اتسم الاعلام الإسرائيلي بالدهاء والذكاء، مستخدماً أسلوب التكرار والتعمية والتلميع و عُرف برقابته الشديدة، لا يكاد لأي تصريح أو معلومة أن تخرج على العلن قبل عرضها على الرقابة الاعلامية التي تتميز في إسرائيل بأنها نموذج لتسخير الإعلام لخدمة المعركة، ويكون الخبر خاضع لمليون مراقب اعلامي وأمني ولكل خبر اهداف معينة مدروسة .
حتى أن الدعاية الإسرائيلية نجحت في تحقيق أهداف الدولة بدءاً من صياغة الرأي العام الغربي مروراً بالقيادة السياسية في الغرب والشرق، والكثير ممن عملوا في الصحافة والإعلام الإسرائيلي كانوا جنوداً في السابق وأصحاب خبرة في الشأن العسكري وهم يتعاملون بهذه الخلفية مع الشأن الإعلامي.
و هناك دائرة إعلامية كبيرة مختصة بالجيش تمثل همزة الوصل مع الصحفيين الأجانب بشكل خاص أو بشكل مباشر أو من خلال التمرير من خلال الإعلام المحلي، ولكن على ما يبدو أن فجوة ما قد حدثت في الوسط الإسرائيلي، أدى لعدم توقف وصلات " الردح " الاعلامي المسلية بين وزراء الحكومة " النتن ياهوية " اليمينية .
و البداية كانت لدى وزير التربية والتعليم الاسرائيلي "بينت" حينما قال طائراتنا المتطورة لا يمكنها ردع "كوماندوز " حماس في الانفاق خلال كلمته في مؤتمر الأمن القومي، متابعاً أن ما يهدد اسرائيل هو الجمود الفكري لدى السياسيين في اسرائيل.
وأضاف أن التاريخ الذي رسخ لديهم أن الجيش الاسرائيلي هو الأفضل في العالم جعلهم يتجاهلون تطور الاعداء حتى وجودوا الانفاق تصل الى بلدة نتيف " بلدة حدودية قريبة من غزة " .
ولكن نتنياهو لم يتحمل تلك التصريحات التي اعتبرها " المسكين " توتيرية ولم يتوانى عن حق الرد والتبرير بأن على أعضاء الحكومة جميعاً تحمل المسئولية والتجند للجهد المشترك بدلاً من نفث الشعارات الشعبوية ، ومحاولة كسب التأييد من خلال النقد السياسي على الحكومة، قاصداً أن بينت يصرّح ضد الحكومة ليكسب التفاف الشعب حوله.
وكما هو معروف أن الحلفاء والمؤيدين لن يقفوا جابناً بل سيحاول كل منهم فرد عضلاته في الدفاع ، فتابع سلسلة الردح" هرتسوغ " وصرّح مؤيدأ " بينيت "، أن حكومة نتنياهو ليس لديها حلول لجلب الأمن في اسرائيل وبعد أقوال " بينت" عليه الاستقالة .
وتتوالى السلسلة ليكملها وزير الأمن " موشيه يعلون" رداً على بينت في نفس المؤتمر من خلال التلميحات الغير مباشرة أن هناك من يسمع أفكاراً في مجلس الوزراء المصغر ويقوم بإطلاقها بالخارج " قاصداً بينت" مكملاً أن ذلك حدث خلال الحرب على غزة وهذه التصرفات " صبيانية " وعلى القيادة الحكيمة أن تتحمل المسئولية لا أن تسعى وراء اللايك ! .
ويبدو بأن هذه التصريحات " المضحكة" قد حركت مشاعر الاشتياق لدى الوسط الاسرائيلي حيث عبّر المحلل السياسي ناحوم برناع " لدى صحيفة يديعوت أحرنوت" عن اشتياقه للراحل " آريئيل شارون" واقفاً على الأطلال معبراً أنه لو كان لما تجرأ أحداً على قول ذلك ولو حاول لنال توبيخاً رسمياً شديداً .
يذكر أن هذه السلسة جعلت بعض المحللين منهم عاميت سيغال، من القناة الثانية الإسرائيلية، يتوقعون قرب انهيار حكومة نتنياهو مستدلين على ذلك أن هذه العلامة كان قد ظهرت قبل انهيار الحكومة السابقة.