في السادس من يناير الجاري، زار الوزير "الإسرائيلي" المتطرف، ايتمار بن غفير، سجن نفحة الصحراوي، لفرض ترتيباته الجديدة على الأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، والتي جرى تنفيذها بعد تمكن أسرى نفق الحرية في سبتمبر/ أيلول 2021 من انتزاع حريتهم والفرار من سجن جلبوع، بواسطة نفق حفروه في السجن.
خنق الأسرى
وأشارت الصحف "الإسرائيلية"، إلى أنَّ الترتيبات الجديدة تقضي بتخصيص ستة أسرة في طابقين لكل زنزانة، وبدون منافع وحمامات داخلها مع نصب علم الاحتلال على بوابة كل زنزانة.
ووفقاً لما نقلته الإذاعة الإسرائيلية، صباح اليوم الأحد، عن بن غفير، فإنّه لن يُسمح من الآن فصاعداً وبشكل تلقائي، لكل عضو كنيست بزيارة أسرى فلسطينيين، وبدلاً من ذلك سيسمح فقط لنائب واحد عن كل كتلة في الكنيست بزيارة الأسرى، وفق النظم التي كانت سائدة بالماضي، وبتنسيق مع مصلحة السجون.
وزعم بن غفير، أنَّ زيارات أعضاء الكنيست، لا سيما النواب العرب في الأحزاب الممثلة في الكنيست تُشكل تأييداً لهؤلاء الأسرى، ودعماً لنشاطهم، وينبغي وقف ذلك.
وكان بن غفير، قد أعلن خلال حملته الانتخابية، أنّه سيعمل على إلغاء ما وصفه بـ"الامتيازات" للأسرى الفلسطينيين في المعتقلات الإسرائيلية، مُدعياً أنّهم يعيشون في ظروف مُريحة جداً تُشبه ظروف "المخيمات الصيفية" بحسب زعمه، على الرغم من أنّ العشرات من الأسرى الفلسطينيين استشهدوا في المعتقلات بفعل الإهمال الطبي، ومنع عدد كبير منهم من العلاج.
تمرير قانون الإعدام
ويبقى المشروع الأخطر الذي يسعى له بن غفير ضد الأسرى الفلسطينيين، هو تمرير قانون "إعدام الأسرى" الذي يعود تاريخ طرحه إلى العام 2015، بحق الأسرى الذين تتهمهم سلطات الاحتلال بقتل مستوطنين و"إسرائيليين"؛ لكنه لم يلقَ تأييداً كافياً لإقراره.
وفي أكتوبر عام 2017، أُعيد طرح المشروع مرة أخرى من قبل حزب "إسرائيل بيتنا" والذي أطلق عليه "قانون العقوبات، تعديل الحكم بالإعدام للمدانين بقتل إسرائيليين"، وتم وضعه في مسار سريع للتصويت عليه من قبل اللجنة الوزارية الخاصة بالتشريع في الكنيست الإسرائيلي.
وفي نهاية عام 2018، دفع رئيس وزراء الاحتلال في حينه بنيامين نتنياهو، بمشروع القانون المذكور للتصويت عليه في الكنيست، لكنة لم يُقر في حينه. وفي ديسمبر 2022، أعلن حزب "قوة يهودية الذي يتزعمه إيتمار بن غفير، عن اتفاق مع حزب الليكود المكلف رئيسه نتنياهو بتشكيل الحكومة الجديدة والذي ينص على سن تشريع يسمه بفرض عقوبة الإعدام بحق منفذي عمليات المقاومة الفلسطينيين.
من جهته، رأى المختص في الشأن الإسرائيلي، عصمت منصور، أنَّ "بن غفير لديه مشروعين تجاه الأسرى، بالإضافة لمشاريعه الأخرى تجاه النقب والقدس وغيرها من الملفات؛ ولكن تحديدًا في ملف الأسرى لديه مشروع بشأن مسألة التضييق قدر الإمكان بشكل ملموس وضاغط عليهم".
وأضاف منصور، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "وأيضاً يُحاول تمرير قانون "الإعدام" ومحاولة إدخاله في المنظومة القضائية لدى الاحتلال وبهذا السياق وبشكل متدرج يُحاول أنّ استغلال الظروف الإعلامية والسياسية والقضائية، التي تسمح بتمرير جزء من الإجراءات، لأنَّ خطورتها بسبب أنّها تأتي ضمن إستراتيجية واضحة بالنسبة له".
وعن إمكانية إفشال النواب العرب في الكنيست قرار بن غفير، حول إلغاء زيارة النواب العرب للأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، رأى "أنَّ الاحتلال الإسرائيلي قيَّد زيارات أعضاء الكنيست؛ خاصةً بعد حملة التحريض ضدهم، خاصةً النائب باسل غطاس، حيث تم التضييق بشكل كبير عليهم وأصبحت تخضع لموافقة وزير الأمن الداخلي"، لافتاً إلى أنَّ الأمر يحتاج لنضال برلماني وقانوني؛ لأنّه يتعلق بأعضاء الكنيست والهامش المتاح أمامهم.
وبشأن إمكانية تمرير قانون الإعدام، قال منصور: "إنّه من الممكن أنّ يتم ذلك من الناحية النظرية، لأنّه دخل ضمن الخطوط العريضة لبرنامج الحكومة الإسرائيلية اليمينية الجديدة؛ لكِن هناك عوامل عديدة تمنع ذلك وفي مقدمتها الموقف الحاسم الذي تثعارضه المستويات الأمنية لدى الاحتلال؛ لأنّه سيفتح باب جهنم ضد الإسرائيليين للخطف في كل مكان".
وتابع: "عندما يكون لدى الاحتلال قانوع إعدام، سيخف الرادع ويزيد الحافز عند التنظيمات الفلسطينية لتنشيط عمليات الخطف والهجمات ضد إسرائيل في العالم"، مُشيراً إلى أنَّ كل محاولات تمرير "قانون الإعدام" السابقة باءت بالفشل.
الوحدة في مواجهة حكومة نتنياهو
وعن المطلوب فلسطينياً لمواجهة بن غفير، أوضح منصور، أنَّه بات من الضروري تغيير الأدوات والخطاب، والتقارب في ملفات مختلفة وفي مقدمتها الأقصى والأسرى والقضايا التي تحظى بإجماع ولها ثقل عاطفي وسياسي ووطني.
من جانبه، رأى مدير شبكة هدهد الإخبارية، سعيد بشارات، أنَّ "قرارات بن غفير ضد الأسرى، تصب في خانة التضييق عليهم، لإنهاء قضية الأسرى، بوصفه أنَّ زيارات الأهل والمحامين لا تليق بهم، وأنَّ معيشتهم أشبه بـ"المخيم الصيفي".
ورجَّح بشارات، في حديث لوكالة "خبر"، تمرير بن غفير لقانون "إعدام الأسرى" بسهوله؛ لأنه ربطه بالميزانية وهو أمر لا يُمكن للحكومة أنّ تسير بدونه؛ لكِن آلية التنفيذ تعتمد على حكم القضاة، مُستبعداً في ذات الوقت أيّ دور للمستوى السياسي في منع القرار، حيث إنَّ نتيناهو واليمين المتطرف هم من يُديروا سدة الحكم وهم من يقرروا وليس المؤسسة الأمنية.
وحذّر من خطورة القانون بالقول: "لن نتفاجأ في قادم الأيام، إذا تم إعدام فلسطيني، حيث لا يوجد أيّ حراك ضد مشروع بن غفير، حتى ردود الأفعال التقليدية اختفت".
وفي ختام حديثه، رأى بشارات، أنَّ مفتاح الحل لمواجهة الحكومة اليمينية، يكمن في إنهاء الانقسام، وأنّ ينضم كل طرف للآخر سواءً السلطة أو المقاومة؛ لأنّه بدون الوحدة سيكون عملنا المقاوم عبثي حتى لو كان هناك مليون عرين أسود، حيث من الصعب تحقيق نتيجة ضد حكومة الاحتلال التي تعمل كجبهة موحدة ضد الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية والـ48، لافتًا إلى أنَّ الدور سيأتي على غزّة لو تطورت الأوضاع، رغم أنّها لا تُذكر في السياق العام للأحداث في إعلام الاحتلال.