول إلى إسرائيل بصورة غير قانونية من أجل العمل.
منذ آذار كثف الجيش الإسرائيلي الحماية إزاء الثغرات في الجدار التي من خلالها دخل فلسطينيون نفذوا عمليات، إلى جانب آخرين كثيرين يأتون للعمل، وزاد الجيش بشكل كبير تواجد القوات في هذه المناطق (إلى جانب بناء سور)، حيث أخذ عدد المصابين الفلسطينيين في الازدياد.
هكذا حدث بالضبط مع رأفت عيسى ونبيل غنام ومحمود عرام، الذين قتلوا أثناء ذهابهم إلى العمل. حول الأولين قالوا في الجيش إنهما حاولا تخريب الجدار. وحول عرام لم يقولوا في الجيش ذلك، بل فقط قالوا إنه حاول الدخول عبر ثغرة، وهو عمل حتى حسب تعليمات أوامر فتح النار في الجيش لا يبرر إطلاق النار.
عيسى أطلقت النار على الجزء السفلي من جسمه، لكن أيضا هذا الإطلاق ربما سيتبين بأنه إطلاق قاتل. اخترقت الرصاصة الفخذ وأصابت شريانا وبسرعة أدت إلى وفاته. نتيجة للحادثة تم فتح تحقيق في الشرطة العسكرية، الذي لم ينتهِ حتى الآن.

تشخيص إصابات
من يعرفون بيانات المتحدث بلسان الجيش فإنهم يعرفون أنه عندما يكتب "خرق للنظام" و "مواجهات"، على الأغلب يكون هناك مصابون فلسطينيون. ظهر اسم مفيد خليل (42 سنة) من بيت أمر في السياق الأول (خرق النظام). حسب الجيش دخلت سيارتان عسكريتان بالخطأ إلى القرية الفلسطينية التي توجد في منطقة بيت لحم في الليل في 28 – 29 تشرين الثاني، وعلقت هناك نتيجة خلل فني. "رشق عشرات من خارقي النظام الحجارة وألقوا عبوات مرتجلة على القوات التي ردت بوسائل تفريق التظاهرات وإطلاق النار الحية. وقد تم تشخيص إصابات"، كتب في بيان الجيش دون أن ينسبوا للقتيل خليل أي عمل معين. هذا الأسبوع أوضحوا في الجيش الرواية أكثر وقالوا إن الجنود قالوا في التحقيق إنهم أطلقوا النار على فلسطينيين قاموا بإلقاء زجاجات حارقة عليهم.
وقالت عائلة خليل إن مفيد لم يشارك أبدا في المواجهات، بل هو وصل إلى المكان من أجل مشاهدة ما يحدث ويصور، والدليل على ذلك "البث الحي في الفيس بوك" على صفحته بدأ في الساعة 23:00 في الليل واستمر أربع دقائق تقريبا.
الفيلم نفسه لا يظهر الكثير. ظهر فيه عدة أشخاص يهربون وسمعت أصوات إطلاق النار، وفي مرحلة سمع مفيد وهو يتحدث مع شخص أصيب بالشظايا.
بعد ذلك طلب منه إغلاق الكاميرا وهكذا انتهى التوثيق الأخير لحياته. الشخص الذي أصيب بالشظايا هو طارق (41 سنة). بعد شهر على الحادثة ما زالت قدمه في الجبص، دليلا على أحداث ذاك اليوم.
في الحديث معه في صالون بيته قال للصحيفة إنه كان هناك رشق للحجارة، لكن هو ومفيد شاهدا ما يحدث فقط؛ عندما قتل مفيد كانا يقفان بجانب السور، في حين أنه كان هناك جنود على سطح مبنى على بعد 150 متراً.
إطلاق النار القاتلة على مفيد غير موثق. ولكن لحظة انهياره ظهرت في فيلم لكاميرا موجودة لبقالة قريبة. في دقيقة قبل انهياره ظهر عدة أشخاص وهم يحملون الحجارة في المكان، بعضهم كانوا ملثمين. محمد بن مفيد كان في حينه في مواجهات مع الجيش في منطقة أخرى في القرية. قالوا له إن والده أصيب. "فتحت التلغرام وشاهدت صورته. كان من الواضح أنه ميت". المتحدث بلسان الجيش قال إن ظروف موته ما زالت قيد الفحص. المعنى هو أنه لم يتقرر بعد إذا ما سيتم فتح تحقيق.
مفيد كان الأول من بين الفلسطينيين الأربعة الذين قتلوا خلال 24 ساعة، أحدهم هو رائد النعسان (21 سنة) من قرية المغير. المتحدث بلسان الجيش أوضح أن النعسان قام بإلقاء زجاجة حارقة على الجنود، ورداً على ذلك أطلقوا النار عليه. ولكن أفلام نشرها مراسل "بي.بي.سي"، توم باتمان، أظهرت أن النعسان لم يقم بإلقاء أي زجاجة عند إطلاق النار عليه. صحيح أنه قام برشق الحجارة؛ في فيلم ظهر وهو يقف في مكان وهو يحمل حجراً وبعد ذلك هرب. وأطلقت النار عليه وسقط.

من يطلق النار على من؟
بمعنى من المعاني فان الـ 144 قتيلاً فلسطينياً على يد الجيش الإسرائيلي في الضفة في العام 2022 هم فقط جزء من الصورة. مشاهدة منشورات وزارة الصحة الفلسطينية تظهر 170 قتيلاً. ولكن هذا العدد يشمل كل الفلسطينيين من سكان "المناطق"، الذين قتلوا في ظروف نسبت لإسرائيل أو لإسرائيليين، في الضفة وفي القدس أو داخل إسرائيل، بما في ذلك الذين ماتوا في السجون أو على يد مواطنين إسرائيليين.
في كل ما يتعلق بالجيش عندما يموت فلسطيني فإن الجيش لا يسارع إلى تحمل المسؤولية. أحيانا يعزون في الجيش الموت لسلوك القتيل (كان مسلحا، شارك في مواجهات وما شابه)، وأحيانا يتم طرح الادعاء بأنه ربما أطلقت النار عليه وقتل، لكن الأمر لم يكن على يد الجيش، بل على يد مسلحين فلسطينيين.
الحالة الأكثر بروزاً هي حادثة قتل الصحافية شيرين أبو عاقلة. فقط بعد نشر التحقيقات في وسائل الإعلام الأجنبية اعترف الجيش بأن هناك احتمالية كبيرة بأنها قتلت على يد جندي إسرائيلي.
لكن هذه لم تكن الحادثة الوحيدة. فحسب رواية الجيش أيضا صلاح صوافطة (58 سنة)، الذي أطلقت النار عليه وقتل أثناء عودته من صلاة الفجر، قتل باحتمالية كبيرة برصاصة فلسطينية. القناصة لم يكونوا في المكان، شرحوا في الجيش للصحيفة في البداية. ولم تكن سيارات الجيش الإسرائيلي تتحرك. إذا لم يكن هذا كافيا فقد قالوا في الجيش إنه يوجد توثيق يظهر أنه في الوقت الذي أصيب فيه قام مسلحون بإطلاق النار نحوه. ولكن في تحقيق مستقل أجرته منظمة "بتسيلم"، فيه تمت مزامنة ثلاثة أفلام مختلفة تبين أنه في الوقت الذي أطلقت فيه النار على صوافطة فإن السيارات العسكرية كانت في المكان.
في الرواية التالية قالوا في الجيش إن السيارات العسكرية حقا كانت موجودة هناك وإن الجندي الذي وقف قربه أطلق النار على المسلحين.
التوثيق الذي أظهر المسلحين رفض الجيش تسليمه. "من أجل السماح لعنف نظام الأبرتهايد في إسرائيل بالاستمرار دون إزعاج"، قالت درور سدور، المتحدثة بلسان "بتسيلم"، "رسخت إسرائيل آلية طمس تعمل بضمان ألا يطلب من أي أحد تحمل النتيجة، لا الجنود في الميدان ولا ضباط الجيش ولا المستوى السياسي". في "بتسيلم" استنتجوا من التحقيق، الذي شمل أيضا أخذ شهادات وتحليل الجثة، بأن من اطلق النار على صوافطة هو جندي. المتحدث بلسان الجيش قال إنه أيضا هذه الحالة ما زالت قيد الفحص.
في ظل غياب الجنسية الأميركية أو الاهتمام الدولي، فان سؤال من قتل صوافطة سيبقى مفتوحاً، على الأقل في الوقت الحالي.
في حالة فلة مسالمة، الفتاة المتوحدة التي عمرها 15 سنة، السؤال الذي سيجد الجيش صعوبة في الإجابة عنه هو لماذا في الأصل أطلق الجنود النار عليها.
في منتصف تشرين الثاني أطلقت النار عليها وقتلت في منطقة بيتونيا، في الوقت الذي كانت فيه في سيارة مع فلسطيني عمره 26 سنة. المتحدث بلسان الجيش أصدر في اليوم التالي للحادثة بيانا بحسبه فإن السيارة التي كانت مسالمة تسافر فيها زادت السرعة وهي تسافر باتجاه القوة. "رداً على ذلك أطلقت القوة النار على السيارة"، قيل. "تم تشخيص إصابات. ظروف الحادثة قيد الفحص".
حتى في اليوم ذاته اعترف الجيش بأنه لا يعتقد أن السائق حاول الدهس بشكل متعمد الجنود (بعد ذلك أشاروا إلى أنه كان ثملا). السائق حسونة تم نقله إلى المستشفى وهناك اعتقل لبضعة أيام، وبعد ذلك تم إطلاق سراحه دون أي شروط مقيدة.
القصة التي ذكرت أعلاه ليست استثنائية جدا. فقد حدث أكثر من مرة أن الادعاء بدهس جنود، الذي أدى إلى إطلاق النار القاتلة، انتهى بأنه "ليس عملية"، وإطلاق سراح من بقي على قيد الحياة دون شروط. مثال على ذلك حادثة في بداية تشرين الأول في الجلزون. في حينه أطلقت النار وقتلت خالد عنبر وسلامة شرايعة.
وفي رده على "هآرتس"، قال الجيش إنه ما زال يتعامل مع الحادثة كـ "حادثة دهس".
يصعب شرح هذه المعاملة، بالأساس إزاء ما حدث بعد ذلك. فلسطيني ثالث كان معهما في السيارة، باسم بسبوس، بقي على قيد الحياة.
بعد بضعة أيام على نقله للعلاج في مستشفى شعاري تصيدق، تم احتجازه هناك كمعتقل. وأطلق سراحه دون أي شرط.
من المتحدث بلسان الجيش جاء رد بأن الجيش يواجه أحداثا "إرهابية" وعبوات ناسفة وزجاجات حارقة على جنود الجيش والمواطنين الإسرائيليين. "كجزء من المواجهة مع هذه العمليات العنيفة فإن قوات الأمن تستخدم وسائل تفريق التظاهرات. وفي بعض الحالات تحتاج إلى إطلاق النار. استخدام النار الحية حتى في إطار إجراء اعتقال مشبوه يتم بعد كل الاحتمالات، طبقاً لأوامر فتح النار التي تتطابق مع قواعد القانون الدولي، ومن خلال بذل الجهود لتجنب المس بغير المشاركين".
وأضافوا في الجيش إن أوامر فتح النار "يتم فحصها بين حين وآخر ويتم تحديثها حسب الحاجة".
يقوم الجيش بالتحقيق وفحص الأحداث التي يكون فيها مصابون. بشكل عام يتم فتح تحقيقات في الشرطة العسكرية إلا إذا كانت النشاطات لها طابع قتالي حقيقي أو أنه للوهلة الأولى لا يكون شك بارتكاب مخالفة من جانب جنود الجيش.
سياسة إنفاذ القانون بالنسبة لحالات الوفاة تمت المصادقة عليها في عدة أحكام من قبل المحكمة العليا".

عن "هآرتس"